بالتزامن مع إحياء الشعب التركي الذكرى الثانية لمحاولة الانقلاب التي شهدتها البلاد في الخامس عشر من يونيو/تموز عام 2016، عزز الرئيس رجب طيب أردوغان من سيطرته على الجيش التركي ضمن سلسلة تغييرات تهدف إلى منع أي محاولة انقلابية جديدة في البلاد التي عهدت هذا النوع من الانقلاب على مر العقود الماضية.
وفي آخر ترتيبات أردوغان لإحكام سيطرته على القوات المسلحة وتطبيق نظام رقابي متقدم جداً يمنعها من التحرك بدون علم المستوى السياسي، أصدر الرئيس التركي مرسوماً رئاسياً، أمس الأحد، يقضي بإلحاق رئاسة أركان الجيش التركي بوزارة الدفاع.
ويعطي المرسوم لرئيس الجمهورية صلاحية إصدار أوامر مباشرة لقادة القوات (البرية والجوية والبحرية)، ويلزمهم بتنفيذ الأوامر الصادرة على الفور ومن دون الحصول على موافقة أي سلطة أخرى، كما ينص على إلحاق رئيس الأركان العامة وقيادات القوات بوزارة الدفاع، وسيتم إدراج المخططات التنظيمية لهيئة الأركان العامة وقيادات القوات ضمن سلطات وزارة الدفاع.
هذه الخطوة التي تهدف بدرجة أساسية إلى جعل قرارات الجيش مرتبطة بحكومة الرئيس بشكل مباشر ومنح صلاحيات أوسع للرئيس في تحريك القوات، سبقها قرار أهم تمثل في تعيين رئيس أركان الجيش خلوصي أكار في منصب وزير الدفاع في أول حكومة لأردوغان وفق النظام الرئاسي الجديد.
وهدف أردوغان من خلال تعيين أكار الذي يثق فيه بدرجة كبيرة جداً ويعتبر من أبرز المقربين منه في العامين الأخيرين إلى جعل سيطرته ورقابته على الجيش أوسع من أي وقت مضى في ظل نظام الرقابة الجديد والثقة التي يمنحها أردوغان لـ«أكار».
وفي خطوة أخرى لا تقل أهمية عن السابقة، أصدر أردوغان، الأحد أيضاً، مرسوماً رئاسياً يقضي بإعادة هيكلة مجلس الشورى العسكري الأعلى، وذلك من خلال منح وزيري التربية والتعليم والخزانة والمالية عضوية المجلس الذي يعتبر أعلى هيئة عسكرية في البلاد. وتعني هذه الخطوة رفع عدد الوزراء المدنيين في المجلس العسكري وهو ما يعني ضمنياً تعزيز سيطرة أردوغان عليه بشكل غير مسبوق في تاريخ الجمهورية، وهي الخطوات التي لم يتمكن أردوغان من القيام بها منذ وصول حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى الحكم قبيل أكثر من 16 عاماً.
وبموجب الهيكلية الجديدة، يتكون المجلس من «نواب رئيس الجمهورية، ووزراء العدل، الخارجية، الداخلية، الخزانة والمالية، التربية، الدفاع، رئيس الأركان، وقادة القوات المسلحة»، أي أن المجلس سوف يضم فقط 4 من قادة الجيش العسكريين وهم رئيس الأركان المعين حديثاً والمقرب من أردوغان أيضاً وقادة القوات الثلاث الجوية والبرية والبحرية. كما يمنح المرسوم الجديدة رئيس البلاد، صلاحية دعوة المجلس للاجتماع، عند اللزوم وترؤّسه.
التغييرات في أعلى هيئة عسكرية في البلاد بدأت عقب محاولة الانقلاب عندما أضاف أردوغان عدد من الوزراء إلى اجتماعات المجلس الذي انعقد لأول مرة في تاريخه في مقر الحكومة التركية في العاصمة أنقرة، بعد عقود من انعقاده في الغرف السرية داخل مباني هيئة الأركان.
ويعتقد على نطاق واسع أن محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا قبل عامين وجاءت قبيل نحو شهر من اجتماع كان مقرراً للمجلس جرى تقديم موعدها في خطوة استباقية لما كان ينوي أردوغان القيام به في هذا الاجتماع الذي كان سيشهد إقالة عدد كبير من قيادات الجيش المشتبه بانتمائها لتنظيم غولن الذي اتهم لاحقاً بقيادة محاولة الانقلاب.
إسماعيل جمال
القدس العربي