عمان- لطالما شكلت الغوطة الشرقية هدفاً لقوات النظام كونها تّعد احدى بوابات دمشق، وشكل وجود الفصائل المعارضة فيها تهديداً للعاصمة التي تعرضت خلال السنوات الماضية لسقوط قذائف اوقعت مئات الضحايا.
ومنذ بدء هجومها على الغوطة الشرقية، قسمت المنطقة إلى ثلاثة جيوب. وبعدما ازداد الضغط عليها، دخلت كل من الفصائل منفردة في مفاوضات مباشرة مع موسكو، انتهت باجلاء جيبي حرستا وجنوب الغوطة، فيما بدأت المفاوضات بشأن دوما.
وتوصل فصيل جيش الإسلام وروسيا الى أول اتفاق يقضي بإجلاء مدنيين من مدينة دوما، آخر جيب تحت سيطرة الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية قرب دمشق، فيما لا تزال المفاوضات مستمرة حول مستقبل المقاتلين، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس أن “الاتفاق الجزئي يقضي بإجلاء مئات المدنيين الراغبين فقط بالخروج الى ادلب” في شمال غرب سوريا. وأعلنت اللجنة المدنية المشاركة في المفاوضات مع روسيا مساء السبت عن اتفاق لـ”إخراج الحالات الإنسانية إلى الشمال السوري”، من دون أن توضح ما هي تلك الحالات وموعد بدء تنفيذ الإجلاء.
وتتفاوض اللجنة من أجل التوصل لاتفاق لتفادي شن الجيش السوري وحلفائه هجوما على مدينة دوما التي يطوقونها. وهدد الجيش وحلفاؤه باقتحام المدينة إذا لم يوافق مقاتلو المعارضة على تسليم آخر منطقة في الجيب مقابل الخروج الآمن إلى أراض تسيطر عليها قوات المعارضة في شمال غرب سوريا.
وكانت قيادة الجيش السوري أعلنت قد أن قوات الأسد استعاد السيطرة على معظم مدن وبلدات الغوطة الشرقية بريف دمشق وإنه يواصل العمليات العسكرية في دوما آخر معقل للمعارضة بالمنطقة.
الجيش السوري وحلفاؤه يهددون باقتحام دوما إذا لم يوافق مقاتلو المعارضة على تسليم آخر منطقة في الجيب مقابل الخروج الآمن إلى أراض تسيطر عليها المعارضة شمال غرب سوريا
وفي بيان نقله التلفزيون، قال المتحدث باسم الجيش إن الحملة العسكرية التي استمرت لأسابيع حققت الأمن للعاصمة وأدت أيضا إلى تأمين الطرق السريعة “بين دمشق والمناطق الوسطى والشمالية والساحلية وكذلك مع المنطقة الشرقية عبر البادية وصولاً إلى الحدود العراقية”.
وغادرت آخر مجموعة من المقاتلين وعائلاتهم جوبر وزملكا وعربين وعين ترما في وقت سابق بعد سقوط مدن أخرى ولم يتبق تحت سيطرة مقاتلي المعارضة سوى مدينة دوما .
وأظهرت لقطات للتلفزيون الرسمي كبار قادة الجيش يدخلون نفس الطريق الذي استخدمته قافلة المسلحين.
وغادر عشرات الآلاف المنطقة التي كانت تمثل مركزا تجاريا وصناعيا مهما وتعج بالحركة في ريف دمشق الشرقي والتي كان يقطنها نحو مليوني نسمة قبل تفجر الصراع .
وقالت القيادة إن العمليات العسكرية في ضواحي مدينة دوما، الخاضعة لسيطرة جماعة جيش الإسلام، مستمرة.
ومن شأن استعادة الحكومة السيطرة على دوما أن تلحق أكبر هزيمة بمقاتلي المعارضة منذ 2016 وتطردهم من آخر معقل كبير لهم قرب العاصمة. وكانت المدينة المركز الرئيسي للاحتجاجات في ريف دمشق ضد حكم الرئيس بشار الأسد والتي أشعلت الصراع قبل سبع سنوات.
وتقول المعارضة إن الجيش شن حملة جوية بلا هوادة استخدم خلالها القنابل الحارقة وغاز الكلور لإضعاف معنويات المعارضة باستهداف مناطق المدنيين.
وأشارت إن القصف العشوائي أجبرها على الإذعان والموافقة على اتفاقات استسلام تضطرهم إلى الموافقة على السلام أو المغادرة إلى مناطق أخرى خاضعة للمعارضة بعد أسابيع من القصف والحصار الذي منع الغذاء من الوصول إلى المنطقة.
وأكد الجيش من جديد أن استرداد المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة سيوقف الهجمات الصاروخية على العاصمة.
ويقول مسعفون وسكان إن القصف حول أحياء كاملة إلى ركام في مناطق كثيفة السكان حيث كان يعيش ما لا يقل عن 350 ألف شخص.
ويقول محللون عسكريون إن الهدف الرئيسي للحملة كان استكمال حزام أمني حول العاصمة. وتحاصر قوات الحكومة السورية دوما. ولا يزال هناك عشرات آلاف المدنيين في المدينة.
وينفي مسلحو المعارضة هناك إجراء مفاوضات لإخلاء المنطقة ويقولون إن المحادثات مع الجيش الروسي تهدف إلى التوصل إلى حل يسمح لهم بالبقاء في المدينة تحت حماية موسكو.
ولكن مصادر محلية قالت إن المفاوضين توصلوا إلى اتفاق مع الجيش الروسي في ساعة متأخرة من مساء السبت لنقل الجرحى من المدينة إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة في شمال غرب سوريا.
ولم يتضح ما إذا كانت هذه الخطوة ستمهد الطريق أمام التوصل لاتفاق أوسع لإجلاء المقاتلين في ترتيب مماثل لاتفاق توصلت إليه جماعة فيلق الرحمن مع موسكو وسمح لمعظم مقاتليها بمغادرة المناطق التي كانوا يسيطرون عليها.
وقال بيان الجيش “تواصل وحدات أخرى أعمالها القتالية في محيط مدينة دوما لتخليصها من الإرهاب”.
ويقول رجال إنقاذ إن الهجوم المدعوم من روسيا في الغوطة الشرقية أدى إلى مقتل ما يربو على 1600 مدني فضلا عن إصابة الآلاف. وتقول السلطات إن نحو 150 ألف شخص نزحوا من الغوطة الشرقية.
وغادر آلاف الأشخاص وبينهم مقاتلون وأسرهم ومدنيون الغوطة الشرقية إلى شمال غرب سوريا في قوافل حافلات بعد أن منحتها الحكومة ممرا آمنا إلى محافظة إدلب.
وقال كثيرون من الذين وصلوا إلى مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في رحلة شاقة عبر قرى تسيطر عليها الحكومة إن كثيرا من السكان كانوا يرشقون حافلاتهم بالحجارة والأحذية.
العرب