قال فيلسوف أوروبي إنهم في الغرب لم يعودوا “يؤمنون محقاً” بالدين رغم أن الكثيرين منهم يمارسون طقوساً دينية أكثر من أي وقت مضى من باب احترام الأعراف الثقافية لمجتمعاتهم.
وبمناسبة مرور مئتي عام على ميلاد فيلسوف الاشتراكية الألماني كارل ماركس الذي يوافق اليوم الخامس من مايو/أيار من كل عام، كتب الباحث والفيلسوف السلوفيني سلافوي جيجيك مقالا بصحيفة ذي إندبندنت تناول فيه بعض الآراء الفكرية لأبي الماركسية.
يقول جيجيك “فيما يتعلق بالدين، فإننا لم نعد نؤمن به حقاً، نحن نمارس فقط بعض الطقوس والأعراف الدينية في إطار احترام نمط حياة المجتمع الذي ننتمي إليه. واليهود الملحدون على سبيل المثال يمتثلون لأحكام تناول الطعام الحلال (الكوشر) احتراماً للتقاليد”.
ولعل مقولة “إنني لا أؤمن بهذه الأمور لكنها جزء من ثقافتي ليس إلا” تبدو الصيغة المهيمنة والسمة السائدة في عصرنا الحاضر”. وكلمة “ثقافة” هي المصطلح الذي يُطلق على كل تلك الأشياء التي يمارسها البشر دون إيمانهم بها فعلاً، ومن غير أخذها على محمل الجد.
وهذا هو السبب الذي يدعونا لوصف المؤمنين الأصوليين بأنهم “همجيون” أو “بدائيون” ومعادون للثقافة، ويمثلون تهديدا للثقافة ذلك أنهم يؤمنون إيماناً راسخاً بمعتقداتهم.
وتساءل الكاتب في المئوية الثانية لميلاد ماركس صاحب مقولة “الدين أفيون الشعوب” عما إذا كانت نظرياته ما تزال ماثلة حتى اليوم. وفي رده على ذلك يقول إن الإجابة هي نعم من حيث المبدأ.
وأضاف “إذا أمعنا النظر في هذا التساؤل فإننا سنجد أن نقد ماركس للاقتصاد السياسي وتلخيصه للقوى المحركة (ديناميات) للرأسمالية ما تزال “صائبة” بل يمكن للمرء أن يذهب إلى أبعد من ذلك بالزعم بأن أفكاره تلك تظل سديدة تماما في ظل سلطان الرأسمالية العالمية على عالم اليوم.
وما كان لماركس أن يتخيل أن ذوبان الهويات كجزء من ديناميات الرأسمالية سيتحول إلى هويات إثنية.
ويمضي الكاتب إلى أن ممارسة الطقوس الدينية لا تعدو أن تكون تمسكاً بأهداب ثقافة مجتمعية ما سواء كان ذلك من قبيل الاعتقاد بها أو غير ذلك.
وهذه هي الكيفية التي تعمل بها الأيديولوجية في عصرنا هذا “الذي ينعدم فيه الضمير” ومن ثم “فلا يتوجب علينا أن نؤمن بها” يقول جيجيك.
ويخلص إلى أن لا أحد يأخذ الديمقراطية أو العدالة بجدية كبيرة “لأننا ملمون بفسادها، لكننا مع ذلك نمارسها. وبعبارة أخرى، نحن نعرض أفكارنا فيها لأننا نفترض أنها (الديمقراطية والعدالة) ناجحتان حتى لو لم نكن نؤمن بهما”.
الجزيرة