بغداد- تواصل حركة الاحتجاج العراقية على الفساد المتفشي في مؤسسات الدولة وسوء الخدمات والبطالة، في الاتساع، لتدخل مدنا جديدة، وتشكل تهديدا وجوديا حقيقيا لأصل النظام السياسي في البلاد.
وكانت ليلة الجمعة، حافلة في النجف، اذ شهدت اقتحام مطار المدينة الدولي من قبل المحتجين، والسيطرة عليه حتى فجر السبت، فيما أضرم المتظاهرون النار في منزل رئيس مجلس ادارته فايد الشمري، الذي ينتمي الى حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي، ومنزل جواد الكرعاوي، نائبه في ادارة، المنشق سابقا عن التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر.
وقالت مصادر العرب في النجف ان نحو 10 الاف متظاهر خرجوا الى شوارع المدينة، واقتحموا منطقة المطار مرتين، ثم توجهوا الى منازل عضوين في مجلس ادارتها، واحرقوها كليا، ما تسبب في موت عاملة اجنبية حرقا.
ويقول المحتجون ان هذين الشخصين يحتكران الانتفاع بعائدات مليونية يوفرها مطار النجف، الذي يتفوق في عدد الرحلات السنوية على مطار بغداد، لأنه محطة الزوار القادمين من ايران والخليج وباكسالت والهند للعتبات الشيعية المقدسة في النجف والكربلاء.
وردا على ذلك، أرسل الكرعاوي والشمري، عددا من أنصارهما، لإحراق منزل النائب في البرلمان العراقي صادق اللبان، المعروف بأنه من أشرس الوجوه السياسية المتصدية للفساد في مطار النجف.
ويريد اللبان أن يشرف مجلس محافظة النجف المنتخب على ادارة المطار. لكن الشمري والكرعاوي يعترضان.
وفشل رئيس الوزراء حيدر العبادي، شخصيا، أكثر من مرة، في فرض مدير لادارة مطار النجف. وحتى الآن هناك أوامر صادرة بتعيين ادارات خاضعة للسلطة المركزية في المطار، لكنها لا تنفذ.
ويقول مراقبون ان حالة مطار النجف، “تعكس مستوى استهتار بعض المتنفذين، المدعومين حزبيا، بالقوانين والقرارات الحكومية، بغض النظر عن جهة صدورها”.
ويقول نجفيون ان الشمري والكرعاوي يحتكران فرص العمل في المطار، ويحيلان جميع عقود تجهيزه باحتياجاته الى شركات تابعة لهما، وقاما بانشاء شركة امنية خاصة، احالا لها عقد حماية المطار، بملايين الدولارات.
لذلك، بدا شائعا في النجف، تحول اسم مطارها الى “مطار فايد”، نسبة الى رئيس مجلس الادارة فايد الشمري. ومن وجهة نظر مراقبين، فإن “الشعور السائد في النجف، بأن مطارها هو ضيعة حزبية، لن ينال الفقراء منها أي خير، دفع الجمهور الو اقتحامه، والعبث ببعض محتوياته، وتخريب أجزاء من منشآته، واضرام النيران قرب مدرجه الخاص”.
وقالت مصادر “العرب” ان سلطة الطيران المدني العراقية، حولت، حتى اشعار اخر، جميع رحلات النجف ذهابا وايابا الى مطار بغداد.
ويتداول نجفيون معلومات تشير الى أن مطار النجف، هو مركز رئيسي لتهريب الأموال والسلاح والمخدرات بين العراق وكل من إيران ولبنان وسوريا.
ويخضع المطار في الملاحة الجوية للسلطة المركزية في بغداد. لكن سلطة تفتيش الطائرات وشحنها وافراغها تخص مجلس الادارة الذي يهيمن عليه الشمري والكرعاوي.
ولم تهدأ النجف بعد احراق منزل الشمري والكرعاوي، اذ توجه المئات نحو مقار تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم وحزب الدعوة وقاموا بإضرام النار فيها، فيما اشتبك آخرون مع حرس مقرين تابعين لعصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي وكتائب حزب الله.
ونزلت قوة من سرايا السلام التابعة لمقتدى الصدر في محيط منزله بالنجف، خشية انفلات الاوضاع.
واحرق متظاهرون مقرات حزبية في مدينة العمارة ايضا، فيما شهدت بغداد وكربلاء وبابل تظهرات ليلية، بعضها استمر حتى الفجر، من دون احتكاكات.
وفي محاولة لتجنب الصدام مع المحتجين، نفى محافظ النجف لؤي الياسري “ما تناقلته بعض صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي عن وجود حالات نهب وسلب في المحافظة التي شهدت تظاهرات يوم الجمعة”، مشيرا الى “انها اخبار عارية عن الصحة تماما”.
وكانت حسابات التواصل الاجتماعي نشرت عشرات الصور للمطار وهو تحت سيطرة المحتجين، وللدور والمقرات الحزبية المحترقة.
وفي البصرة، التي شهدت انطلاق شرارة الاحتجاج، دعا متظاهرون الى اقتحام مجلس المحافظة، عندما تنتهي عطلة نهاية الاسبوع، ويعاود العمل صباح الأحد. ونشر مدونون هذه الدعوة على حساباتهم المعروفة في مواقع التواصل الاجتماعي، ما يعكس مستوى الجرأة العالية الذي يميز هذه التظاهرات.
وفي ذي قار، تجمع الاف المحتجين، وهتفوا بشعارات مناهضة للهيمنة الإيرانية على البلاد.
وبدا واضحا ان حكومة العبادي تتعامل بارتباك مع التظاهرات، وتخشى ان تتحول الى تمرد عنيف.
واجتمع مجلس الامن الوزاري فجر السبت، وقرر حجب خدمات الانترنت جزئيا او كليا، في المدن التي تشهد احتجاجات.
وأعلن قائد فرقة الرد السريع اللواء ثامر الحسيني صدور امر من القائد العام للقوات المسلحة بتكليف 6 افواج من الفرقة فضلا عن 3 افواج من جهاز مكافحة الارهاب بمهمة حفظ الامن والنظام في محافظة البصرة.
وقالت المصادر ان هذه القرارات اتخذت بعدما تسربت مخاوف الى دول الجوار من خطورة انفلات حركة الاحتجاج، على غرار الكويت التي رفعت حالة التأهب في حدودها الشمالية مع العراق.
العرب