في 12 أيار (مايو)، أجرى العراق انتخاباته الوطنية الرابعة منذ العام 2003. وظهر أكثر من 10 ملايين شخص في مراكز الاقتراع. وقد صوت الرجال والنساء على حد سواء بحرية -وهو أمر نادر الحدوث في الشرق الأوسط، وشيء يمكن أن يفاخر به العراقيون. وعلى الرغم من انخفاض نسبة المشاركة عما كان متوقعا، فقد اتجه الناخبون إلى اختيار القوائم العابرة للطوائف بدلا من المجموعات العرقية أو المذهبية التي هيمنت على الانتخابات السابقة.
وقد تسابقت أنا بنفسي في جميع المحافظات الثماني عشرة، وفاز تحالفنا بمقاعد في 14 من تلك المناطق، وهو أمر لم تتمكن أي قائمة أخرى من تحقيقه. وفي حين أنها توجد مخالفات تحتاج إلى معالجة من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فقد ناشدت جميع الأطراف بضرورة احترام النتائج النهائية ومعالجة أي شكاوى من خلال الإجراءات القانونية الواجبة.
سوف تبذل حكومتي كل ما في وسعها لضمان أن يتم الانتقال إلى الحكومة القادمة بطريقة مستقرة وشفّافة، مما يوفر الأساس لنظام ديمقراطي قوي قائم على حكم القانون. وقد دعوت إلى الحوار مع الائتلافات الأخرى لتشكيل حكومة مبنية على المعايير التالية: أجندة قائمة على الإصلاح مبنية على السياسات الناجحة للحكومة الحالية؛ تحقيق الازدهار الاقتصادي، والحفاظ على موقفنا الدبلوماسي غير المنحاز مع البلدان الأخرى على أساس المصالح المتبادلة، وحماية مكاسبنا الأمنية، وضمان عدم عودة الجماعات الإرهابية إلى البلاد. ولن أفكر في أي وقت من الأوقات في العمل مع أولئك الذين هم إما ملطخون بالفساد أو الذين يُعرفون بالطائفية. ويجب أن يكون أي وزراء محتملين من التكنوقراط، ويجب أن تكون الحكومة الجديدة غير نخبوية بوضوح، وممثلة للشعب بدلا من أن يهيمن عليها جانب واحد أو طائفة.
هناك ثلاثة مخاوف تشكل أولوية بالنسبة لكل عراقي، أيا كان موقعه: محاربة الفساد؛ وتوفير فرص العمل؛ وتحسين تقديم الخدمات. وهذه هي نفس الأولويات التي ألتزم بها. وتتطلب معالجتها يدا ثابتة، ومنظورا مستنيرا وصبرا لمواصلة المسيرة. وخلال السنوات الأربع الماضية، وإلى جانب تحرير بلدنا من الإرهاب، ومساعدة النازحين داخلياً على العودة إلى ديارهم، وتحسين الأمن إلى أفضل مستوى له منذ العام 2003، قمت بقيادة حكومتي في العمل الجاد الضروري لتحقيق هذه الأهداف. وقد أخذنا على عاتقنا تحمل هذه الالتزامات على الرغم من انخفاض أسعار النفط إلى مستويات تاريخية، مما أدى إلى اتخاذ تدابير تقشفية ضرورية من أجل إخراجنا من الأزمة المالية. وقد أصبحنا الآن في وضع أفضل كأمة. فقد هزمت قواتنا الأمنية الأعداء الذين كانوا يهددوننا، ونحن نقف على أهبة الاستعداد لإعادة بناء بلدنا واقتصادنا.
كنت قد قلت في تشرين الأول (أكتوبر) أن أمتنا ستبقى موحدة، وقد فعلَت. وتعهدت بأن تقام الانتخابات في وقتها المحدد في كل جزء من البلد، وقد أقيمت. ووعدت شعبنا بأننا سنقوم بتحرير أرضنا من الإرهاب، وتم الوفاء بهذا الوعد. وأنا أعلن الآن لشعبنا أن السنوات الأربع القادمة سوف تشهد تحولاً هائلاً في العراق، إذا كانت الحكومة المناسبة في سدة السلطة. وتقوم رؤيتي على إصلاح اقتصادنا وهزيمة الفساد، وتوفير الوظائف للملايين من الشباب الذين يشكلون أغلبية سكاننا، ومواصلة تحسين الخدمات العامة، وضمان متابعة حقوق الإنسان وتمكين المرأة بفعالية، وبسط العدالة على الجميع. وإذا ما تم اختياري رئيساً للوزراء مرة أخرى، فسوف أناضل من أجل تحقيق هذه الإنجازات الحاسمة في كل يوم أقود فيه البلد.
كان المجتمع الدولي داعماً للعراق على مدى السنوات الأخيرة. ونحن نتطلع الآن إلى توسيع هذه الشراكة لجعلها صفقة أفضل للجميع عن طريق التركيز على الروابط الاقتصادية والتنمية المستدامة. إن الاقتصاد العراقي متعطش للنمو. وقد أظهر مؤتمر الاستثمار الأخير في الكويت أن ما يصل إلى عشرات الملايين من الدولارات من الاستثمار الأجنبي جاهزة لتخصيصها لمؤسسات القطاعين العام والخاص على حد سواء. وسوف يكون قدوم عراق مستقر وتقدمي أمراً جيداً لكامل منطقة الشرق الأوسط، كما أنه سيؤدي إلى إحداث تأثير اقتصادي إيجابي في كل الدول الأخرى، بما فيها الولايات المتحدة، من خلال الحفاظ على الأمن الإقليمي، وخلق الوظائف، والنهوض بالصناعات التحويلية، وزيادة إمكانية التصدير. الآن، لم يعد العراق بحاجة إلى المساعدة، وهو جاهز للعمل مع الدول الأخرى لتحقيق المنفعة المتبادلة لاقتصاداتنا.
كرئيس للوزراء، سوف ألتزم بإبقاء العراق على مساره الحالي نحو التعافي وبناء مستقبل أفضل. وأتعهد بحماية شعب العراق عن طريق تجنب الصراعات الإقليمية ورفض التدخل في شؤوننا الداخلية، بينما نحترم نحن بدورنا سيادة الدول الأخرى. لقد أصبح العراق حراً اليوم، ويستطيع شعبه أن يختار قادته وأن ينتقدهم من دون خوف من التداعيات. وتم استبدال جيل كامل من المشرعين والسياسيين الآن بوجوه جديدة، ويفخر ائتلافنا بأنه كان في المقدمة من هذا التغيير. ونحن مستعدون الآن للعمل مع الأطراف الأخرى التي فازت أيضاً بولايات من شعبنا لتشكيل حكومة جديدة. يستطيع عراق مستقر ومزدهر أن يلعب دوراً رئيسياً في جعل المنطقة والعالم مكاناً أفضل. ويجب أن يحظى هذا الجهد بدعم شركائنا الإقليميين والدوليين، الذين نأمل في أنهم سيدعمون أجندتنا للإصلاح من أجل خلق عراق جديد.
ترجمة الغد