لم يكن جديدا ما رواه حسين أمير عبد اللهيان كبير مساعدي رئيس البرلمان الإيراني والمساعد السابق لوزير الخارجية الإيراني، عن ذلك اليوم الذي جمع فيه المرشد الإيراني علي خامنئي كبار مسؤولي الدولة لبحث الوضع في سوريا, إذ سبقه نشر مذكرات بعنوان “رسالة الأسماك” للقائد الميداني للعمليات الإيرانية في سوريا العميد حسين همداني الذي قتل هناك في 2015.
فالمذكرات شرحت ملف إيران في سوريا منذ اللحظة الأولى لقرار دخول طهران إليها حتى إدارة العمليات العسكرية فيها. لكن تصريحات عبد اللهيان تبدو مهمة في سياقها الزمني.
ينقل عبد اللهيان أنه خلال تلك الجلسة ساد نوع من التردد لدى عدد من الحاضرين بشأن ما يقع في سوريا، لكن المرشد حسم الأمر بقوله ألا يدعوا النظام السوري يسقط.
وحتى يفهم سياق ما صرح به عبد اللهيان لا بد من الإشارة إلى ملاحظات مهمة:
1- التصريح جاء على القناة الخامسة الإيرانية، مما يعني أن المخاطب الأصلي هو الداخل الإيراني.
2- عبد اللهيان لم يشارك في الجلسة بل ينقل الكلام عن رئيسه آنذاك في وزارة الخارجية الإيرانية علي أكبر صالحي، وبهذا يكون حديثه عن مرحلة رئاسة محمود أحمدي نجاد.
3- التصريح تزامن مع ما صرح به العميد حميد محبي نائب رئيس استخبارات القوات البرية للحرس الثوري الإيراني، حيث قال إن أحمدي نجاد قال خلال فترة رئاسته إن عهد بشار الأسد انتهى و”يجب ألا ننفق أموالنا في سوريا”.
4- تشهد الساحة الإيرانية حراكا للرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد الذي يطالب بتغييرات، وقد اعتبر البعض أن رسالته إلى المرشد تجاوزت الخطوط الحمراء.
5- النقطة الأخيرة هي المتغيرات التي تشهدها الساحة السورية، سواء على المستوى الميداني أو السياسي، وقد أثارت تساؤلات في الداخل الإيراني بشأن ما حققته إيران من دعمها للنظام في دمشق؟
أهداف مختلفة
يمكن القول إن إطلاق هذه التصريحات وراءها أهداف داخلية وأخرى خارجية. ويقول الخبير في الشأن الإيراني حسين ريوران إن “مثل هذه التصريحات لها خلفية سياسية، فهي تأتي لضرب أحمدي نجاد على خلفية مواقفه السابقة، خاصة أن نجاد يشهد حالة ارتداد في موقفه من النظام”.
أما وأن المخاطب داخلي، فإن الهدف قد يكون شكلا من الرد على بعض الشعارات التي تطالب إيران بإعادة النظر في سياساتها في سوريا. ويقول الخبير الإستراتيجي حسين أنصاري فرد إن قرار خامنئي يأتي من كونه القائد الأعلى للقوات المسلحة الإيرانية، خاصة أن الجزء الأكبر من الأزمة في سوريا عسكري قبل أن يكون سياسيا.
ويضيف أن “الاستهلاك الداخلي لتصريح عبد اللهيان هو الرد على من قال إن دعم الأسد لا فائدة منه”، مشيرا إلى حاجة إيران إلى نفوذ في المنطقة لتحقيق أمنها الداخلي.
منع السقوط
بكل تأكيد، الحديث عن دور إيران في هذا الوقت بالذات في سوريا لا ينفصل عن الحراك الدائر حاليا حول الأزمة السورية، سواء على مستوى ما يقرر في دهاليز السياسة أو حتى في الميدان العسكري.
فعبد اللهيان يريد أن يضع ملامح الصورة الأولى للأزمة السورية التي لم يكن فيها إلا بشار الأسد وإيران في مواجهة المعارضة المسلحة، وخلاصة حديثه أن إيران استطاعت الحفاظ على النظام السوري وستظل لاعبا رئيسا في الأزمة حتى نهايتها.
ويرى الخبير الإستراتيجي حسين أنصاري فرد أن التصريحات الإيرانية تريد أن تظهر أن إيران وحدها لها من القوة ما جعلها تحافظ على نظام الرئيس بشار الأسد.
نور الدين الدغير
الجزيرة