تواصل طهران سعيها لتجميع كتلة برلمانية كبيرة، تستطيع الحصول على تكليف تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، بعد انتخابات عامة في 12 من الشهر الجاري، فازت بمركزها الأول قائمة مدعومة من رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، المعروف بنفوره من إيران.
وعلمت “العرب” من مصادر سياسية رفيعة في بغداد أن “طهران مهتمة بالتواصل مع ممثلي الأحزاب الكردية في بغداد، وكلفت سفيرها في بغداد بالتفاهم معهم”.
وتقول المصادر إن السفير الإيراني إيرج مسجدي عقد اجتماعات منفصلة مع وفدين كرديين، يمثل الأول الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، ويمثل الثاني حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي أسسه وترأسه لعقود الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني.
وحاول السفير الإيراني في العراق استمالة الحزبين الرئيسيين في المنطقة الكردية إلى جانب “الفتح” برئاسة هادي العامري و”دولة القانون” برئاسة نوري المالكي، فيما تكشف المصادر أن الاتحاد الوطني كان أقرب إلى الاستجابة.
ويرتبط مؤسس الاتحاد، جلال الطالباني، بعلاقات وثيقة مع الجانب الإيراني، ويوصف بأنه أحد أهم حلفاء طهران في العراق.
وتشير المصادر إلى أن استجابة الأكراد للدعوة الإيرانية بالانضمام إلى تحالف العامري والمالكي، تتعلق بمصالح كل منهما في مدينة كركوك، المتنازع عليها بين الأكراد والتركمان والعرب، والغنية بالنفط.
وعرض الإيرانيون إعادة النفوذ الكردي في كركوك إلى ما كان عليه قبل تنفيذ استفتاء الاستقلال في الخامس والعشرين من سبتمبر الماضي.
وكانت القوات العراقية فرضت في السادس عشر من أكتوبر سيطرة كاملة على كركوك، بعد إصرار البارزاني على إجراء استفتاء على الاستقلال، قاد إلى سلسلة عقوبات اتحادية على الإقليم الكردي.
وعمليا، لا تتعلق مصالح البارزاني في كركوك بشعبيته المحدودة، أو نفوذه الأمني، الذي كان يتركز في محيط بعض الحقول النفطية، بل بصيغة لتصدير نفط المنطقة الكردية، بمعزل عن سيطرة الحكومة الاتحادية.
ويمكن أن توفر الصفقة الإيرانية هذه الاستقلالية النفطية للبارزاني، لكنه حتى الآن لم يحسم أمره.
ولتسريع جهود التقارب، احتضن العامري في منزله بالمنطقة الخضراء، لقاء حضره المالكي، وشارك فيه الوفدان الكرديان اللذان يزوران بغداد للمشاركة في مفاوضات تشكيل الحكومة.
وقالت مصادر مطلعة على تفاصيل اللقاء، إن المجتمعين أقروا امتلاكهم نحو 150 مقعدا في البرلمان العراقي الجديد، بعدما أعلن الوفدان الكرديان أنهما يفاوضان عن 60 نائبا كرديا، موزعين على قوائم كبيرة وصغيرة، ما يعني الحاجة إلى نحو 15 نائبا آخر لضمان أغلبية تمرير الحكومة.
ومع ذلك، تؤكد المصادر أن جبهة مقتدى الصدر وحيدر العبادي ما زالت بانتظار موقف البارزاني، وربما يعقد لقاء قريب بين الجانبين.
ولا يقف تعويل الإيرانيين عند الأكراد فحسب، بل يمتد ليشمل السنة أيضا.
وتشير المصادر إلى إمكانية انضمام حزب الحل، بزعامة جمال الكربولي، الذي يحتكم على نحو 20 مقعدا في البرلمان الجديد، إلى ائتلاف يشكله العامري والمالكي.
وفيما لو تأكد التحاق إياد علاوي، زعيم القائمة الوطنية، بهذا التحالف، فإن عدد مقاعد السنة فيه ستقفز إلى أكثر من 30، ما يوفر أغلبية مريحة.
في المقابل، تتحدث المصادر عن “تفاهمات أولية” بين الصدر وأسامة النجيفي، زعيم تحالف القرار، الذي يمتلك 13 مقعدا في البرلمان الجديد، وسليم الجبوري الذي يمتلك 7 مقاعد في البرلمان الجديد، للدخول في تحالف الكتلة الأكبر الذي يعمل على تشكيله تحالفا “سائرون”، و”النصر”.
ووفقا لآخر المعطيات، فإن القوى الشيعية الرئيسية الفائزة في الانتخابات اصطفت في جبهتين متقابلتين، تضم الأولى ائتلاف “سائرون” الذي يدعمه الصدر بـ54 مقعدا، وتحالف “النصر” الذي يتزعمه رئيس الوزراء حيدر العبادي بـ42 مقعدا، فيما تضم الثانية تحالف الفتح بزعامة هادي العامري المدعوم إيرانيا بـ47 مقعدا، وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي بـ25 مقعدا.
ومع التقارب الكبير الذي يبديه عمار الحكيم، زعيم تيار الحكمة، الحائز على 20 مقعدا في الانتخابات، مع كل من الصدر والعبادي، يبدو أن الجبهة الأولى أوفر حظا في تشكيل الكتلة الأكبر.
ولكن طهران مدركة لدقة هذا الوضع، لذلك تعمل على تعزيز حظوظ الجبهة الثانية بقوائم من خارج الوسط الشيعي.