صعّد تنظيم الدولة الإسلامية من هجماته على نقاط تجمع ومواقع للجيش السوري وحلفائه في البادية السورية، ما خلف العشرات من القتلى بينهم مقاتلون روس، في عمليات أعقبت إجلاء عناصر التنظيم الجهادي من أحياء في جنوب دمشق إلى هذه المنطقة.
ومني التنظيم المتطرف بخسائر ميدانية كبرى على جبهات عدة في سوريا، حيث لم يعد يسيطر سوى على جيوب صغيرة يقع أبرزها في منطقة البادية الممتدة من شرق مدينة تدمر الأثرية (وسط) حتى جنوب محافظة دير الزور (شرق)، بيد أنه لا يزال يشكل تحديا كبيرا.
وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ الثلاثاء مقتل 76 من الجيش السوري وحلفائه بينهم مقاتلون روس وإيرانيون، إثر هجمات متفرقة نفذها التنظيم على مواقعها واشتباكات عنيفة بين الطرفين.
ووقع الهجوم الأكثر دموية الأربعاء في محافظة دير الزور مخلفا 35 قتيلا من الجيش والداعمين له من بينهم تسعة مقاتلين روس، وفق حصيلة للمرصد نشرها الأحد.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن “هاجم مقاتلون من تنظيم داعش الأربعاء رتلا لقوات النظام وقوات روسية حليفة أثناء توقفه في نقطة جنوب غرب مدينة الميادين، ما تسبب بمقتل 26 من قوات النظام بالإضافة إلى تسعة مقاتلين روس″.
ويتوزع القتلى الروس وفق عبدالرحمن “بين قوات رسمية روسية ومقاتلين مرتزقة”. وتعد روسيا أبرز حلفاء النظام السوري وتقدم له دعما سياسيا ودبلوماسيا وعسكريا، وتؤمن الغطاء الجوي لعملياته الميدانية.
وتفيد تقارير كذلك بمشاركة مرتزقة روس في القتال إلى جانب النظام. كما تتولى شركات أمن روسية خاصة حماية حقول النفط الواقعة تحت سيطرة هذا الأخير، بحسب المرصد.
تنظيم الدولة الإسلامية لديه القدرة والامكانية على استجماع شتاته مجددا في ظل استمرار الأزمة السورية
وتبنى التنظيم في بيان نشره على تطبيق تلغرام تنفيذ الهجوم على القوات الحكومية وحلفائها مؤكدا “باغتهم جنود الخلافة بهجوم استخدمت فيه مختلف أنواع الأسلحة”.
وقال إن الرتل ضم “شاحنات تقل مؤناً وآليات مزودة برشاشات ثقيلة” كانت في طريقها باتجاه الحدود السورية العراقية.
وجاءت حصيلة المرصد السوري الأحد بعد وقت قصير من إعلان وزارة الدفاع الروسية عن مقتل أربعة جنود روس جراء هجوم قالت إنه وقع في محافظة دير الزور، من دون أن تحدد تاريخه أو مكانه تحديداً.
لكن صحيفة محلية في مدينة شيتا في سيبيريا أفادت في عددها الأحد عن جنازات أقيمت لأربعة جنود، قالت إنهم قتلوا في سوريا الأربعاء.
ونقلت وكالات أنباء روسية عن بيان لوزارة الدفاع أن اشتباكاً اندلع حين “هاجمت عدة مجموعات إرهابية متنقلة مجموعة مدفعية للقوات السورية الحكومية”.
وبحسب الوزارة، فإن اثنين من القتلى الروس قضوا على الفور إثر الهجوم وهم من “المستشارين الروس الذين يديرون المدفعية السورية” بينما أصيب خمسة آخرون بجروح نقلوا على إثرها إلى مستشفى عسكري روسي، توفي اثنان منهم متأثرين بجروحهما في وقت لاحق.
وبحسب وزارة الدفاع، استمرت المواجهات بين الطرفين قرابة الساعة، قتل خلالها 43 من العناصر المهاجمة. وبحسب الأرقام الرسمية، قتل 92 عسكرياً روسياً في سوريا منذ بدء موسكو بتدخلها العسكري.
وزاد التنظيم من وتيرة هجماته المباغتة خلال هذا الأسبوع. وأحصى المرصد مقتل 11 عنصراً من القوات الحكومية والمسلحين الموالين لها جراء هجمات استهدفت ليل السبت الأحد نقاط تجمع في منطقتين مختلفتين في بادية دير الزور.
كما تسلل مقاتلون من التنظيم الثلاثاء من جيب تحت سيطرتهم شرق مدينة تدمر إلى موقع للجيش في البادية السورية، ما أدى إلى اندلاع مواجهات قتل على إثرها 26 عنصرا من بينهم مقاتلون إيرانيون، وفق المرصد.
ووقع هذا الهجوم غداة إجلاء مئات المقاتلين من مخيم اليرموك وأحياء مجاورة في جنوب دمشق برعاية روسية إلى منطقة البادية. وبحسب عبدالرحمن، “يشارك هؤلاء المقاتلون بشكل كبير في الهجمات على نقاط تواجد النظام وحلفائه في البادية”.
ويتواجد الطرفان في نقاط عدة في منطقة البادية التي تمتد على مساحات مترامية. ووفق عبدالرحمن، فإن “مقاتلي التنظيم أكثر دراية بطبيعة البادية الجغرافية وتلالها من قوات النظام المنتشرة في نقاط متباعدة، الأمر الذي يجعلها تعتمد بالدرجة الأولى على سلاح الجو في مواجهة التنظيم”.
ومن خلال هذه الهجمات، يحاول التنظيم حسب عبدالرحمن أن “يستعيد المبادرة ويثبت أنه قادر على تهديد قوات النظام وحلفائه رغم الخسائر التي مني بها”.
وإلى جانب طرده العام الماضي من مدينة الرقة التي كانت تعد معقله الأبرز في سوريا، خسر التنظيم أيضاً الجزء الأكبر من محافظة دير الزور على وقع هجومين منفصلين، الأول قاده الجيش السوري بدعم روسي عند الضفة الغربية للفرات، والثاني شنته قوات سوريا الديمقراطية بدعم أميركي شرق الفرات.