موسكو – تعطي الزيارات المتتالية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى روسيا ولقاءاته مع الرئيس فلاديمير بوتين إشارات قوية إلى أن الرجلين يجهزان لاتفاق على أرضية صلبة بشأن ما يجري في سوريا خاصة ما تعلق بالوجود الإيراني.
وتتزامن زيارة نتنياهو مع زيارة علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي إلى موسكو. وحرص ولايتي على إطلاق تصريحات متفائلة عن عمق “العلاقات الاستراتيجية” مع روسيا، وهو ما يكشف وفق ملاحظين أن طهران منزعجة من التحركات الإسرائيلية ومن تحويل نتنياهو الوجود الإيراني في سوريا إلى قضية دولية.
ونقلت وكالة الطلبة للأنباء عن ولايتي قوله لدى وصوله إلى موسكو “العلاقة بين إيران وروسيا الاتحادية علاقة استراتيجية، وتوسعت العلاقات الثنائية والإقليمية في السنوات القليلة الماضية”.
وقال إنه سيسلم رسائل لبوتين من الزعيم الأعلى الإيراني ومن الرئيس حسن روحاني وإنهما سيبحثان الموقف العالمي “شديد الحساسية”. وأضاف ردا على سؤال بشأن زيارة نتنياهو “لا تأثير لوجوده أو لعدم وجوده على مهمتنا الاستراتيجية في موسكو”.
ويرى محللون أن مؤشرات كثيرة تؤكد أن التوافق حاصل بشأن دفع إيران والميليشيات الحليفة إلى الانسحاب من سوريا، وأن ما يجري ترتيبه يخص مراحل الانسحاب وأشكاله، لافتين إلى أن موسكو ربما تفكر بتوفير انسحاب بعيد عن الحدود مع إسرائيل يحفظ ماء الوجه للإيرانيين ويسهل على السلطات في طهران تسويقه على أنه خطوة ضرورية بعد تحقيق “النصر” على الأرض.
وغادر رئيس الوزراء الإسرائيلي متوجها إلى موسكو، الأربعاء، بعد يوم من توجيهه تحذيرا إلى إيران وسوريا إثر محادثات مع السفير الروسي ألكسندر لافرنتييف ونائب وزير الخارجية الروسي سيرجي فيرشين.
وقال بيان رسمي إسرائيلي “سيوضح رئيس الوزراء خلال الاجتماع مع بوتين أن إسرائيل لن تقبل بأي انتشار عسكري لإيران وأتباعها في أي مكان في سوريا وضرورة أن تلتزم سوريا التزاما تاما باتفاق فض الاشتباك الموقّع في عام 1974″.
وصرح نتنياهو عند المغادرة أنه سيبحث مع بوتين بشأن “سوريا وإيران واحتياجات إسرائيل الأمنية”.
وكانت إسرائيل قد أعلنت مرارا في الأشهر الماضية أنها لن تقبل أي تموضع عسكري إيراني في أي جزء من الأراضي السورية.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق صاروخ باتريوت، الأربعاء، لاعتراض طائرة دون طيار قادمة من ناحية سوريا في ثاني حادثة من نوعها خلال شهرين.
وأضاف الجيش في بيان أن الواقعة أسفرت عن انطلاق صافرات الدفاع الجوي في هضبة الجولان والحدود الأردنية القريبة.
ويشير المحللون إلى أن روسيا لم تعد محرجة من الحديث عن وجود تفاهمات مع إسرائيل بشأن الدور الإيراني في سوريا، وأن الخطاب الرسمي الإسرائيلي يكفيها مهمة التفسير والتبرير، لافتين إلى أن وسائل الإعلام الإيرانية بدأت بدورها تناقش قضية هذا الانسحاب، والأمر نفسه لدى حزب الله اللبناني.
ويوضح تكرر اللقاءات الروسية الإسرائيلية على أعلى مستوى أن نتنياهو يضغط لأن يتم الحسم سريعا بشأن الموقف الروسي وضرورة إعلام إيران بأن وجودها في سوريا قد حقق أهدافه في إعادة تثبيت سلطة بشار الأسد وبسط سيطرته على أغلب الأراضي السورية، وهو توجه مدعوم من روسيا والولايات المتحدة وإسرائيل أكثر من كونه رغبة إيرانية.
وتستمر إسرائيل بخيار الضربات الجوية المتواصلة ضد الوجود الإيراني، ما يجعل هامش ربح الوقت أو الرهان على التطورات السياسية الإقليمية أمرا يصعب على إيران الالتجاء إليه. فأي مناورة قد تقود إلى مواجهة غير محسوبة خاصة أن طهران والميليشيات الحليفة مورطتان في نزاعات أخرى.
وترجح تقارير مختلفة أن يتم الاتفاق كخطوة أولى على إبلاغ طهران بضرورة الانسحاب بعيدا عن الحدود مع إسرائيل، ودفع حزب الله إلى إخلاء مواقعه القريبة من تلك الحدود.
ولا تفوت إسرائيل الفرصة لتنفيذ عملية ولو محدودة لإثبات أن خيارها في استهداف الوجود الإيراني أمر غير قابل للمراجعة رغم المآخذ التي يسجلها خبراء ومحللون عسكريون في إسرائيل على هذا الخيار، محذرين من أن اندفاعة نتنياهو قد تضعه في أزمة إذا قرر الرئيس الروسي التغطية على بقاء القوات والميليشيات الرديفة في سوريا.
وكتب زفي بارئيل، المحلل العسكري في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، الأربعاء، أن نتنياهو يذهب إلى موسكو “كقائد كتيبة وليس كرجل دولة”، في إشارة إلى استعجال الحصول على موقف روسي واضح.
ولفت في هذا الصدد إلى أن إسرائيل “تستخدم في كل جبهاتها المضطربة قوة تكتيكية صارمة، وليست لديها خطط أو سياسات طويلة الأجل”.
وقال إن علاقات نتنياهو وبوتين “تدل على روح الزمالة والشراكة الاستراتيجية”.
واستدرك بقوله “لكن في الوقت نفسه، تسمح روسيا لإسرائيل فقط بمهاجمة أهداف تكتيكية في سوريا، مثل قوافل الأسلحة أو قواعد الصواريخ، وفقط طالما لم تعق تلك الهجمات تحركاتها الدبلوماسية”.
ومن جهته، كتب المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أليكس فيشمان، “أن نتنياهو سيحاول التأثير على مواقف الكرملين في ما يتعلق بالقضية السورية، قبيل قمة بوتين ترامب في 16 يوليو”.
وأضاف “وعد الأميركيون إسرائيل بأنهم سيطالبون بسحب جميع القوات الإيرانية من سوريا في القمة، الروس لا يقبلون هذا الطلب، يتحدثون عن استمرار وجود إيران في سوريا، لكنهم وعدوا وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان وقائد أركان الجيش الإسرائيلي غادي إيزنكوت بأنهم سيبقون الإيرانيين على بعد مئة كيلومتر من الحدود الإسرائيلية، وحتى الآن، لم يتحقق هذا الالتزام إلا جزئيا”.
العرب