يتحدث الكثير من السياسيين والمسؤوليين الحكوميين والأجهزة الامنية والمؤسسات العسكرية عن الانجاز الكبير الذي تم تحقيقه بدحر الارهاب في العراق والقضاء على مقاتلي وقيادات داعش وطردهم من مراكزالمدن والاقضية والنواحي وأحكام السيطرة الامنية على فلولهم المنهزمة وقواعدهم التنظيمية ومتابعة حركة وتنقلات وتواجد ما تبقى من خلاياهم النائمة .
ورغم كل هذه الاجراءات والمتابعات واستمرار الخطط الامنية والاستخبارية وايجاد قنوات أمنية لمتابعة مقاتلي داعش والحد من تواجدهم أو عودتهم مرة أخرى لمزاولة نشاطاتهم وفعالياتهم والقيام بعمليات إرهابية إلا أن الواقع الميداني والحقيقة التي يلمسها العديد من المواطنيين في الاماكن التي ينشط فيها مقاتلي هذا التنظيم الإرهابي ومحاولة إعادة الثقة ببعض عناصره أنه تمكن من القيام ببعض العمليات المنظمة ذات الصبغة الارهابية والتي هي أحدى ملامح حركته وأسلوبه في التعرض والمواجهة وأيجاد الثغرات التي من خلالها يستطيع التحرك وضعف الاجراءات الامنية أو أنعدامها في بعض المناطق المهمة وحالة الغفلة وعدم الانتباه التي قد تصيب بعض مقاتلي القوات الأمنية والعسكرية ومقاتلي الحشد الشعبي المتواجدين في العديد من مراكز المدن والاقضية التي شهدت مواجهات عسكرية مع داعش خلال السنوات الاربعة الماضية .
وبمتابعة ميدانية وبمعلومات خاصة حصل عليها (مركز الروابط للبحوث وللدراسات الاستراتيجية) من خلال متابعته لنشاطات هذا التنظيم فقد قامت مجموعة إرهابية من عصابات داعش مساء يوم 17 حزيران/يونيو الحالي، والتي تتأخذ من سلسلة جبال حمرين مقرا لها بالتسلل الى نقطة تسمى ( أنجاته ) على الطريق الرابط بين محافظتي كركوك -بغداد وتقع هذه النقطة جنوب مدينة طوز خورماتو وتمكنوا من السيطرة عليها وايجاد حاجز أمني وهم متنكرين بملابس أفراد الشرطة الاتحادية وقاموا بعمليات تفتيش للمواطنين لمدة 20 دقيقة ثم انسحبوا باتجاه بعض المناطق التي تشكل لهم حالة اختباء أمينة . وخلال فترة إقامة الحاجز الامني تمكنوا من ايقاف 3 سيارات فيها عدد من المواطنين قتلوا اثنان منهما وخطفوا أربعة أخرين مستغلين الفجوة الامنية والتي سبق لهم وأن أحكموا السيطرة عليها خلال شهر أذار/مارس الماضي بسبب طبيعتها الجغرافية وكونها تشرف على سلسلة جبلية وتحيطها عدد من الوديان والتي تمكن مقاتلي داعش من التحرك بحرية والانتقال بدون مواجهة مقابلة مستغلين انسحاب الدورية العسكرية المكلفة بحماية الطريق والتي كانت تتواجد يوميا لحماية هذا الطريق.وأثناء عملية انسحاب مقاتلي داعش وبعد وصول المعلومات الامنية للقطعات العسكرية المتواجدة في المنطقة تمكنت من إرسال قوة عسكرية لملاحقة عناصر داعش وتمكنوا من الاشتباك معهم وقتل ارهابين أثنيين وتحرير أحد المواطنين المختطفين.
أن هذا الحادث وما شابهه من حوادث أخرى التي وقعت خلال الاشهر الماضية تؤكد الحقائق التالية :
1.أن الخروقات والثغرات الامنية التي يستغلها مقاتلي داعش تأتي بسبب ضعف الاجراءات الامنية وعدم انسيابيتها واستمرارها بشكل فعال والتي يفترض أن تحظى باهتمام القيادات العسكرية والامنية المتواجدة على الطرق الرئيسية الرابطة بين محافظات كركوك-صلاح الدين-بغداد خاصة وانها تكررت ولعدة مرات وفي أماكن معينة بذاتها .
2.أن الحادث المشار اليه وقع تحديدا في المنطقة الرابطة بين حدود محافظتي صلاح الدين -ديالى ولكن وسائل الاعلام العراقية أشارت الى أن الحادث وقع في محافظة كركوك وهذا ليس صحيحا ودقيقا ويخالف الحقائق الميدانية والغاية من تسريب معلومات مضللة هو الايحاء للاخرين بخطورة الوضع الامني في كركوك ويأتي ضمن الصراعات والخلافات والمناكفات بين العديد من الكتل والاحزاب السياسية المتواجدة في محافظة كركوك أو القريبة منها .
3.سبق هذا الحادث أن أشار العديد من السياسيين العراقيين الى عودة داعش لممارسة أعمالها التخريبية والارهابية مستخدمة الخلايا النائمة وتحديدا في أطراف قضاء سامراء التابع لمحافظة صلاح الدين ومحيط محافظة كركوك بشكل يومي وتقوم القوات الامنية والعسكرية ومقاتلي الحشد الشعبي بالتصدي لهم والحد من هجماتهم ونشاطاتهم التخريبية .
4.هناك العديد من عمليات التسلل لمقاتلي داعش من مناطق الجزيرة وشرق الفرات باتجاه المحافظات العراقية وهذا ما ذهب اليه تقرير لوزارة الدفاع الامريكي بأن نشاط داعش عاد للعراق وبمستويات مشابهة لعامي 2010-2011 وأن هجمات داعش الاخيرة تظهر مرونة عالية في هيكلية التنظيم .
5.تعمل عناصر داعش على التواجد في المناطق التي لم يتم السيطرة عليها من قبل القوات الامنية بشكل كامل في سلسلة جبال حمرين ومناطق (غرة وقرية بلكانة وقضاء داقوق ) والقيام بعمليات تعرضية على الخط الرئيسي الرابط بين محافظتي صلاح الدين -ديالى أضافة الى قضاء طوزخورماتو رغم الانتشار الامني في هذا القضاء.
شهد عام 2017 هزيمة تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا والعراق، بعد إعلانه إنشاء دولة الخلافة في 2014، التي تساوت في حجمها مع مساحة بريطانيا. وقدمت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، تساؤلًا عما يحمله عام 2018 للتنظيم، خاصة بعد عام منى فيه بأكبر خسائره منذ إنشائه. أشارت الصحيفة إلى أن “داعش” ليس مجرد جماعة دينية متطرفة، فما جعله يصل لتلك الدرجة من الخطورة هو أنه بالإضافة لثرواته، فإن معظم قادته على درجة عالية من المهارة العسكرية التي طوروها بعد عقد كامل من الحروب الشرسة. وأضافت أن قادة التنظيم توقعوا أنهم سيخسرون العديد من المناطق التي سيطروا عليها، حيث إنهم لن يستطيعوا الصمود أمام هجوم بري مدعوم من طيران التحالف الدولي في العراق، ومن القوات الجوية الروسية في سوريا.
ووضعوا في الاعتبار التحول لحرب العصابات، والتي سيعتمدون فيها على الهجوم المباغت والكمائن، جنبًا إلى جنب مع العمليات الإرهابية لترويع المدنيين.. وهي الطريقة نفسها التي اعتمد عليها تنظيم القاعدة للنجاة بعد الهزيمة التي تلقاها في العراق على يد القوات العراقية والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في 2006 و2007، بحسب الإندبندنت. وتراجع التنظيم للصحراء العراقية، وانتظر الفرصة المناسبة للظهور مرة أخرى، والتي حلت مع بداية الحرب الأهلية في سوريا عام 2011. وتساءلت الصحيفة ونتساءل معها: هل سيعود تنظيم داعش مجددًا؟