واشنطن– يحدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء مصير الاتفاق النووي الايراني التاريخي، وقد ينفذ تهديده بالانسحاب منه رغم التحذيرات الدولية/ ويعيد فرض عقوبات على الجمهورية الإسلامية.
ويتوقع مراقبون ودبلوماسيون أن يعلن الرئيس الأميركي عند الساعة 14,00 بالتوقيت المحلي (18,00 ت غ) من البيت الأبيض انسحابه من الاتفاق الذي يمكن ان يخلف تداعيات كبرى على العالم، إلا في حال حصول تغيير في اللحظة الأخيرة.
وقال مسؤول في البيت الأبيض إن ترامب قد يعلن انسحابا جزئيا من الاتفاق، وأن يمضي في فرض العقوبات على إيران.
وانتقد ترامب مرارا الاتفاق الذي يهدف إلى الحد من برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
والإثنين، أعلن ترامب، عبر صفحته على “تويتر” موعد الإعلان عن قراره النهائي بشأن الصفقة النووية مع إيران، إذ سيعلن قراره من داخل البيت الأبيض الساعة 14:00 بالتوقيت المحلي في واشنطن.
ويقول كل الموقعين الآخرين على الاتفاق الذي يصفونه بأنه “تاريخي” إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تقوم بعمليات تفتيش في ايران تؤكد بانتظام التزام طهران ببنود الاتفاق الهادف لضمان الطابع السلمي للبرنامج النووي الايراني.
وأجمعت الصحف الغربية على أن ترامب قادم على إلغاء الاتفاق أو تعليقه في أسوأ الأحوال.
ويبدو أن المحادثات المكثفة التي جرت منذ أشهر بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين وصلت إلى طريق مسدود مع رفض برلين ولندن وباريس إعادة صياغة الاتفاق.
وذكرت صحيفة التايمز البريطانية ان ترامب يستعد لإعلان إلغاء الاتفاق النووي مع طهران الثلاثاء، متجاهلا كل التحذيرات التي وجهت إليه، وآخرها ما ذكره وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون.
وتوضح الجريدة أنه ليس من المعروف حتى الآن ما هو خيار ترامب التالي بعد إلغاء الاتفاق وتتساءل هل سيقوم ترامب بفرض عقوبات جديدة على إيران؟
منطقة مشتعلة
فيما اعتبرت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي إن إضعاف الاتفاق النووي مع إيران سيلهب منطقة مشتعلة.
وذكرت بارلي في مقابلة مع راديو (آر.تي.إل) الفرنسي أن الاتفاق ليس مثاليا لكنه نجح في تعليق البرنامج النووي العسكري لإيران وأن الإيرانيين يحترمون الاتفاق.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الاثنين “نحن مصممون على إنقاذ الاتفاق لأنه يحافظ على الحد من الانتشار النووي”، فيما عبر نظيره الألماني هايكو ماس عن مخاوف من أن يؤدي فشل الاتفاق إلى “تصعيد” في الشرق الأوسط.
وعمليا، سيقرر ترامب ما اذا كان سيستمر في تجنب فرض عقوبات على البنك المركزي الايراني والقطاع النفطي الايراني، وهو إحدى ركائز الاتفاق النووي.
ومن شأن قرار ترامب العودة الى زيادة العقوبات على ايران أن يخلف تداعيات دولية واسعة بالغة الخطورة، إذ سيزيد صعوبة الاقتصاد الايراني المنهك أساسا، ويصعد التوترات في الشرق الاوسط ويوسع الخلاف بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.
“ثغرات”
منذ أن كان مرشحا جمهوريا للرئاسية، وعد ترامب بإلغاء الاتفاق الذي ابرمته ادارة سلفه باراك اوباما، منتقدا وجود “ثغرات رهيبة” فيه.
في يناير، أمهل ترامب الأوروبيين حتى 12 مايو لتشديد بعض النقاط الواردة في الاتفاق: عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية والرفع التدريجي اعتبارا من 2025 لبعض القيود على الأنشطة النووية الإيرانية، لكنه انتقد الاتفاق أيضا لأنه لا يتطرق بشكل مباشر إلى برنامج الصواريخ البالستية الايرانية ولا إلى دور طهران الذي يعتبره “مزعزعا للاستقرار” في الشرق الأوسط.
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “مقتنع بأننا نتجه نحو قرار سلبي”، مشيرا إلى ان باريس تستعد الآن “لخروج جزئي او كامل” للولايات المتحدة من الاتفاق.
وكان ماكرون زار واشنطن قبل أسبوعين في محاولة لإقناع نظيره الأميركي بعدم التخلي عن الاتفاق، مقترحا في الوقت نفسه التفاوض مع ايران حول “اتفاق جديد” يأخذ القلق الاميركي في الاعتبار. وأيدت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل هذا الموقف.
ماذا ستفعل ايران؟
وتبقى معرفة ما ستفعله ايران في حال انسحاب واشنطن من الاتفاق.
حتى الأن اعتمدت ايران مواقف متفاوتة بين التشدد والاعتدال، وقال أحد مستشاري مرشد الجمهورية آية الله علي خامئي الخميس إن ايران ستنسحب من الاتفاق اذا نفذت واشنطن تهديدها.
لكن الرئيس الايراني حسن روحاني أكد الاثنين ان بلاده يمكن أن تبقى في الاتفاق النووي الإيراني حتى إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب منه شرط أن يضمن الأطراف الآخرون تحقيق أهداف طهران.
وكان روحاني أعلن الاحد أن واشنطن ستندم “ندما تاريخيا” اذا انسحبت من الاتفاق، مؤكدا أن بلاده تسعى لعلاقات بناءة مع العالم لكنها ستواصل التنمية المحلية رغم العقوبات المحتملة.
وعقد مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان الإيراني) صباح الثلاثاء جلسة مغلقة لمناقشة الاتفاق النووي، ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) عن عضو الهيئة الرئاسية في المجلس محمد علي وكيلي القول إن رئيس المجلس علي لاريجاني قدم شرحا للنواب حول الاقتصاد الدولي والقضايا المحلية وخيارات إيران في حال انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي “خطة العمل المشترك الشاملة”.
وقال ولي الله سيف على التلفزيون الرسمي الإيراني “نحن مستعدون لكل الاحتمالات. إذا انسحبت أميركا من الاتفاق فإن اقتصادنا لن يتأثر”.
وبعيدا عن ردود الفعل الأولى، يرتقب ان تبدأ في الكواليس مرحلة مشاورات جديدة. وقال وزير الخارجية الأميركي الجديد مايك بومبيو الثلاثاء “لا يزال هناك الكثير من الجهود الدبلوماسية للقيام بها”.
الأسهم الأوروبية مستقرة
فتحت الأسهم الأوروبية مستقرة إلى حد كبير الثلاثاء مع تأهب المستثمرين قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران وهي خطوة قد تعرقل إمدادات النفط العالمية.
وبحلول الساعة 0738 بتوقيت جرينتش، نزل المؤشر ستوكس 600 للأسهم الأوروبية 0.05 بالمئة، وسط فورة من نتائج أعمال الربع الأول وصفقات الاندماج والاستحواذ أدت لتحركات حادة في أسعار بعض الأسهم.
وعلى مستوى الأسهم الأوروبية القيادية ارتفع سهم يونيليفر 1.9 بالمئة مسجلا أفضل أداء بعد أن أعلنت الشركة بدء برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة ستة مليارات يورو.
وفي لندن صعد سهم شاير 2.8 بالمئة بعد أن قالت تاكيدا للأدوية إنها اتفقت على شراء المجموعة مقابل 45.3 مليار استرليني (61.50 مليار دولار) بعد أن رفعت نسبة المبلغ النقدي الذي ستسدده.
ونزل سهم سكاي 1.1 بالمئة بعد أن أبلغت كومكاست الأمريكية المفوضية الأوروببة رسميا بعزمها التقدم بعرض لشراء مجموعة قنوات التلفزيون المدفوع البريطانية.
العرب