يرى الكاتب ياسر الأشقر أن الشعب الفلسطيني بعيد كل البعد عن كونه عاجزا، وأنه إزاء انحياز إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب السافر إلى إحدى أكثر الحكومات يمينية في تاريخ إسرائيل؛ ما زالت لدى الفلسطينيين فرص لصياغة سياسات تحافظ على عدالة قضيتهم.
وفي مقال له بموقع “كونفرسيشن” يقول الأشقر -وهو محاضر في سياسة الشرق الأوسط بكلية ترينيتي في دبلن- إنه يمكن فعل الكثير على الجبهة الداخلية الفلسطينية، وعلى رأس القائمة تحقيق الوحدة الوطنية بين مختلف الفصائل السياسية، وكذلك بين المجتمعات الفلسطينية الأوسع في الوطن والشتات.
ويضيف أنه تم تهميش مجتمعات الشتات في الحياة السياسية منذ توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993، حيث عاد قادة منظمة التحرير الفلسطينية إلى بلادهم وتركوا الغالبية من مجتمعات النازحين في انتظار إنهاء الشتات، وهو ما يستدعي تمثيل النازحين داخل الوطن وفي الشتات تمثيلا حقيقيا.
ويؤكد الأشقر أن من أكبر مخاوف الإسرائيليين ظهور حركة غير مسلحة في الأراضي المحتلة يمكن أن تجذب الدعم الدولي واهتمام الإعلام العالمي، فمطالبة الفلسطينيين بحق العودة تطارد إسرائيل منذ 70 عاما، وآخر شيء ترغب فيه حكومة بنيامين نتنياهو هو حركة مقاومة جماهيرية سلمية قد يتعاطف العالم معها.
لذا ينصح الأشقر الفلسطينيين بخيار راديكالي آخر، وهو تحويل التركيز من حل الدولتين الفاشل إلى السعي لتحقيق حقوق كاملة ومتساوية لجميع المواطنين، حيث يواجه الفلسطينيون في إسرائيل التمييز الشديد يوميا، ويعيش الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية -بما فيها القدس الشرقية- تحت احتلال قمعي.
ويقول إن السعي إلى المساواة في الحقوق والعدل بكل الأراضي المحتلة ليس مسألة ديمقراطية فحسب، بل هو تحدٍ للأيدولوجيات الإقصائية التي حافظت على الفصل والصراع، وقد استعاد خطاب المواطنة والمساواة أهميته بين المفكرين والسياسيين الفلسطينيين كوسيلة أساسية لتحويل الصراع، وهذا يعود إلى فشل حل الدولتين.
مكانة أعلى
ومن بين الخيارات التي ينصح بها الأشقر مواصلة السعي للاعتراف الدولي بدولة فلسطينية لتعزيز مكانة فلسطين الدولية وتقديم القضية في القانون الدولي، وهذا بدوره سيضع إسرائيل تحت ضغوط متزايدة لقبول الاستقلال الوطني الفلسطيني.
”
السلطة الفلسطينية ملتزمة باتفاقية أوسلو بسبب المزايا السياسية والاقتصادية والأمنية التي تحصل عليها نخبها الحاكمة
”
وجاءت أحدث الإنجازات على هذا الصعيد في الأمم المتحدة التي اعترفت عام 2012 بفعالية دولة فلسطين ومنحتها صفة “دولة مراقبة غير عضو”، وهذا يمنح الفلسطينيين إمكانية الوصول إلى آليات العدالة الدولية، كما تحقق اليوم المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب المحتملة التي ارتكبتها إسرائيل منذ يونيو/حزيران 2014، وخاصة في غزة.
وبإمكان القيادة السياسية الفلسطينية أيضا أن تفعل المزيد للاستفادة من اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل منذ توقيع اتفاقية أوسلو، حيث لم ترد إسرائيل بالمثل ولم تعترف بإقامة دولة فلسطينية، بل تحوّل الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ليصبح “مؤسسيا”، بينما لا تزال السلطة الفلسطينية ملتزمة بالاتفاقية بسبب المزايا السياسية والاقتصادية والأمنية التي تحصل عليها نخبها الحاكمة، بحسب الكاتب.
ويختتم الأشقر مقاله بمطالبة السلطة الفلسطينية بإعادة النظر في جدوى التزامها باتفاقيات أوسلو، ويؤكد أنه حتى لو لم تفكك كل الخيارات السابقة تحالف ترامب مع نتنياهو، لكنها ستثبت أن الفلسطينيين قادرون على تطوير سياسات يمكنها أن تؤدي إلى تغيير حقيقي وكسب الرأي العام الدولي.
المصدر : الصحافة الأسترالية