وحتى مساء السبت، عقدت قيادات في حزب الدعوة ثلاثة اجتماعات مكثفة لبحث إنقاذ الحزب من انشقاق جديد محتمل، قد يكون أوسع من انشقاق عام 2006 عندما تولّد جناح بزعامة إبراهيم الجعفري وزير الخارجية الحالي، وآخر بزعامة نوري المالكي، بسبب خلافات مشابهة على رئاسة الوزراء. بالتالي، فإن انسحاب أو استقالة حيدر العبادي من الحزب سيجرّ معه أعضاء آخرين غير قليلين.
وتطرح قيادات في الحزب فكرة وصفها أحد الأعضاء البارزين بالحل الوسط، التي تحافظ على الحزب من التمزق، وهي أن يعلن المكتب السياسي في الحزب انفكاك أي عضو فيه يتولى منصب رئيس الوزراء، وهو ما يبدو رغم مناقشته غير مقنع للشركاء السياسيين، وكذلك أعضاء المكتب السياسي في حزب الدعوة. لا، بل وصفه أحدهم بالساذج، بينما طالب آخرون مناقشة مسألة تعليق تمثيل الحزب في الحكومة، حفاظاً على نسيجه، وهو ما اعتبره آخرون أيضاً دليلاً على “تهافت أعضاء الحزب على المناصب وتخليهم عن مبادئه”.
من جهة أخرى، يؤكد مقربون من رئيس الوزراء حيدر العبادي، أن “الأخير لا ينوي الانفصال عن حزب الدعوة، وهذا ما يقوله علناً، إلا أنه وفي سره يتمنى لو يبتعد عن القيادات التي يعرفها أفسدت العملية السياسية في العراق، ويدرك تماماً حجم فسادهم المالي الذي أدى إلى خراب المنظومة الاقتصادية في البلد”. ووفقاً لمقرب منه تحدث لـ”العربي الجديد”، فإن “العبادي إذا انسحب من الدعوة، فمعناه أنه سيكون من دون أي غطاء يحميه”. وأشار إلى أن “وزير الخارجية الحالي إبراهيم الجعفري كان قد خرج من الدعوة، ففقد كل المزايا والحماية التي كان يتحصن بها، وهو الآن خارج العملية السياسية بشكل شبه كامل، وهذا الأمر يعرفه العبادي”.
من جانبه، كشف القيادي في ائتلاف دولة القانون، سعد المطلبي، عن “التوصل إلى اتفاق رسمي مع أحزاب للتحالف، من أجل تأمين الكتلة الأكبر وتشكيل حكومة الأغلبية”، مبيناً أن “تحالف النصر الذي يتزعمه رئيس الحكومة حيدر العبادي ما يزال قريباً من سائرون”. وقال المطلبي، وهو مقرب من المالكي، إن “تأخر إعلان التحالفات الحزبية حتى الآن، بسبب انتظار المصادقة النهائية على نتائج الانتخابات قائمة الفائزين في الانتخابات البرلمانية، من قبل المحكمة الاتحادية”، مشيراً إلى أنه “بعد المصادقة على النتائج ستبدأ التحالفات بأخذ شكلها النهائي، لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، والتي سيكون لنا دور بارز فيها”.
وأضاف، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “ائتلاف دولة القانون وجد حلفاء جيدين، وهم من مكونات مختلفة كردية وسنية وشيعية، لتكوين حكومة الأغلبية، لأن الأغلبية التي نسعى إلى تحقيقها لا تتحقق إلا بوجود مختلف المكونات العراقية”. وتابع قائلاً إن “تحالف النصر والعبادي يميلان إلى سائرون، لتحقيق الكتلة الأكبر، لكن سائرون الذي يقوده زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، اشترط على العبادي الخروج عن حزب الدعوة والاستقالة منه رسمياً، وهذا الفعل سيؤدي إلى حصول الأخير على الولاية الثانية التي يسعى إليها. لكن إذا خرج العبادي من حزب الدعوة، من سيحميه من مشاكل السياسة؟ فبخروجه سيفقد الحماية”.
وأكمل: “العبادي يعتبر داعية ضمن الدعوة، منذ نهاية الستينيات من القرن الماضي، وحتى الآن لا نعرف موقفه من قرار الاستقالة من الدعوة. وأنا أستبعد أن يخرج، ولكن المفاجآت قد تحدث، وربما رونق السلطة يدفع العبادي إلى اتخاذ قرار الاستقالة”.
بدوره، أعرب عضو تحالف “سائرون”، محسن الكناني، عن أن “بقاء العبادي ضمن حزب الدعوة يعني بقاء تأثير الحزب عليه، وبالتالي لن نكون قد حققنا شيئا للمواطنين، فالحزب الذي قاد العراق من فشل إلى آخر طيلة الـ12 سنة الماضية لن يجلب له الخير في السنوات المقبلة”. وأضاف، في حديثٍ لـ”العربي الجديد”، “نعم إن خروجه من الحزب فيه خير له وللعراقيين، وسيكون مساعداً له في الحصول على ولاية أخرى”.
وحتى الآن، لم تتمكن الأحزاب الرابحة في الانتخابات التشريعية التي أجريت في 12 مايو/أيار الماضي، من التوافق فيما بينها، للمضي قدماً في ترتيب البرلمان العراقي الجديد، ومن ثم تشكيل الحكومة، التي من المفترض، وبحسب غالبية البرامج الانتخابية للأحزاب الرابحة، أن تكون مختلفة عن الحكومات السابقة، مراعية بذلك عنصر المواطنية والمدنية ومحاربة الفساد السياسي والتقصير الإداري في البلاد.
في غضون ذلك، ما يزال الخاسرون في الانتخابات ينتظرون القضاء العراقي، لحل أزمة العد والفرز اليدوي لـ10 في المائة من الأصوات الانتخابية. إلا أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تؤكد أن العودة إلى النظام اليدوي سيكلف الدولة وقتاً لتشكيل الحكومة المقبلة وميزانية جديدة لموظفي المفوضية. وقال عضو مجلس المفوضين، حازم الرديني، إن “المفوضية مستعدة للعد والفرز يدوياً لنتائج الانتخابات، وستكون ملزمة بقرار البرلمان في حال اتخذ السياق القانوني”، لافتاً إلى أن “أمر إعادة العد والفرز يدوياً سيكلف الدولة وقتاً إضافياً لتشكيل الحكومة المقبلة”. وأضاف أن “المفوضية لديها أكثر من 50 ألف صندوق اقتراع، وسوف تحتاج إلى أعداد كبيرة من الموظفين لعملية العد والفرز اليدوي، فضلاً عن احتياجها إلى تخصيص ميزانية جديدة لإجراء العملية”.
زيد سالم
العربي الجديد