تناقلت الأنباء خبر قيام السلطات المدنية والعسكرية باجراء احتفالات بمناسبة مرور سنة على انتهاء العمليات العسكرية والأحداث الميدانية في مدينة الموصل وأشارت الى الى الأسباب التي كانت وراء تواجد الأرهاب وأدواته وسيطرته على المدينة لثلاث سنوات كاملة دون الخوض في التفاصيل والأسباب الحقيقة والدوافع الكامنة التي كانت سببا رئيسيا في تمكن عناصر الإرهاب من العبث بمقدرات المدينة والاساءة لأهلها وتاريخها وحضارتها .
عندما نعمل على اقامة الاحتفالات والتغني بالمواقف الايجابية بعد سنة …علينا أن نكون منصفين فيما قدمت حكومة بغداد لأهالي مدينة الموصل التي يصبو أبناءها الى عودة الحياة لمدينتهم والبدأ باعمارها والتخفيف من معاناتهم ومكابداتهم ولكن المشهد العام لا يوحي بوصفنا هذا لأن الحكومة ومؤسساتها لم ترتقي وتسمو لهذه المعاني الكبيرة ولم يسعفها العمل بالقليل من الجهد الميداني لاعادة الحياة للمدينة .
الاحتفالات أقيمت في أماكن محددة من الساحل الأيسر للمدينة مقابل التهديم والتحطيم والخراب الذي طال المدينة الأصيلة (الساحل الأيمن) فالاحتفالات أقيمت ولا زالت جثث الأبرياء من أهالي المدينة تحت الأنقاض وعلى أثار ما تبقى من دورهم ومحلاتهم التجارية وأسواقهم الأقتصادية الكبيرة ومعالم أحياءهم وأزقتهم التي خالطها دخان القصف الجوي والمدفعي وغبار المواجهات العسكرية بعد أن كان عبق رائحتها الرياحين والياسمين والانتماء التاريخي لحضارة أمتدت لأكثر من 6000 سنة قبل الميلاد.
عندما تحتفل الأمم والدول والشعوب بانتهاء مرحلة عصيبة من حياتهم ومن سنين عجاف مرت بهم ،تبدأ هذه الاحتفالات بمراجعة الانجازات والمشاريع الخدمية والتنموية ومظاهر اعادة الحياة للأماكن التي طالتها الحروب أو المواجهات العسكرية ،لا أن تكون احتفالات عابرة شكلية لا تراعي حرمة المدينة ولا كرامة ولا عزة وكبرياء أهلها وأبناءها .
ان الاحتفال يعني بدأ ملامح حياة جديدة فيها من الألق والتقدم والرخاء والسعادة والانجاز الميداني والحيوي بما يحقق حياة سعيدة كريمة لأهالي المناطق والمدن المنكوبة والمهدمة التي طالتها نتائج العمليات والمواجهات العسكرية وعلى الحكومة العراقية أن تكون أكثر انصافا وعدلا وهي تعلن بدأ المرحلة الأولى في اعمار مدينة الرماح (الموصل الحدباء ) .
بملامح ورؤيا واقعية سنكتب عن انجازات المرحلة التي تلت السنة الاولى بعد انتهاء المواجهات العسكرية في مدينة الموصل ونستعرض أهم هذه الانجازات وكما يلي :
1.لا تزال المدينة الأصيلة (الساحل الأيمن) تشهد وجود (12)مليون طن من الأنقاض لم ترفع لحد الأن وهو ما يعانيه أبناء المدينة فلا زالت هذه الأنقاض وهي مخلفات ونتائج المواجهات العسكرية تحاكي أوضاعهم فهي أنقاض منازلهم ومحلاتهم وشوارعم الرئيسية والفرعية ومخازن بضاعاتهم وأسواقهم التجارية .
2.لم يتم انتشال الألأف من جثث الأبرياء المدنين من أبناء المدينة التي لا تزال تحت الأنقاض ورائحة الجثث أصبحت واضحة للأعيان لدى أبناء المدينة والزائرين لها من المنظمات الانسانية والاغاثية ،فالعديد من المناطق التي لا زالت تأن تحت وطأة الدمار والتحطيم التي طالها ،لم ترفع أو تنتشل جثث هؤلاء الأبرياء ولا زالت فرق الدفاع المدني تبحث عنهم بين أنقاض المدينة أحياءها السكنية .
3.عدم أكمال وتصليح بعضا من شبكات المياه والكهرباء في مدينة الموصل أو مد الخطوط لأعادة الحياة لها ولو بالكميات المتاحة وبقيت المدينة القديمة تشكو طيلة فترات طويلة لأفتقاد وغياب المشاريع الخدمية التي من شأنها العمل بجدية لانصاف أهلها واعادة الأمل لها .
4.غياب الخطط الميدانية الجادة لبناء المساكن والدور واعداد مشاريع احياء المدينة من جديد بعد أن تم تدمير (15) حيا سكنيا بالكامل واضرار كبيرة ب(23) حي سكني أخر وهدم وتحطيم أكثر من (10) الأف وحدة سكنية و(3000) مبنى حكومي وأهلي ، وعدم لاهتمام لأوضاع وحالة أهالي هذه الدور والمحلات .
5.لا زالت مخيمات (الخازر-مخمور-الجدعة-حاج علي-القيارة ) تحوي على 550-600 ألف نسمة من أهالي محافظة نينوى لم يتم اعادتهم لمناطق سكناهم بسبب عدم وجود أي بادرة أمل لهؤلاء الأهالي في العودة لدورهم المهدمة والتي لا زالت أشلاء وحطام وعدم وجود أي خدمات و بناء سكني واعمار لها من قبل المؤسسات الحكومية كما وعدوهم قبل أكثر من سنة .
6.لم ترتقي وزارة الصحة وجميع مؤسساتها الى مستوى الحالة التي يمر بها أهالي مدينة الموصل بعد قيام طائرات التحالف الدولي بقصف وتحطيم (9) مستشفيات رئيسية وكبيرو داخل المدينة و(76) مركز صحي وأحراق أجهزتها ومحتوياتها دون أن تقوم الحكومة العراقية بتعويضعها او أعادة بناء النستشفيات والمراكز الصحية ولو بعدد قليل لتقديم العلاجات الطبية للمواطنين الأمر الذي أدى الى انتشار العديد من الأوبئة والأمراض في محافظة نينوى حيث انتشرت أمراض ( شلل الأطفال -الكبد الفيروسي- التدرن-الكوليرا) اضافة الى عدم تقديم الاسعافات والأدوية للمصابين بامراض القلب وتصلب الشرايين .
7.لم تتمكن الوزارات المختصة من أعادة بناء وتأهيل الا جسرا واحدا من مجموع الجسور التي تم تحطيمها والبالغة (5) جسور تربط المدينة بساحليها الأيمن والأيسر كما وعدت الأجهزة الفنية والهندسية التابعة لقيادة التحالف الدولي الذي قصف طائراته جميع هذه الجسورولم يجري عليها أي اعمار أو تأهيل أو اصلاح لبنيتها التحتية عدا الجسر الحديدي وبجهود ابناء المدينة والشركات المحلية العراقية وهذا ما سبب ارباكا في حركة المواطنين وانتقالهم بين جانبي المدينة .
8.البنية التحية للمدارس والمعاهد لا زالت لم تواكب عملية البناء والاصلاه في محافظة نينوى وخاصة مركز المدينة بعد أن طال القصف الجوي والمدفعي والاشتباكات بين جميع الأطراف وأدى الى تدمي (308) مدرسة تشمل جميع المراحل التعليمية الأبتدائية والمتوسطة والأعدادية وعدم القيام باعداد الخطط الميدانية الكفيلة باعادة بناء واعمار هذه البنايات التبعة لوزارة التربية لتساهم في تعليم ابناء المحافظة واعدادهم فكريا وتربويا .
9.لم تتم اعادة الحياة الى (6) محطات مياه و(4) محطات للكهرباء و(6) أبراج للاتصالات واعادة بناء وتأهيل (9) مصارف حكومية وأهلية و(6) ملاعب رياضة تساهم في الاح البنى التحتية لمحافظة نينوى .
فهل تحقق لمدينة الموصل ما كانت تحلم به من انصافها واعادة البنى التحتية لمؤسساتها الخدمية والتنموية ومشاريعها الكبيرة وهل تحقق لأبناء مدينة الموصل ما كانوا يحلمون به من وعود أعطيت لهم من قبل قيادة التحالف الدولي التي سعت لمصالحها وأهدافها وخدعت المدينة وأهلها بوعود كاذبة لأعادة الأعمار فيها كما فعلت الحكومة العراقية ؟
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية