هل قامت شركات بانتهاك العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران؟ وهل قامت بعض الشركات بإنشاء أخرى وهمية للتحايل على هذا العقوبات؟ وما قصة الهيكل الشبح الذي تم إنشاؤه ليكون وسيطا وهميا بين بعض الشركات الأميركية والإيرانية نفسها؟
في هذا الإطار، ذكرت مجلة فورين بوليسي الأميركية أن تاجرا عسكريا أميركيا أنشأ “هيكلا شبحيا” للقيام بأعمال تجارية مع إيران.
ويقول الكاتب آدم زاغورين في مقال تحليلي بالمجلة إنه من المتوقع أن يحكم مكتب المحاسبة الحكومي الأميركي قريبا في عقد متنازع عليه قيمته أكثر من مليار دولار لتوفير الغذاء والدعم اللوجستي للقوات الأميركية في الشرق الأوسط.
وسيمثل القرار أحدث تحول في معركة تتعلق بالصفقات اللوجستية العسكرية الأميركية العملاقة التي يعود تاريخها إلى ما يقرب من عقد من الزمان، والتي تتضمن مزاعم بخرق العقوبات والفساد والاحتيال.
خدمات لوجستية
كما قد يكون الحكم أيضا مزعجا لوزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) التي واجهت لسنوات انتقادات بشأن عقودها مع شركات الخدمات اللوجستية المملوكة للخليج، والتي استخدمها الجيش لتموين القوات المنتشرة في المنطقة.
ويعود الجدل الأخير إلى يناير/كانون الثاني الماضي عندما منحت وكالة الدفاع اللوجستية الدفاعية التابعة للبنتاغون عقدا لتأمين الإمدادات الغذائية بقيمة 1.38 مليار دولار، لشركة تابعة لشركة رابطة الكويت والخليج للنقل (كي جي إل)، التي كانت منذ فترة طويلة نقطة ربط لوجستية للقوات الأميركية في المنطقة.
لكن هذا العقد جاء بعد أسابيع فقط من اعتراف أحد كبار محامي شركة “كي جي إل” في محكمة أميركية بأن الشركة كانت قد أقامت قبل سنوات “هيكلا شبحا” (شركة تكون موجودة بالاسم فقط) كوسيط لمشروع مشترك مع شريك إيراني يخضع للعقوبات الأميركية.
ويتم الإعلان عن العقد في وقت يقبع فيه اثنان من كبار المسؤولين التنفيذيين للشركة في سجن كويتي.
وقضت محكمة كويتية الأحد الماضي بحبس رئيس مجلس إدارة شركة رابطة الكويت والخليج للنقل سعيد دشتي 15 عاما ونائبته الروسية مارشا لازاريفا عشر سنوات، وذلك بتهمة الاستيلاء على المال العام.
تحقيق ورقابة
كما اجتذب العقد اهتمام الكونغرس الأميركي؛ فبعد وقت قصير من إبرامه مطلع العام الجاري، دعا عضو مجلس الشيوخ الجمهوري من ولاية فلوريدا ماركو روبيو مكتب المفتش العام في وزارة الدفاع للتحقيق في جوانب واسعة من أعمال شركة “كي جي إل”، حيث حصل مشروع الرقابة الحكومية الأميركي على نسخة من خطاب روبيو.
وفي ظل المنافسة القاسية للفوز بأعمال الحكومة الأميركية المربحة، فإن شركة “كي جي إل” ومنافسيها يعملون في بعض الأحيان على حافة القانون. وفي حين تدرس الولايات المتحدة فرض المزيد من العقوبات على إيران، وإنهاء الاتفاقية النووية التي تعود إلى عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، فإن اعتراف “كي جي إل” مؤخرا في الشهادة يشير إلى مشاكل أعمق مع المتعاقدين العسكريين الأميركيين في الشرق الأوسط، ويزيد من قلق الكونغرس.
ويشير المقال إلى أن الكشف الإيراني الأخير ليس هو المرة الأولى التي تتورط فيها شركة “كي جي إل” في خلاف؛ فالتقارير المتعلقة بهذه الشركة تشير إلى أن علاقاتها غير القانونية مع إيران تعود إلى سنوات عديدة، مما أدى إلى إطلاق تحقيقات لسنوات من جانب مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) وجهاز التحقيق الجنائي للدفاع في البنتاغون، ويبدو أن هذا التحقيق المشترك يعود إلى 2011 على أقل تقدير.
لكن لم تصدر أي وكالة بيانا عاما بشأن النتيجة، أو إذا كانت هذه التحقيقات لا تزال مستمرة.
وتدور هذه الادعاءات بشأن علاقة شركة “كي جي إل” مع خطوط شحن جمهورية إيران الإسلامية (آي آر آي إس إل) والشركات التابعة لها مثل شركة “والفجر” للملاحة البحرية اللتين تعرضتا للعقوبات الأميركية في سبتمبر/أيلول 2008 بسبب مساعدتهما في برامج الأسلحة النووية والصاروخية الإيرانية.
اتهام وتسريب
واتهم محامي منطقة مانهاتن في الولايات المتحدة في 2011 المسؤول التنفيذي الرئيسي لشركة “آي آر آي إس إل” محمد مقدامي فارد بغسيل الأموال وتزوير السجلات وجرائم أخرى، بيد أنه لم يحاكم قط.
وفي العام نفسه، كشفت رسائل البريد الإلكتروني المسربة عن وجود صلات بين فارد وكبار المسؤولين التنفيذيين في شركة “كي جي إل”، مما يدل على أنه ساعد في إدارة المشاريع المشتركة لهذه الشركة.
وردا على أسئلة بشأن علاقاتها مع إيران من البنتاغون وأعضاء الكونغرس ومجموعة مراقبة العقوبات، قالت شركة “كي جي إل” إن هذه المزاعم جزء من حملة تشويه، معلنة أنها قطعت كل علاقات العمل بالكيانات الخاضعة للعقوبات.
ويمضى التحليل في سرد تفاصيل هذه القضية، وما يتعلق بهذه الشركة الوهمية أو “الهيكل الشبح” بإسهاب، وعن إدراج الحكومة الكويتية شركة “كي جي إل” على القائمة السوداء.
وتستدعي رسالة روبيو طلب المفتش العام الأميركي التحقيق في ما إذا كانت شركة “كي جي إل”، أو الشركات التابعة لها “قد انتهكت أي عقوبات أميركية مفروضة على إيران”، وسط عدم تعليق أو رد العديد من الجهات على ما تثيره هذه القضية وهذا التحليل من جدل.
المصدر : الجزيرة,فورين بوليسي