تُظهر أرقام أعلنتها منظمة الدول المُصَدِّرة للنفط «أوبك» أن تخمة المعروض النفطي العالمي قد انتهت تقريبا، وهو ما يرجع في جانب منه إلى اتفاق خفض الإمدادات الذي تقوده المنظمة منذ يناير/كانون الثاني 2017، والزيادة السريعة في الطلب العالمي.
على الرغم من هذا، ذكر أحدث تقرير للمنظمة البلدان أن الدول المُنتَجة تنفذ خفضا أكثر من المطلوب بموجب الاتفاق، في حين أشار إلى أن جهات منتجة لا يشملها الاتفاق مثل شركات النفط الصخري الأمريكية بدأت تواجه قيودا على إنتاجها المستقبلي.
وأبلغت السعودية، أكبر مُصَدَّر للنفط الخام في العالم والتي تقود أوبك فعليا، المنظمة بأنها خفضت إنتاجها في أبريل/نيسان إلى أقل مستوى منذ دخول اتفاق خفض الإمدادات حيز التنفيذ في يناير 2017.
وذكر تقرير «أوبك» أن احتياطيات النفط التجارية في الدول الصناعية الأعضاء في «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» هبطت في مارس/آذار إلى تسعة ملايين برميل فوق متوسط خمس سنوات، انخفاضا من 340 مليون برميل فوق ذلك المتوسط في يناير 2017، لدى بدء تطبيق اتفاق الخفض.
وقالت المنظمة «تلقت سوق النفط دعما في أبريل من تجدد المشكلات الجيوسياسية وانخفاض مخزونات المنتجات وقوة الطلب العالمي».
وساعد الاتفاق المبرم بين «أوبك» وبعض الدول المنتجة خارجها، بقيادة روسيا، لخفض الإمدادات وتصريف تخمة المعروض، في وصول أسعار الخام إلى 78 دولارا للبرميل، وهو أعلى مستوى لها منذ 2014. ووصل سعر النفط في تداولات أمس الإثنين فوق 77 دولارا للبرميل، متخذا اتجاها صعوديا منذ صدور التقرير.
كان الهدف من خفض الإمدادات تقليل مخزونات النفط لتصل إلى متوسط الخمس سنوات. لكن وزراء نفط قالوا ان هناك مقاييس أخرى يجب أن تؤخذ في الحسبان، مثل الاستثمارات في القطاع، مشيرين إلى أنهم لا يتعجلون تخفيف القيود المفروضة على الإمدادات.
وأظهر التقرير أن «أوبك» تخفض في الوقت الراهن الإمدادات بمعدل أكبر من الذي التزمت به بموجب الاتفاق.
وبموجب أرقام تجمعها أمانة المنظمة من مصادر ثانوية، ارتفع إنتاج «أوبك» بنحو 12 ألف برميل يوميا فقط في أبريل إلى 31.93 مليون برميل يوميا. ويقل ذلك تقريبا بنحو 800 ألف برميل يوميا عن الكمية التي تقول أوبك إن العالم يحتاجها من المنظمة هذا العام. وأظهرت الأرقام الواردة بشكل مباشر من الدول الأعضاء خفضا أكبر من ذلك في الإنتاج.
فقد قالت فنزويلا، التي انخفض إنتاجها بشكل حاد بسبب أزمة اقتصادية، ان إنتاجها انخفض بمقدار 1.505 مليون برميل يوميا في أبريل، ويعتقد أن ذلك هو أقل مستوى لإنتاجها منذ عقود.
وقالت السعودية أنها خفضت الإنتاج بمقدار 39 ألف برميل يوميا ليسجل 9.868 مليون برميل يوميا، وهو الأدنى منذ سريان اتفاق خفض الإمدادات وفقا للأرقام الواردة في تقارير الرياض للمنظمة.
وساعد النمو القوي في الطلب بفضل تحسن الاقتصاد العالمي على التخلص من التخمة. ورفعت «أوبك» توقعاتها لنمو الطلب العالمي قليلا هذا العام إلى 1.65 مليون برميل يوميا.
وتسبب ارتفاع أسعار الخام في نمو إمدادات المنتجين المنافسين وسيل في إمدادات النفط الصخري الأمريكي. وتتوقع المنظمة نمو الإنتاج من خارجها بمقدار 1.72 مليون برميل يوميا هذا العام، وهو ما يزيد على نمو الطلب العالمي. لكنها تتوقع عقبات أمام النمو في المستقبل، ومن بين تلك العقبات بطء وتيرة الاستثمارات في قطاع النفط في ظل توقعات أيضا بأن يلحق بذلك تقلص في الاستثمار في النفط الصخري.
وجاء في تقرير المنظمة ان «النمو السريع في إنتاج النفط الصخري الأمريكي تواجهه قيود لوجيستية مُكلفة بشكل متزايد، فيما يتعلق بالطاقة الاستخراجية من مواقع الإنتاج غير الساحلية».
وبالإضافة إلى أثر الخفض الذي تقوده «أوبك»، فإن القرار الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي الدولي مع إيران، وتجديد فرض العقوبات على طهران، أثار مخاوف بشأن صادرات النفط الإيرانية، مما ساعد على ارتفاع الأسعار.
وأشارت «أوبك» في تقريرها إلى أنها على استعداد للتدخل إذا أثرت «التطورات الجيوسياسية» على الإمدادات. وقالت السعودية الأسبوع الماضي أنها مستعدة لتعويض أي نقص في الإمدادات، لكنها لن تتحرك بمفردها.
وقالت المنظمة «تقف أوبك، كدأبها دائما، على أهبة الاستعداد لدعم استقرار سوق النفط، جنبا إلى جنب مع الدول المنتجة للنفط غير الأعضاء في المنظمة والمشاركة في إعلان التعاون».
لندن – رويترز