كشفت مصادر مصرية وفلسطينية أسباب الزيارة إلى العاصمة المصرية القاهرة التي بدأها قبل أيام وفد من قطاع غزة، مشيرة إلى أنها “مخصصة لبحث العديد من الملفات المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية للقطاع”. وأوضحت المصادر، في حديث لـ”العربي الجديد” أن “الوفد يغلب عليه الطابع الاقتصادي، ويهدف إلى مناقشة عدد من المشاريع المقترحة ضمن حزمة خاصة بتخفيف الأوضاع المعيشية والاقتصادية المتأزّمة في القطاع”. ولفتت المصادر إلى أن “الوفد يقوده وكيل وزارة المالية في القطاع المحسوب على حركة حماس يوسف الكيالي”، موضحة أن “نقاشات الوفد في القاهرة حتى الآن تضمنت بحث عدد من المشاريع التي شملتها مسودات صفقة القرن وملحقاتها، التي طرحها جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأميركي، جيسون غرينبلات، خلال جولتهما في المنطقة لبحث تفاصيل خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتسوية القضية الفلسطينية”.
بدوره، قال مصدر قيادي في حركة حماس إن “الحركة تميّز بين المحاولات الوقتية في الوقت الراهن لتخفيف الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بالقطاع لمنع تفجُّره، وإحداث مشكلة إقليمية جديدة، وبين التصورات الخاصة بحل وتسوية القضية الفلسطينية”، متابعاً أنه “حتى الآن كل ما يتم تقديمه هي أطروحات يمكن تسميتها بمسكّنات الأزمة وليست حلولاً جذرية لها، وحماس من جانبها تتعاطى مع أي جهود في إطار التوصل لحلول لمعاناة أهالي القطاع دون أن يمسّ ذلك الثوابت الفلسطينية”.
وشدد على أن “كل ما يثار بشأن الربط بين مشاريع من شأنها تخفيف الحصار عن القطاع، مقابل رضوخ حماس وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى الحركة غير صحيح بالمرة”، مؤكداً “ملف أسرى الاحتلال منفصل تماماً عن الحديث بشأن أوضاع القطاع”. وأضاف أن “هذا الملف برمته لدى قيادة كتائب القسام، وهم وضعوا محددات واضحة لتحريكه”.
يذكر أن مصادر دبلوماسية مصرية وعربية أكدت لـ”العربي الجديد” في وقت سابق أن “المرحلة الأولى لخطة ترامب تتضمن حزمة إجراءات تقدر بنحو 3 مليارات دولار تعهدت دول خليجية بتحملها كاملة”. والتقى كوشنر وغرينبلات بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة، بحضور وزير خارجيته سامح شكري، ومدير جهاز الاستخبارات اللواء عباس كامل، وتطرق اللقاء إلى التفاصيل المتعلقة بالصفقة المرتقبة، والتي تشهد تعثُّرا بسبب رفض السلطة الفلسطينية الاستجابة لها.
وأوضحت المصادر أن “مباحثات كوشنر في القاهرة تطرقت إلى التفاصيل الخاصة بالإسهام المصري في الصفقة، والذي سيكون عبر بوابة سيناء وبالتحديد شمال سيناء، والتي تم تحديد دور كبير لها في تلك الخطة، بحيث ستكون بمثابة حجر الزاوية، لافتة إلى أنه “من المقرر أن يتم إقامة منطقة تجارة حرة على الحدود المشتركة بين قطاع غزة، ورفح المصرية، بالإضافة إلى إنشاء محطة كهرباء عملاقة بمنطقة مخصص إنتاجها لقطاع غزة بتمويل إماراتي كامل يتجاوز الـ 500 مليون دولار”.
كما تضمن الشقّ الخاص بشمال سيناء في المخطط الأميركي لتسوية القضية الفلسطينية، الذي أعدّه كوشنر وغرينبلات، إقامة ميناء بحري مشترك بين مصر وقطاع غزة، يكون خاضعاً تماماً للإشراف المصري، ويشارك فيه عمّال من القطاع. وأضافت المصادر أن “المشروع يتضمن تخصيص مطار مصري بشمال سيناء لخدمة أهالي القطاع، على أن يكون تحت إشراف وعمالة مصرية كاملين، وكذلك إنشاء منطقة صناعية كبرى على الحدود بين البلدين، بتمويل خليجي”.
وأكدت المصادر أن “تلك الصيغة باتت مرحباً بها بشكل كبير داخل الأوساط السياسية المصرية، بدلاً من مبدأ استبدال الأراضي، والذي كان يلقى رفضاً مصرياً شعبياً”، لافتة إلى أن “التصور الحالي سيسهّل تسويقه شعبياً، خصوصاً أن تلك المشاريع سيتم تنفيذها على أراضٍ مصرية، ضمن ما يسمى بمخطط تنمية سيناء، والذي سيُضم إلى مجموعة من المشاريع السعودية في محافظة جنوب سيناء، ضمن مشروع نيوم العملاق الذي يتبنّاه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتسهم فيه مصر والأردن وإسرائيل”.
وشددت المصادر على أن “هناك اشتراطات إسرائيلية لتنفيذ تلك الخطوات، تتضمن إشراف وخضوع المشاريع المخصصة لقطاع غزة في إطار تضخيمه وتحويله إلى دولة فلسطينية بالإضافة إلى ما تبقى من أراضي الضفة، التي لم تلتهمها المستوطنات وبخلاف القدس أيضاً. ومن بين الشروط خضوع تلك المشاريع لإشراف ورقابة وتشغيل مصري، لضمان عدم استغلالها في أي أنشطة معادية لإسرائيل”.
العربي الجديد