باريس – حذّرت فرنسا، أحد أهم حلفاء واشنطن الأوروبيين، من احتمال نشوب “حرب” في منطقة الشرق الأوسط بسبب قسوة العقوبات الأميركية على إيران، التي من شأنها أن تدفع طهران إلى إطلاق عنان ميليشياتها في كل من العراق وسوريا واليمن لضرب المصالح الغربية، فيما يشير محللون إلى أن العقوبات الأميركية لا تعدو أن تكون سوى وصفة تمهيدية لإسقاط النظام.
صرّح وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الأربعاء، بأن السياسة الأميركية بشأن إيران ستشجع المتشددين على حساب المعتدلين في طهران وستزيد من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، تزامنا مع إعلان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لحزمة من الشروط لرفع العقوبات عن إيران، وصفها العديد من المراقبين، بوصفة تمهد لإسقاط النظام في طهران.
وقال لودريان إن “هذه المجموعة من العقوبات التي تنظم ضد إيران لن تسهل الحوار، بل بالعكس، ستشجع في إيران قوة المحافظين، وهذا يضعف الرئيس حسن روحاني الذي يريد التفاوض”.
وأضاف الوزير الفرنسي “في نهاية المطاف هذا التموضع يمكن أن يعرّض المنطقة لخطر أكبر مما تواجهه اليوم”.
ووعدت الولايات المتحدة الاثنين، بفرض عقوبات جديدة على إيران هي “الأقوى في التاريخ” إذا لم تلب طهران سلسلة مطالب قاسية من أجل التوصل إلى “اتفاق جديد” حول برنامجها النووي بعد الانسحاب الأميركي من النص الموقع في 2015.
وسيؤدي انسحاب واشنطن من الاتفاق إلى إعادة فرض سلسلة من العقوبات الأميركية على الشركات التي تتعامل مع طهران، بينما يعول الرئيس روحاني على اتفاق جديد لإخراج بلده من العزلة وإنعاش اقتصاده.
وكرّر الوزير الفرنسي مخاوفه من “انفجار إقليمي” بسبب ترابط الأزمتين السورية والإيرانية، ورد بـ”نعم”، على سؤال عما إذا كان هناك “خطر اندلاع حرب”.
وقال إن “إطلاق صواريخ إيرانية متمركزة في سوريا، في العاشر من مايو على منطقة في الجولان الذي تحتله إسرائيل، تلاه رد إسرائيلي واسع في هذا البلد”، مضيفا “كل الشروط اجتمعت لاحتمال حدوث انفجار إذا وقع حدث ما ربما عمدا ربما عن غير عمد”.
وتأتي التحذيرات الفرنسية من وقوع “حرب” في منطقة الشرق الأوسط بعد “القسوة” الأميركية على إيران لتغذي التكهنات حول احتمالات استعداد الولايات المتحدة للدفع من أجل تغيير النظام في طهران، في الوقت الذي يحض فيه مسؤولون أميركيون ومن بينهم وزير الخارجية، الإيرانيين على “الاختيار بأنفسهم” للحكومة التي يريدونها.
وقال بومبيو الاثنين، إن على “الشعب الإيراني اختيار نوع القيادة التي يريدها بنفسه”، وذلك بعد يوم على تحديده إجراءات قاسية مخصصة لمواجهة طهران ومن بينها ما وصفه بأنه “أقوى عقوبات في التاريخ” ضد الجمهورية الإسلامية.
ولم يدعُ خطاب بومبيو بصورة صريحة إلى تغيير النظام في طهران لكنه حث الشعب الإيراني أكثر من مرة على عدم تحمل زعمائه وخص بالاسم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، قائلا “وفي نهاية المطاف سيكون على الشعب الإيراني اختيار من يتزعمه”.
ويرى محللون أن قسوة العقوبات الأميركية المقبلة والتي تتوعد بعزل إيران عن الشريان الاقتصادي والمالي الدولي، ستقود إلى تفجر الأورام الداخلية التي ظهرت أعراضها في المظاهرات التي اندلعت في العشرات من المدن الكبرى في إيران خلال شهري ديسمبر ويناير الماضيين. ويعتبر الخبراء أن لهجة بومبيو الحادة والهجومية بمثابة تقديم لاستراتيجية تهدف إلى إطلاق عملية هدم النظام الذي ولد بعد ثورة عام 1979 الإسلامية التي أنهت العلاقات الأميركية الإيرانية.
وقالت الناطقة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت إن سياسة الولايات المتحدة “ليست تغيير النظام”، لكنها أوضحت أن واشنطن “ترحب” بحقبة جديدة في طهران.
وأضافت نويرت “إذا كان على الشعب الإيراني أن يختار في المستقبل من أجل إظهار وجهة نظره، فمن المؤكد أنه مرحب به لفعل ذلك”، مشيرة إلى أن “الإيرانيون عاشوا منذ زمن طويل في ظل نظام أساء معاملته”.
العرب