تشهد العاصمة العراقية بغداد نشاطا واضحا من اللقاءات والاتصالات على مختلف الأصعدة لترتيب المشهد السياسي الجديد بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم السبت الماضي، وقد يكون للجنرال الإيراني المبعوث إلى العراق قاسم سليماني قول فصل في هذه المرحلة.
إذ تفيد الأنباء أن سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني يجري حاليا في بغداد مشاورات مع قوى وتيارات مختلفة لإعادة تشكيل “التحالف الوطني” الذي كان يضم القوى الشيعية الرئيسية في البلاد، غير أن تفاصيل المشهد الذي تريده إيران والشخصيات التي ستنال تأييدها لا تزال محل تكهنات.
ويرى مراقبون أن مهمة سليماني صعبة بسبب تعدد الكتل الشيعية من جهة، والخلافات الكبيرة داخل البيت الشيعي من جهة أخرى.
ووفق المعطيات، يبدو تحالف النصر (بقيادة رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي) وتحالف سائرون (بقيادة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر) وتحالف الحكمة (بقيادة رئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم) الأقرب لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر عددا، مع انضمام قوى سنية وكردية إليهم.
في المقابل، هناك جهود لإبرام اتفاق بين ائتلاف دولة القانون (بقيادة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي) وتحالف الفتح (برئاسة القيادي في الحشد الشعبي هادي العامري)، وتشير بعض المصادر إلى أن الطرفين وصلا إلى مراحل شبه نهائية لإنشاء التكتل الجديد.
اختلاف الكتل الشيعية
ويؤكد عضو المكتب السياسي لتيار الحكمة رعد الحيدري أن قاسم سليماني وصل إلى بغداد مؤخرا وأجرى اتصالات مكثفة مع مختلف القوى الشيعية لحثها على إعادة تشكيل التحالف الوطني، لكنه يرى أن “الرغبة الإيرانية هذه المرة ستقف وتصطدم بالاختلافات الحاصلة بين الكتل الشيعية في رؤيتها ومناهجها الانتخابية والسياسية”.
وقد انطلقت الأحد الماضي جولات التفاوض بين مختلف القوى السياسية، مستندة إلى قرار المحكمة الاتحادية العليا عام 2010، التي قضت بأن الكتلة التي تكلف بتشكيل الحكومة هي أكبر كتلة تتشكل بناء على توافقات سياسية بعد الانتخابات، وليست الكتلة الفائزة بأكبر عدد من مقاعد البرلمان.
ولا يخفي القيادي في تيار الحكمة رعد الحيدري وجود تدخلات أو تأثيرات إيرانية وأميركية على المشهد السياسي العراقي، مشيرا إلى أن “سفراء الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وإيران أجروا لقاءات منفردة مع رؤساء الكتل للاستفسار عن السيناريوهات المطروحة لتشكيل الحكومة”.
عزل الصدر
ويدور الحديث أيضا داخل البيت الشيعي عن إمكان إقامة تحالف بين قوائم العبادي والمالكي، ربما على أساس رغبة إيرانية مفترضة في عزل قائمة الصدر، التي تصدرت نتائج الانتخابات.
من ناحية أخرى، يتحفظ عباس الموسوي المستشار الإعلامي لنوري المالكي في الحديث عما دار من مشاورات بين المالكي والعامري في الأيام الأخيرة.
وقال الموسوي إن “ائتلاف دولة القانون قطع أشواطا كبيرة من المفاوضات مع بعض الكتل القريبة من توجهاته الرامية إلى تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية”، وأضاف أن “تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر عددا ما زال قيد التفاوض ويحتاج إلى مزيد من البحث مع القوى الفائزة”.
وأشار إلى أن الإعلان عن هذه الكتلة سيأتي بعد استكمال جميع نتائج الانتخابات البرلمانية من قبل مفوضية الانتخابات، لكنه نوه بأن “الفتح والحكمة وأطرافا كردية (لم يسمها) تبدو الأقرب للانضمام إلى الكتلة الجديدة”.
من جانب آخر، يرى النائب السني المرشح في ائتلاف النصر محمد العبد ربه أن “الحراك الذي يجري الآن بين القوى السياسية المختلفة لم يصل إلى الجدية، لأن نتائج الانتخابات ما زالت غير معلنة بشكل كامل”، لكنه يشير إلى أن “القوى السنية لديها رغبة كبيرة في المشاركة في الحكومة المقبلة”.
وبيّن العبد ربه أن “ائتلافي النصر وسائرون باتا الأقرب لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر عددا والتي سيعلن عنها بعد استكمال جميع نتائج الانتخابات”، مضيفا أن “هناك قوى سنية وكردية ستدخل ضمن هذه الكتلة التي ستشكل الحكومة المقبلة”.
ولفت إلى أن “تحالفي سائرون والنصر فيهما الكثير من المرشحين السنة والكرد، مما يسهل عملية انضمام القوى السنية والكردية إليهما”، مستبعدا انضمام تلك القوى إلى كتلة المالكي والعامري المحتملة.
المصدر : الجزيرة