مع استمرار القصف لليوم الثالث على الجنوب السوري، ما تسبب بموجة نزوح كبيرة باتجاه الحدود الأردنية، كُشف أمس عن انسحاب للقوات الإيرانية من الشريط المتاخم للحدود مع الجولان المحتل، إلى عمق 40 كيلومتراً، بالتزامن مع محادثات أردنية– أميركية مع فصائل الجنوب، ما يعد مؤشراً إلى اقتراب التسوية التي تدخلت فيها قوى إقليمية ودولية.
وواصل النظام السوري قصفه مناطق عدة في محافظتي درعا والقنيطرة، وتحدثت وسائل إعلام موالية له عن تقدم لقواته على جبهات عدة، وتمكُنها من «تدمير تحصينات إرهابيين في ريف درعا»، في وقت واصلت فصائل «الجيش الحر» الاستنفار، وشكلت غرفتي عمليات في درعا والقنيطرة لـ «تنظيم وتخطيط وقيادة الأعمال القتالية والعسكرية في الجنوب».
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن سلاح المدفعية نفذ «رمايات مركزة» على مواقع في مدينة الحراك وبلدة بصر الحرير. وأشارت إلى أن قذائف صاروخية أطلقها مسلحو المعارضة من درعا، أسفرت عن مقتل مدنيين في مدينة السويداء التي تسيطر عليها الحكومة شرقاً.
ونقلت وكالة «رويترز» عن قائد قوات «شباب السنة» نسيم أبو عرة قوله: «بعد الانتشار، تبينت نية النظام في السيطرة على منطقة بصر الحرير واللجان شرق درعا». وقال الناطق باسم جيش الثورة أبو بكر الحسن لـ «رويترز» إن ثمة «تخوفاً لدى المدنيين من أن القصف العشوائي هو مقدمة لحملة يخطط النظام لإطلاقها».
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن التصعيد العسكري أدى إلى نزوح 12500 من سكان درعا وحدها باتجاه البلدات المتاخمة للحدود الأردنية.
وأكد الناطق باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في جنيف ينس لايركه، أن الأمم المتحدة «قلقة من تقارير تصعيد العنف في درعا… ما يعرض حياة المدنيين للخطر ويؤدي إلى نزوح مئات العائلات».
وكشف المرصد السوري أمس، أن القوات الإيرانية و «حزب الله» والمسلحين الموالين لهما، بدأوا عملية انسحاب من جنوب سورية إلى عمق 40 كيلومتراً عن الحدود مع كل من الجولان المحتل والأردن، تلبية لمطالب روسية. وأكد أن الروس أفسحوا في المجال أمام الجانبين الأردني والأميركي، للتباحث مع فصائل الجنوب حول إمكان التوصل إلى حل.
وفي موسكو، حض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس، واشنطن وموسكو على مواصلة الحوار في شأن سورية. وأعرب عن «ثقته المطلقة في عدم وجود خلافات جوهرية بين البلدين في ما يخص سورية والشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «مصالحهما الاستراتيجية متطابقة في هذا الشأن». وتوقع أن تتشكل اللجنة الدستورية قريباً، مؤكداً أن الأمم المتحدة تعمل مع روسيا «لضمان تنفيذ نتائج مؤتمر سوتشي في شكل كامل».
ودعت القاهرة أمس إلى تشكيل الوفد السوري في لجنة الدستور «من دون تدخلات». والتقى وفد من قيادات هيئة التفاوض السورية وزير الخارجية المصري سامح شكري الذي شدد على «حل سياسي يحفظ وحدة سورية»، مؤكداً دعم كل جهود وقف نزيف الدم واستئناف المفاوضات على أساس مرجعيات الحل السياسي. كما لفت إلى أن تشكيل اللجنة الدستورية «ليس هدفاً… قرار مجلس الأمن يشمل عناصر أخرى ينبغي عدم الحياد عنها، أهمها أن الحل السياسي للأزمة السورية هو الحل الوحيد». ودعا إلى «كسر الجمود الذي أصاب المسار السياسي، والبناء على ما تم التوافق عليه لإحراز تقدم». في المقابل، أعرب وفد الهيئة عن قلقه البالغ نتيجة التصعيد العسكري الذي تشهده مناطق الجنوب السوري حالياً وتأثيراته السلبية على المفاوضات المقبلة.
الحياة اللندنية