الطائرات الورقية الحارقة تربك إسرائيل بذكرى النكسة

الطائرات الورقية الحارقة تربك إسرائيل بذكرى النكسة

أحيا الفلسطينيون في قطاع غزة أمس الذكرى 51 لنكسة 67 على طريقتهم الخاصة، وأجبروا الإسرائيليين في مدن وأرياف غلاف غزة على مشاركتهم المناسبة، وأثاروا غضب المسؤولين الإسرائيليين بعد أن شغلوا الرأي العام الإسرائيلي بالحرائق، التي اندلعت أمس الثلاثاء في مناطق عدة باستخدام الطائرات الورقية الحارقة التي أطلقها ناشطون من القطاع.

وعلى اختلاف تقديرات المساحات الزراعية التي أتت عليها النيران بفعل هدايا الفلسطينيين النازلة من الجو إلى الإسرائيليين في ذكرى النكسة، ذكر وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في وقت سابق أن ستمئة طائرة ورقية أطلقت من غزة جرى اعتراض أربعمئة منها باستخدام وسائل تكنولوجية، مشيرا إلى أن هذه الطائرات الورقية تسببت في 198 حريقًا، مما أدى إلى حرق تسعة آلاف دونم.

ويساعد الطقس الجاف والرياح على نقل الحرائق إلى نطاقات أوسع، وقد ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت تسعة حرائق اندلعت في المناطق المحاذية لقطاع غزة، مؤكدة أن الرياح تعيق عمل فرق الإطفاء وتؤجج النار وتحولها إلى الشرق باتجاه المستوطنات الإسرائيلية.

وأطلق فريق شبابي اسم “أحفاد الزواري” على أعمال حرق الأحراش والأراضي الزراعية التي توجد داخل إسرائيل، تخليدا لاسم محمد الزواري المهندس التونسي الذي عمل مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على تطوير الطائرات المسيرة.

غضب إسرائيلي
وقد أثارت حرائق أمس غضب المسؤولين الإسرائيليين، وتسابقوا على التهديد والوعيد بحق حركة حماس والناشطين الذين يطلقون الطائرات الورقية الحارقة.

فقد نقل موقع القناة السابعة التابع للمستوطنين عن وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان قوله إن “الحرائق التي تسببها الطائرات الورقية هي محاولات قتل، مما يتطلب إطلاق النار باتجاه من يطلقها، لأن آثارها المدمرة تطال الحقول الزراعية في معظم مستوطنات غلاف غزة”.

وأضاف “لا بد من البحث عن حلول تكنولوجية خلاقة لوقف تهديد الطائرات الورقية، بجانب وجود سياسة واضحة تخص إطلاق النار على مطلقي هذه الطائرات، والتعامل معهم تماما كمن يطلق القذائف الصاروخية باتجاه إسرائيل، وفي ضوء حقيقة أن حماس هي التي سمحت بإطلاق النار وإرسال الطائرات الورقية الحارقة، نحتاج للعودة إلى عمليات الاغتيال الوقائية”. وقال “الذين يرسلون الطائرات الورقية الحارقة يجب أن يكونوا هدفا للقتل”.

من جانبه أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بخصم مبالغ التعويضات التي تقدمها الحكومة لأصحاب المزارع المحترقة بسبب الطائرات الورقية الحارقة -التي يتم إطلاقها من غزة- من عائدات المقاصة الفلسطينية، بحسب موقع “عرب 48”.

واتسعت دائرة القلق والغضب من أحدث أساليب المقاومة الفلسطينية لتشمل أطرافا دولية، فقد ندد مبعوث الرئيس الأميركي للاتفاقيات الدولية جيسون غرينبلات أمس الثلاثاء بإطلاق الناشطين الفلسطينيين طائرات ورقية حارقة من قطاع غزة باتجاه المستوطنات الإسرائيلية، معتبرا إياها “أسلحة عشوائية”.

وكتب غرينبلات باللغة العربية في تغريدة عبر حسابه على تويتر “طائرات حماس الورقية المقاتلة ليست ألعاباً غير مؤذية أو تعبيرات مجازية للحرية، بل هي حرب دعائية وأسلحة عشوائية”.

الخيارات العاجزة
ولا يزال المسؤولون الإسرائيليون يبحثون عن الطرق الفاعلة في مكافحة هجوم الطائرات الورقية العديمة التكلفة تقريبا، والتي تسبب الخسائر بملايين الدولارات من محاصيل زراعية وأحراش.

فقد لجأ الجيش الإسرائيلي لاستخدام الطائرات المسيرة بالتحكم عن بعد والتي تحمل كاميرات وأدوات حادة لاعتراض الطائرات الورقية التي تطلق من غزة، لكن هذه التكنولوجيا المتطورة لم تتمكن من اعتراض الطائرات الورقية البدائية إلا بنسبة منخفضة جدا.

وقال الجنرال رونين إيتسيك في صحيفة “إسرائيل اليوم” إن “الحل الأمثل لوقف ظاهرة الطائرات الورقية المشتعلة يتمثل في الوجود العسكري الإسرائيلي على الأرض، وإلا فإن حياة المزارعين الإسرائيليين سيغلب عليها التشويش والقلق، مما يجعل المستوى السياسي الإسرائيلي مسؤولا عن استمرارها، لأنه لا يمنح الجيش صلاحية تنفيذ إقامة منطقة عازلة على حدود القطاع”.

مطاردو الطائرات الورقية.. إهانة إسرائيل وعبقرية حماس” قوله “إن منظمة حماس نجحت في إرسال درس متواضع لدولة تفتخر بشراء طائرة المراوغة الأكثر تطوراً في العالم، لكن لا يمكنها السيطرة على الطائرات الورقية البدائية التي تحرق أراضي النقب”.

أما الأديب والمسرحي الإسرائيلي اليساري يهشوع سوبول فقال إنه حاول أن يتخيل نفسه كطفل يعيش في غزة في هذه الأيام التي إما أن يموت فيها جيراني وإما يصابون هم أو أقاربي ويعودون إلى البيت معاقين أو جثامين، عندها ماذا كنت سأفعل؟ كنت سأطير طائرات ورقية حارقة.

أضاف سوبول في موقع “سيروجيم” العبري أنه عندما كان ابن 14 عاما كان يطلق الطائرات الورقية، موضحا أنها لم تكن حارقة لأنه لم يكن يعيش في هذا الوضع البائس، معتبرا أن الطفل اليائس لا يهمه أي شيء في العالم.

علي صبري

الجزيرة