يستفتح أبريل/نيسان لندن بأشنع من أكاذيبه، فوعيد الثالث من أبريل يقض مضجع بلال الشاب المسلم العشريني ذي اللحية، الذي يخشى أن يكون التهديد ضد المسلمين في ذلك اليوم بداية لحملة جديدة لا تعرف عقباها.
وفي حديثه للجزيرة نت أبدى بلال خوفه من إقدام جماعات يمينية عنصرية كارهة للمسلمين على ارتكاب جرائم بحقهم، فالرسائل التي التقط نسخة منها أثناء سيره في إحدى ضواحي لندن وتتضمن تهديدا للمسلمين اضطرته إلى تغيير مسار حياته، ليلزم هو وزوجته الحذر ويتجنب الشوارع الفرعية ويجتهد في العودة للبيت مبكرا.
وانتشرت رسائل في عدد من المدن البريطانية تحرض على الاعتداء على المسلمين في يوم سمته “يوم معاقبة المسلمين”، وتتضمن الرسائل التي وصلت إلى منازل بعض العائلات تحريضا على الاعتداء اللفظي والجسدي على المسلمين في الثالث من أبريل/نيسان، ودعوة صريحة لقتلهم، مما أحدث فزعا كبيرا في أوساط الجالية المسلمة.
التحريض على القتل
محمد كزبر رئيس مجلس أمناء مسجد “فينزبري بارك” قال إن هذه الرسالة نقلة خطيرة جدا في كراهية المسلمين، من ممارسة التشجيع على الكراهية، إلى الدعوة المباشرة لقتل المسلمين والاعتداء على كل ما يمت إلى الإسلام بصلة من أشخاص ومؤسسات ومساجد بدافع الكراهية.
وفي محاولته التدليل على حجم الخوف الذي ينتاب المسلمين، ذكّر كزبر بحادثة مقتل أحد الشباب المسلمين مؤخرا طعنا في مدينة مانشستر عقب خروجه من صلاة الجمعة، حيث يسود الاعتقاد حاليا بأن لهذه الرسالة علاقة بهذا الحادث.
وعما ينبغي للجالية المسلمة فعله إزاء هذا التهديد، قال كزبر للجزيرة نت إن على المسلمين التعامل مع هذا التهديد بجدية وتوخي الحذر، خاصة المسلمات اللاتي يمكن أن يكن أكثر عرضة للاعتداءات من غيرهن، وختم حديثه بدعوة السلطات البريطانية لأخذ هذه التهديدات على محمل الجد، واعتقال كل من يثبت دوره في هذا التحريض.
وكانت شرطة مدينة يوكشاير أكدت تسلمها قرابة ستة تقارير تفيد بتلقي عائلات مسلمة مثل هذه الرسائل، ودعت الشرطة من يمتلك أي معلومات للإدلاء بها، بينما لم يفصل مارك رولي، رئيس قسم مكافحة الإرهاب بشرطة لندن، بين هذه الحوادث والجماعات العنصرية، ورأى رولي أن هذه التهديدات تأتي ضمن سلسلة أنشطة للجماعات اليمينية العنصرية التي باتت تشكل خطرا أمنيا متصاعدا.
ووعدت الرسائل المنشورة بتقديم جوائز لمن ينفذون أعمالا عنصرية ضد المسلمين، تتراوح بين الاعتداء اللفظي إلى الرش بالحمض الحارق وصولا للقتل، وحددت درجات تقديرية لكل نوع من تلك الأعمال، وتصدر الحرق أو التفجير سلم المكافآت بواقع 1000 نقطة لمن يحرق أو يقتل مسلما.
يوم لحب المسلمين
وكرد فعل على هذا السلوك العنصري، أطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي دعوة لجعل يوم ٣ أبريل/نيسان “يوما لحب المسلمين” بدلا من كرههم، وأطلقوا وسم “هاشتاغ” #نشر الحب وليس الكراهية”، في محاولة لطمأنة المسلمين بأن المتطرفين لا يمثلون المجتمع البريطاني المعروف بالتسامح والانفتاح، وتأكيد أن المسلمين مواطنون بريطانيون وجزء من التنوع الثقافي والديني الذي تمتاز به المملكة المتحدة.
ويعكس هذا الجدل المدى الذي بلغته الجماعات العنصرية في تحريضها على المسلمين وتغذيتها لكراهيتهم وعملها الدؤوب على عزلهم. ويعد حزب الاستقلال البريطاني أبرز الأحزاب اليمينية المتطرفة في بريطانيا، وتأسس هذا الحزب عام 1993 حزبا معارضا للاتحاد الأوروبي، وتمكن في العام 2014 من الحصول على أول مقعد له في البرلمان، وحصد أعلى الأصوات في انتخابات البرلمان الأوروبي كذلك.
ومن الجماعات اليمينية أيضا حركة “بريطانيا أولا” التي انطلقت عام 2011 من أعضاء سابقين لحزب “التحالف الوطني” البريطاني، وتأسس حزب بريطانيا أولا سنة 2011 من أعضاء سابقين في الحزب الوطني البريطاني، وهو من اليمين المتطرف وأنصاره لا يتجاوزون الألف، كما لم ينجح في أي انتخابات.
يذكر أن عدد المتطرفين اليمينيين المشتبه بهم والمسجلين في برنامج لمكافحة الإرهاب ارتفع بنسبة 30% خلال عام واحد، حسب تقرير رسمي نشر بتاريخ 20 يونيو/حزيران 2017.
المصدر : الجزيرة