توازيا مع أنباء دخول خبراء دوليين أمس إلى مدينة دوما للتحقيق في هجوم كيميائي مفترض وقع قبل عشرة أيام واتهمت دول غربية النظام السوري بشنه ما دفعها لتوجيه ضربات عسكرية في البلاد، طرأ أمس مستجد على الملف السوري وسط تكثيف الاتصالات الدولية لإيجاد حلول للأزمة في سوريا حيث تحاول إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجنيد دول عربية لدخول قوات عسكرية منها إلى سوريا لتحل في نهاية المطاف محل الوجود العسكري الأمريكي ولتمويل إعادة إعمارها بعد هزيمة تنظيم «الدولة».
فقد ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن مسؤولين أمريكيين قد تواصلوا مع السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة ومصر للمساهمة بمليارات الدولارات إضافة إلى تقديم الموارد العسكرية للمساعدة في تأمين سوريا بعد هزيمة تنظيم «الدولة». كما ورد أن مستشار الأمن القومي جون بولتون اتصل بمسؤولين مصريين حول هذه المبادرة. وقال مسؤولون عسكريون للصحيفة إنه سيكون من الصعب إقناع دول عربية بإرسال قواتها إذا سحبت الولايات المتحدة قواتها بالكامل. وكان العديد من المستشارين العسكريين والمشرعين حذروا من تعليقات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول نيته الانسحاب قريبا من سوريا إذ أن سحب القوات من سوريا سيكون خطأ قد يزعزع استقرار المنطقة.
وتأكيدا للخبر فقد قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن بلاده مستعدة للمشاركة في قوة عربية للدخول إلى سوريا وإن هناك نقاشات جارية حاليا مع واشنطن حول نوعية القوات التي يجب أن تتواجد شرقي سوريا، ومن أين ستأتي هذه القوات. جاء هذا خلال مؤتمر صحافي مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في العاصمة السعودية الرياض، أمس الثلاثاء. وفي رده على سؤال بشأن ما تردد عن تفكير إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إرسال قوات عربية إلى سوريا لاستبدال الوجود العسكري الأمريكي وطلبها مساهمات مالية من دول الخليج، قال الجبير: «نحن في نقاشات مع الولايات المتحدة منذ بداية هذه السنة».
من جهة أخرى رأى خبراء ومسؤولون غربيون أن لدى محققي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الذين دخلوا الأربعاء إلى دوما بعد عشرة أيام من هجوم كيميائي مفترض في المدينة القريبة من دمشق، فرصا ضئيلة لجمع أدلة دامغة.
وبعد مضي كل هذا الوقت منذ 7 نيسان/ابريل في منطقة بات يسيطر عليها الجيش السوري الذي اتهمه مسعفون باستخدام سلاح كيميائي أوقع أكثر من أربعين قتيلا، يواجه المحققون، وفق أوليفييه لوبيك الباحث المشارك في مؤسسة البحث الاستراتيجي المختص في الأسلحة الكيميائية، «مهمة، إنْ لم تكن مستحيلة، فهي غاية في التعقيد».
وأضاف «مثل كل مسرح للجريمة، لا بد من الوصول إلى الموقع في أسرع وقت. هنا، مر وقت يفوق بكثير ما ينص عليه نظام منظمة حظر الأسلحة الكيميائية» وهو من 24 إلى 48 ساعة.
وقال إنه من جهة ثانية فالمنطقة تسيطر عليها القوات السورية والروسية «وهما المشتبه بهما الرئيسيان في هذه القضية، وهكذا يمكن أن نتخيل المسعى الهائل لتنظيف المكان».
ورجحت وزارة الخارجية الفرنسية الثلاثاء «أن تختفي أدلة وعناصر أساسية» من الموقع، مشيرة إلى تأخير سوريا وروسيا دخول المحققين الذين وصلوا إلى سوريا في 14 نيسان/ابريل. لكن روسيا نفت أي سوء نية متحدثة عن «مسائل أمنية» أخرت دخولهم.
وقال لوبيك إنه «أمر مستغرب، لو لم يكن لدى الروس والسوريين ما يؤاخذون عليه، أن ينتظروا 36 إلى 72 ساعة للسماح للمحققين بدخول الموقع بذرائع أمنية واهية. الأرجح إنه لكسب الوقت لإنهاء التنظيف».
وقال السفير الأمريكي لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية كين وارد إن «الروس ربما تفقدوا الموقع. نخشى أن يكونوا عبثوا به لإحباط جهود مهمة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لإجراء تحقيق فعال (…) هذا يطرح أسئلة جدية حول قدرة بعثة التحقيق على أداء عملها».
وقال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، إن «واشنطن تأمل أن يكون رئيس النظام السوري بشار الأسد قد استوعب الرسالة هذه المرة»، في إشارة إلى «الهجمة الثلاثية التي شاركت فيها بلاده مؤخرا».
جاء ذلك خلال اجتماع في مجلس الشيوخ، أمس الثلاثاء، شارك فيه رئيس الأركان جوزيف دانفورد.
ويناقش ماتيس ودانفورد مع أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب تفاصيل الضربة العسكرية ضد النظام السوري، بمشاركة فرنسا وبريطانيا، حسب موقع « The Daily Signal» الأمريكي.
كما يناقشان الاستراتيجية المستقبلية للولايات المتحدة في سوريا، بحضور ممثلين عن وزارة الخارجية والوكالات الاستخباراتية.
وفجر يوم 14 أبريل/نيسان الجاري، أعلنت واشنطن وباريس ولندن، شن ضربة عسكرية ثلاثية على أهداف تابعة للنظام السوري، ردا على مقتل 78 مدنيا على الأقل وإصابة مئات 7 أبريل/ نيسان الجاري، جراء هجوم كيميائي نفذه النظام السوري على دوما.
القدس العربي