على وقع اجتماعات الدول الضامنة لعملية «آستانة» في جنيف، تسارعت أمس التطورات الميدانية على الجبهات السورية. ومضت أنقرة وواشنطن أمس في تنفيذ «خريطة الطريق» في شأن مبنج (شمال سورية)، وسط توقعات ببدء الروس والأتراك تنفيذ اتفاق مشابه مطلع الشهر المقبل في مدينة تل رفعت. بموازاة ذلك، تفاعلت الديبلوماسية الأردنية مع تصاعد الأوضاع في الجنوب السوري، وأعلنت اتصالات مع موسكو وواشنطن لـ «منع تفجر الأوضاع»، فيما اشتغل «الخط الساخن» بين وزارتي الخارجية الروسية والأميركية.
وفيما عُد نجاحاً لأنقرة في توسيع نفوذها في الشمال السوري، خصوصاً المناطق المتاخمة لحدودها، بدأ أمس تسيير دوريات أميركية – تركية في مدينة منبج. وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن «جنودنا بدأوا اعتباراً من اليوم (الإثنين) مهمتهم في منبج حيث يعملون مع الأميركان من أجل تطهير تلك المنطقة من العناصر الإرهابية». وأضاف أمام وجهاء منطقة شرق وجنوب شرقي تركيا: «يقع على عاتقنا إنهاء الاضطرابات الداخلية في سورية والعراق وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين إلى بلادهم في شكل آمن».
لكن الناطق الإعلامي باسم منبج العسكري شرفان درويش نفى دخول أي قوات تركية إلى مناطق سيطرة المجلس في منبج، وأوضح لـ «الحياة» أن «الدوريات التي سُيّرت كانت على خط الجبهة فقط… القوات التركية سيّرت دورياتها في مناطق درع الفرات، ومن جهتنا في منبج سيَّر التحالف والقوات الأميركية دورياتهم على خطوط التماس». وأكد أن القوات التركية «لم تتجاوز مسار نهر الساجور».
إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أمس أن الوزير سيرغي لافروف أجرى محادثات هاتفية مع نظيره الأميركي مايك بومبيو تطرقت إلى الأوضاع في سورية وتنفيذ قرارات مجلس الأمن، وجدول اللقاءات المستقبلية بين مسؤولين من البلدين.
وفي الأردن، أعلن وزير الخارجية أيمن الصفدي أن بلاده تجري اتصالات مع الولايات المتحدة وروسيا لضمان «عدم تفجر القتال» جنوب سورية، مؤكداً خلال اتصال هاتفي مع المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا، التزام الأطراف الثلاثة حماية اتفاق خفض التصعيد. وأـكد أن «الحل السياسي هو السبيل الوحيد لوقف معاناة الشعب السوري وإنهاء الأزمة».
وفي إطار الضغط المتزايد على فصائل الجنوب للقبول بصفقة مع النظام والروس، تواصل التوتر في محافظتي درعا والقنيطرة. ووصلت تعزيزات عسكرية وصفتها مواقع معارضة بالضخمة لقوات الرئيس بشار الأسد إلى محيط بلدة بصر الحرير في ريف درعا الشرقي ترافقها قوات روسية. وتشرف البلدة على منطقة اللجاة الإستراتيجية، وفي حال السيطرة عليها يتمكن النظام من عزل مناطق المعارضة شرق المحافظة.
في المقابل، قُتل وأصيب عدد من عناصر «حزب الله» بنيران فصائل المعارضة في ريف القنيطرة. وأوضحت غرفة عمليات القنيطرة في بيان: «رُصدت مجموعة من حزب الله على محور تل كروم وأم باطنة حيث دارت اشتباكات عنيفة معها أدت إلى مقتل وإصابة العديد من عناصرها وفرار البقية التي كانت محاصرة تحت غطاء ناري من عناصر الحزب المتمركزة في منطقة الصمدانية الشرقية». وقال قائد «فرقة أسود السنة» أبو عمر الزغلول إن فصائل «الجبهة الجنوبية» بدأت بتشكيل غرف عمليات عسكرية استعداداً لصد أي هجوم من قوات الأسد على المنطقة.
سياسياً، تتواصل اليوم في جنيف اجتماعات ومشاورات بدأها مسؤولون من روسيا وتركيا وإيران، الدول الضامنة لآستانة، بلقاءات في ما بينهم، أضافة إلى محادثات مع دي ميستورا هيمن عليها موضوع تشكيل اللجنة الدستورية. وعقد الوفد الروسي المشكل من المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لافرينتيف، ونائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، اجتماعاً مع كل من دي ميستورا، ومساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أنصاري.
وفي حين قدم النظام لائحته عبر إيران وروسيا، بدا أن المعارضة منقسمة في ما بينها حول التمثيل في اللجنة، وتفسير قرارات مجلس الحوار الوطني السوري الذي استضافته سوتشي الروسية في 29 و30 كانون الثاني (يناير) من العام الحالي.
الحياة اللندنية