دبي – تدفع السعودية باتجاه إدخال روسيا، أحد أكبر مصدري الخام في العالم، في ناد جديد لمنتجي النفط من أجل المحافظة على سوق مستقرة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تقويض دور منظمة الدول المصدرة “اوبك”، وفقا لمحللين.
ومن المفترض ان يضم “الحلف النفطي” الجديد عددا أكبر من الأعضاء مقارنة بمنظمة “اوبك” التي تضم حاليا 14 دولة، والتي سيطرت خلال العقود الستة الماضية على السوق العالمية.
ومن بين هؤلاء المحللين من يذهب إلى حد القول بأن “أوبك” باتت “على فراش الموت”.
وكانت السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، عبّرت في يناير الماضي عن رغبتها في تمديد اتفاق لخفض الإنتاج توصلت إليه 24 دولة مصدّرة في محاولة لإعادة استقرار الأسعار بعدما تراجعت بشكل كبير منذ 2014.
ودعا في موازاة ذلك ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ووزير الطاقة خالد الفالح، ومسؤولين سعوديين آخرين، إلى اتفاق ينص على تعاون طويل الأمد بين الدول المصدرة داخل “اوبك” وخارجها.
وقوبلت الفكرة بترحيب شديد من قبل دول في “أوبك”، في مقدمتها الإمارات والكويت.
وفي موسكو، قال متحدّث باسم الكرملين في مارس الماضي ان روسيا والسعودية تجريان محادثات حيال “مجموعة من الخيارات” بشأن التعاون في سوق النفط العالمية.
ومن المقرر ان يلتقي ممثلون عن الدول المصدرة داخل “اوبك” وخارجها في مدينة جدة السعودية الجمعة من أجل تقييم مدى التزام الدول الموقعة على اتفاق خفض الإنتاج بالنسب المحددة لكل من هذه الدول، مع إمكانية بحث تعاون على المدى الطويل.
وتدخل الدول المنتجة هذه المباحثات متسلحة بالنجاح الذي حققه اتفاق خفض الانتاج بعدما أعاد الاستقرار الى أسواق الخام، ما أدى الى رفع الأسعار من 26 دولارا للبرميل الى 70 دولارا.
وأشاد أمين عام “اوبك” محمد باركيندو الاثنين بنتائج الاتفاق واعتبرها “نجاحا كبيرا” ساعد في التغلب على “أسوء مرحلة في تاريخ النفط”.
ويرى الخبير الكويتي في مجال النفط كامل الحرمي انه ” دون تعاون روسيا والدول المنتجة الأخرى خارج (اوبك)، كان سيصعب على (اوبك) أن تحقّق هذا النجاح وحدها، وكان سيضطرها إلى أن تتّخذ وحدها إجراءات مؤلمة”.
وأضاف ان التعاون الجديد يبدو وكأنه “حلف سعودي روسي”.
وأدى اتفاق خفض الإنتاج الذي يقتطع 1,8 مليون برميل يوميا من مجموع الانتاج، الى اخراج 300 مليون برميل من فائض النفط من السوق، والى خفض مخزونات الخام الى نحو 50 مليون برميل.
وقال وزير النفط العماني محمد الرمحي في مؤتمر للنفط في الكويت الاثنين ان سر نجاح الاتفاق يكمن في الالتزام بخفض الإنتاج، لكنه حذّر من ان “المهمة لم تنته بعد”، داعيا المنتجين إلى مواصلة التعاون للمحافظة على المكتسبات الأخيرة.
وبالنسبة إلى الخبير في مجال النفط في جامعة “جون هوبكنز” الأميركية جان فرنسوا سيزنيك، فان “أكبر مورّدين للنفط العادي في العالم، السعودية وروسيا، يستطيعان العمل معا من أجل الإبقاء على الأسعار في مرحلة من الاستقرار، أو الدخول في حرب عبر زيادة الإنتاج والقضاء على سوق الخام الصخري، والقضاء على نفسيهما في الوقت ذاته”.
وذكر أن “المقاربة المنطقية والذكية الوحيدة هي في إبقاء الأسعار مستقرة”.
وانهارت الأسعار في 2014 بعدما رفض منتجو النفط، وخصوصا السعودية، خفض الإنتاج من أجل المحافظة على حصصهم في السوق وسط منافسة قوية من قبل النفط الصخري الاميركي، ما أدى إلى تخمة كبيرة في السوق.
وفي وقت لاحق، أقدم السعوديون على خطوة معاكسة حيث قاموا بخفض الإنتاج إلى مستوى أقل من حصتهم من السوق من اجل إبقاء اتفاق خفض الانتاج على قيد الحياة وضمان نجاحه.
ووصف باركيندو التحالف الجديد بأنه يفتح “فصلا جديدا” في تاريخ قطاع النفط.
وقال ان منتجي النفط سينظرون في الأشهر المقبلة في امكانية “اضفاء طابع مؤسساتي على اطار العمل هذا” وضمان مشاركة واسعة.
من جهته، أعلن وزير النفط الاماراتي سهيل المزروعي الشهر الماضي ان حكومته تريد وضع “مسودة ميثاق” مع نهاية عام 2018، بهدف “ان تبقى هذه المجموعة متماسكة لوقت اطول”.
كما تحدث الفالح عن “تمديد إطار العمل الذي بدأناه (…) إلى ما بعد 2018″، معتبرا ان التحالف الجديد سيوجه رسالة مفادها ان السعودية تريد العمل “ليس فقط مع 24 دولة” بل مع دول اخرى عبر دعوتها للانضمام إلى الحلف. لكن المحللين يرون ان النادي النفطي الجديد قد يضعف دور “أوبك”.
ويوضح حرمي ان “أوبك” خسرت “بعضا من بريقها بعدما انضمت روسيا إلى اتفاق التعاون. لقد كانت رسالة بسيطة مفادها أنها (اوبك) لا تستطيع انجاز العمل وحدها”.
ويذهب سيزنيك أبعد ذلك، قائلا إن “أوبك” قد تكون “ماتت بحكم الأمر الواقع”.
بدوره يقول أنس الحجي الخبير في قطاع النفط في هيوستن انه مع ولادة التحالف الجديد، لن تبقى منظمة “اوبك” مركز القوة في قطاع النفط.
ويوضح ان “أوبك” في دورها “كناد لمنتجي النفط ومركز أبحاث، لن تنتهي، لكن السؤال هو حول من سيكون مصدر القوة: السعودية وروسيا”.
العرب