بالعنف المفرط قابل الجيش الإسرائيلي مسيرات العودة بقطاع غزة في الأشهر الأربعة الماضية، ورغم انخفاض أعداد المحتجين ما زال العنف يتسبب كل أسبوع بإصابة المزيد من المتظاهرين السلميين، وقد رصدت منظمة أطباء بلا حدود العديد من مظاهر العنف وآثاره الدموية.
وتسعى المنظمة لتقديم الرعاية الجراحية منذ بدء الاحتجاجات، وقالت في تقرير تلقت الجزيرة نت نسخة منه إن التحدي الأبرز هو تدفق أعداد كبيرة من الجرحى الذين يعانون من إصابات شديدة تتطلب تدخلا متقدما.
وذكرت التقارير أن اثنين من جراحي المنظمة أمضيا 90 دقيقة في محاولة إجراء عملية جراحية لم يكن من المفترض أن تستغرق وقتا أطول، حيث كانت ذقن المريض قد تهشمت بسبب رصاصة من الجيش الإسرائيلي، وعندما قررا نقل عضلة سليمة من الساق لملء مكان الجرح اكتشفا أن العضلة تضررت أيضا بسبب الشظايا.
ومنذ نهاية مارس/آذار عالجت منظمة أطباء بلا حدود أكثر من 1700 مصاب، معظمهم يعاني من كسور مفتوحة أسفل منطقة الركبة، كما يفقد معظمهم كمية كبيرة من الأنسجة مما يؤدّي إلى الإضرار بالأوردة والأعصاب.
ويتابع الجراحون حالات المصابين بعد إجراء العمليات بشهرين لوضع قضيب معدني، كما تستمر المتابعة أشهرا أخرى مع احتمال بقاء آثار دائمة للإصابة، وهناك احتمال لإصابة الكثيرين بالعجز الدائم.
مستقبل مرعب
صباح كل يوم، تتوقف حافلات صغيرة تابعة لمنظمة أطباء بلا حدود أمام العيادات الخمس في قطاع غزة وينزل منها الكثير من الشبان، وبالكاد يستطيعون النزول وهم يمسكون أرجلهم المثبتة بجهاز معدني متجهين نحو العيادة.
يغير الأطباء الضمادات ويقدمون العلاج الطبيعي بما يعكس شدة الإصابات، فمنذ 30 مارس/آذار غيّر أكثر من 40 ألف ضماد للمصابين.
ويقول مصاب يدعى رائد بورديني إنه يشعر بألم شديد ويتناول الكثير من المسكنات لكنها لا تجدي نفعا، ويشعر بالفزع عندما يعجز عن الوقوف وهو يخشى أن ينتهي الأمر بالعجز.
أما الشابة دولت حميدية فتتحدث عن نقلها للمستشفى بعد إصابتها بالغاز حين كانوا يعتقدون أنها توفيت، وبعد عشر دقائق لاحظوا أن قلبها ينبض، وما زالت ساقها مكسورة وبحاجة إلى متابعة ثلاث مرات أسبوعيا، وتقول “أخشى أني لن أعود كالسابق، ولن أستطيع المشي أبدا”.
وتتوقع رئيسة الفريق الطبي لمنظمة أطباء بلا حدود في غزة باسكال مارتي أن تشهد غزة موجة ثانية من عمليات بتر الأطراف، فجروح الأعيرة النارية ملوثة وتتسبب بالتهابات قد تهدد حياة المصاب، ولا يبقى أمام الأطباء سوى خيار البتر.
وإضافة إلى ما سبق، فللجروح تأثيرات اقتصادية عميقة على سكان غزة، حيث وصلت نسبة البطالة لدى الشباب إلى 60%، وقد يتحول الشباب المصابون من إعالة أسرهم إلى عاطلين عاجزين بحاجة لرعاية دائمة.
المصدر : الجزيرة