طرابلس – يدور صراع قوة حول أهم مصدرين لتصدير النفط في ليبيا بين قوات المشير خليفة حفتر وميليشيا يقودها إبراهيم الجضران، المتحالف مع الإخوان المسلمين وفصائل إسلامية أخرى مدعومة من قطر وتركيا، حاولت في 14 يونيو الجاري تشتيت انتباه قوات الجيش الليبي عن معركة درنة، التي أوشكت على بسط السيطرة الكاملة عليها.
وحاول الجضران، الذي كان متحالفا في السابق مع الجيش الليبي وكان مسؤولا عن حراسة منطقة الهلال النفطي ومن بينها ميناء رأس لانوف والسدرة الاستراتيجيين، قلب مسار معركة درنة من خلال هجوم نفذه على القوات المتمركزة بالقرب من الميناءين اللذين قال الجيش إنه تمكن من السيطرة عليهما الخميس.
لكن القتال تجدد مرة أخرى بعد إعلان المتحدث باسم الجيش الوطني العميد أحمد المسماري بأن “قواتنا تسيطر على منطقة رأس لانوف بالكامل، وعلى ميناء السدرة وتطارد العدو باتجاه الغرب”.
وقال المسماري إن القوات استعادت أيضا السيطرة على رأس لانوف، التي تتضمن مدينة سكنية ومدرجا جويا وصهاريج تخزين ومصفاة فضلا عن المرفأ النفطي، رغم أن مصدرا عسكريا قال إن الاشتباكات استؤنفت لاحقا هناك.
ولم تحسم قوات حفتر السيطرة على كامل المنطقة ولم تعلن انتهاء القتال، الذي تقول المؤسسة الوطنية للنفط أنه تسبب بـ”خسائر كارثية”، حتى وقت طباعة الصحيفة.
واندلع القتال بعدما تحول تحالف بين ميليشيا الجضران وجماعة سرايا الدفاع عن بنغازي، المتشكلة من متشددين لهم صلات بتنظيم القاعدة، إلى خطر كبير على تمركز قوات الجيش قرب منطقة الهلال النفطي.
ويحاول تحالف يقوده الإخوان المسلمون إبقاء الضغط قائما على قوات حفتر في مناطق استراتيجية نفطية تشكل عصب الاقتصاد الليبي، وتحويلها إلى مستنقع للمناوشات الدائمة، اعتمادا على أهميتها على الصعيدين المحلي والدولي.
وتراهن هذه الميليشيات على عدم قدرة حفتر على تجاهل منابع النفط في ليبيا والتوجه صوب العاصمة طرابلس، الواقعة في أقصى الغرب، قبل تحرير الهلال النفطي أولا.
وهذا يجعل الهلال النفطي خط الدفاع الأول والرئيسي من الناحية الاستراتيجية ضمن خطة الميليشيات والإسلاميين للحفاظ على سيطرتهم على العاصمة.
ويقول محللون عسكريون إن حفتر لا يستطيع التقدم باتجاه الغرب، حيث تقع مدينة سرت ثم مصراتة، معقل الإخوان والتحالف المدعوم من قطر، وصولا إلى طرابلس، بينما يترك جيوبا وثغرات لا تزال تحت سيطرة قوات تابعة للغرب، وعلى رأسها الهلال النفطي.
واتهم حفتر، دون أن يسميه، إبراهيم الجضران بـ”التحالف مع الشيطان”، وبأنه “جنى على نفسه وألقى بها إلى الهلاك حين بدأ بالغدر والعدوان”.
وقال جلال حرشاوي، المحلل المتخصص في الشؤون الليبية، “لقد لجأ حفتر دائما إلى السياسة والعمليات العسكرية في الوقت نفسه، ومن المهم تذكر الانقسام الكبير بين الدول الغربية حول مسألة الانتخابات التي يدعو إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون”.
في أواخر مايو، جمع ماكرون أبرز أطراف الأزمة الليبية، بمن فيهم المشير حفتر ورئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، اللذان اتفقا على إعلان ينص على تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية في العاشر من ديسمبر 2018.
ويتهم معسكر حفتر منافسيه واستخبارات دول أجنبية، من بينها قطر وتركيا ودول أخرى، بمحاولة تقويض العملية السياسية ومنع تنظيم انتخابات في ليبيا.
ويقول دبلوماسيون غربيون إن نهج الإسلاميين يعتمد دائما في ليبيا على إظهار الانقسام وطرحه أمام القوى الدولية باعتباره أمرا واقعا على الأرض يجب القبول به.
وأضافوا “من الناحية العسكرية أيضا يريد الإسلاميون من حفتر أن يبقى في الشرق لكي تظل البلاد أمام العالم منشطرة إلى قوات تابعة للشرق وأخرى للغرب. وأن تقدم حفتر نحو العاصمة سيهدم هذه المعادلة، وهو ما يعني خسارة الإسلاميين كل شيء قاتلوا من أجله”.
العرب