بيروت – اعتبرت مصادر سياسية لبنانية أن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أكّد مرّة أخرى أنّه يعرقل تشكيل حكومة لبنانية برئاسة سعد الحريري في حال لم يرضخ الأخير لشروط معيّنة وضعها له.
وذكرت أن الدليل الأوضح على إصرار نصرالله على شروطه كان الخطاب الذي ألقاه، الثلاثاء، والذي تضمن تهديدا مبطّنا لسعد الحريري.
وجاء في خطاب الأمين العام لحزب الله “أحب أن أنصح بعض القيادات التي نحن على خلاف معها بشأن العلاقة مع سوريا، ألّا تلزم نفسها بمواقف قد تتراجع عنها”.
وفسّر السياسيون اللبنانيون كلام نصرالله بأنّ حزب الله سيجبر الحريري بالقوّة في مرحلة معيّنة على تغيير رأيه من إقامة الحكومة التي قد يشكلها علاقات مع النظام السوري.
وكان رئيس الوزراء المكلف قال أخيرا إنّ عودة العلاقات مع النظام السوري “أمر لا نقاش فيه”.
وكشفت المصادر السياسية اللبنانية أن كلام نصرالله لا يعكس وجهة نظر حزب الله فحسب، بل وجهة نظر رئيس الجمهورية ميشال عون أيضا وصهره جبران باسيل، الذي يشغل موقع وزير الخارجية في الحكومة المستقيلة لسعد الحريري التي تتابع تصريف الأعمال.
وكشفت أن مبعوثين لعون وباسيل يقومان بزيارات منتظمة لدمشق بهدف التنسيق مع القيادات السورية بما في ذلك رئيس النظام بشّار الأسد.
وحذر نصرالله الحريري في الخطاب نفسه، من الرهان على تغييرات إقليمية داعيا إياه إلى تشكيل حكومته سريعا وفقا لـ”معايير” وضعها له حزب الله الذي يعتبر نفسه المنتصر الأوّل في الانتخابات النيابية الأخيرة التي أجريت في السادس من مايو الماضي.
وتساءلت المصادر نفسها كيف يمكن لنصرالله أن يعتبر أن النظام السوري انتصر على خصومه في الحرب الدائرة في سوريا في حين أنّ الذي يحدد قوانين اللعبة الدائرة في سوريا هو الاتفاقات المعقودة بين روسيا وإسرائيل.
وتشمل هذه الاتفاقات ابتعاد إيران عن الجنوب السوري والعودة في الجولان إلى اتفاق فك الاشتباك للعام 1974.
واستبعدت المصادر نفسها رضوخ الحريري لتهديدات نصرالله، على الرغم من معرفته التامة بأنها نتيجة تنسيق بين حزب الله والتيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل.
وقال مصدر على علم بطريقة تفكير رئيس الوزراء المكلّف “إنّ سعد الحريري يعرف جيّدا أن لديه ورقتين مهمتين؛ أولاهما أن المجتمع الدولي لن يقدم أي مساعدة للبنان في حال لم يكن هو شخصيا على رأس الحكومة. أمّا الورقة الأخرى فهي الدستور اللبناني الذي ليس فيه ما يسمح لرئيس الجمهورية أو لأي جهة أخرى بسحب تكليف تشكيل الحكومة من الشخصية التي حظيت بدعم أكثرية نيابية للقيام بهذه المهمّة”.
وأثارت تصريحات نصرالله جدلا داخل الأوساط السياسية اللبنانية والعربية، حيث عدها وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني الأسبق رشيد دريباس بأنها “لا تبشر بخير”.
ورد معين المرعبي وزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة تصريف الأعمال على نصيحة نصرالله للحريري بالقول إن الأجدى بنصرالله “أن ينسحب من سوريا ويوقف القتال والمجازر التي يرتكبها مع حلفائه من النظام السوري وأن يعود إلى لبنان ولبنانيته ويجنب لبنان مآسي على المدى الطويل قد تكون مكلفة جدا”.
وشدد المرعبي على أن الحريري ليس مضطرا للتنازل عن تشكيل الحكومة بأي شكل من الأشكال مؤكدا “أن التطبيع مع دمشق هو حلم إبليس في الجنة”.
واعتبر وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، أن خطاب نصرالله “مثال جديد لفشل سياسة النأي بالنفس التي يرددها لبنان الرسمي ولا نرى الالتزام بها”، معربا عن أمله بألا تذهب التصريحات اللبنانية الرسمية مجددا أدراج الرياح.
العرب