د. سليم محمد الزعنون*
شهد الموقف الإسرائيلي تجاه سعي السعودية لبناء مفاعلات نووية تغييراً جذرياً، حيث انتقل من المعارضة المطلقة إلى الموافقة المشروطة، فقبل 4 شهور أعرب “نتنياهو” أمام “ترامب”، عن معارضته على نية واشنطن نقل مفاعلات نووية للسعودية، بيدّ أنها نقلت الأسبوع الماضي لإدارة ترامب مجموعة من الشروط للموافقة على الصفقة النووية المتبلورة بين واشنطن والرياض.
محددات التغيير.
ساهمت مجموعة من العوامل/ المحددات؛ في تعديل الموقف الإسرائيلي بشأن الصفقة النّووية المتبلورة بين واشنطن والرياض، والانتقال بالموقف من الرفض إلى الموافق المشروطة، جُل هذه العوامل مرتبط بالعائد الاقتصادي، وتعدد الفاعلين في السوق النووي، ومواجهة النفوذ الإيراني:
- إدراك تل أبيب بأنها لن تقدر على عرقلة الصفقة النووية، نظراً للعائد الاقتصادي الكبير الذي ستجنيه واشنطن من وراء الصفقة.
- تعدد الخيارات في السوق النووي، ففي حال عرقلة الصفقة مع واشنطن، بإمكان الرياض التعاقد مع جهات أخرى كالصين وروسيا.
- بقاء الصفقة مع الولايات المتحدة يتيح لإسرائيل الاطلاع على التفاصيل وسير وتطور العمل، بما فيها درجة التخصيب، على عكس التعاقد مع دول أخرى.
- رغبة إسرائيل في تعزيز قدرات الدول السنية في مواجهة النفوذ الإيراني المشترك، شريطة أن يكون ذلك تحت السيطرة، ولا يؤدي لكسر معادلة التفوق الإقليمي الإسرائيلي.
تطبيق مفهوم التكلفة الغارقة.
لقد عملت إسرائيل واتخذت قرارها بناءً على تطبيق مفهوم “التكلفة الغارقة” على المجال السياسي، والتكلفة الغارقة اقتصادياً هي خسائر تم تكبدها في الماضي للحصول على خدمة معينية لم تتحق، وفي الحالة السياسية في النموذج الإسرائيلي سعت إسرائيل لمنع العراق وسوريا وإيران من الحصول على القدرة النووية، بيدّ أن هذه الدول طورت قدراتها بمعزل عن رقابة الولايات المتحدة والاطلاع الإسرائيلي، وفي النهاية كلف تل أبيب ثمن عسكري وسياسي كبير، نظراً لذلك قررت اعفاء نفسها من تكلفة التكاليف الغارقة، وبلورة سياسة مخالفة للماضي ظهرت ملامحها في النموذج السعودي، قائمة على الموافقة المشروطة، في محاولة لوضع خطوط حمراء على الصفقة، نقلها وزير الطاقة الإسرائيلي إلى نظيره الأمريكي، وتتمحور حول 5 عناصر رئيسية:
أولاً: التنسيق والشفافية بين واشنطن وتل أبيب بشأن المفاوضات مع السعودية.
ثانياً: معرفة المكان المتوقع لإنشاء المفاعلات السعودية.
ثالثاً: أن لا تكون هناك إمكانية لتخصيب اليورانيوم من جانب السعودية.
الرابع: أن تكون الولايات المتحدة المزودة الوحيدة للوقود المستخدم في تشغيل المفاعلات.
خامساً: أن تقوم الولايات المتحدة بإخراج الوقود المستعمل الموجود حالياً بحوزة السعودية لضمان عدم استخدامه لتخصيب اليورانيوم.
نظراً للتجربة التاريخية للولايات المتحدة في ضمان أمن إسرائيل، وتعهدها بضمان تفوقها الإقليمي، من المرجح أن تأخذ واشنطن المطالب الإسرائيلية بالحسبان عند إبرام الصفقة النّووية مع الرياض.
وحدة الدراسات الإقليمية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الإستراتيجية