أفادت وكالة «رويترز» أمس بأن طهران زوّدت تنظيمات شيعية في العراق، صواريخ باليستية، لمواجهة هجمات محتملة على مصالحها الإقليمية وامتلاك وسيلة تمكّنها من ضرب خصومها في المنطقة. واعتبر مصدر غربي أن «إيران تحوّل العراق قاعدة صواريخ أمامية» (راجع ص 8).
لكن مسؤولاً عراقياً نفى الأمر، وأبلغ «الحياة» أن «التقرير ليس دقيقاً ويتضمّن خلطاً كبيراً للمعلومات». وأكد أن الصواريخ الواردة في التقرير هي «من صناعة الحشد الشعبي، وعُرِضت رسمياً في احتفالات النصر على (تنظيم) داعش». وأشار إلى أن مداها «لا يتجاوز 50 كيلومتراً»، مستدركاً أن معلومات عن أنها «تهدد دولاً» مجاورة، ليست سوى «فبركة إعلامية». ولم يستبعد أن يكون الأمر «تمهيداً لاستخدامها مبرراً لإدراج فصيل عراقي على لائحة الإرهاب، أو استهداف شخصيات مناوئة للوجود الأميركي في العراق».
وكانت «رويترز» نقلت عن مصادر إيرانية وعراقية وغربية إن قائد «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري» الإيراني الجنرال قاسم سليماني تولى الإشراف على نقل صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى حلفاء في العراق، خلال الشهور القليلة الماضية. وأضافت المصادر أن طهران تساعد تلك الجماعات على بدء صنع صواريخ، وقال أحدها: «المنطق هو أن تكون لإيران خطة بديلة إذا هوجمت».
والصواريخ المعنية، وهي من طرز «زلزال» و»فاتح 110» و»ذو الفقار»، يتراوح مداها بين 200 و700 كيلومتر، وتطاول دولاً في المنطقة، إذا نُشرت في جنوب العراق أو غربه. وقال قائد بارز في «الحرس الثوري»: «لدينا قواعد مشابهة في أماكن كثيرة، بينها العراق. إذا هاجمتنا أميركا، هاجم أصدقاؤنا مصالحها في المنطقة».
ولفت مصدر في الاستخبارات العراقية إلى الاستعانة بمهندسين شيعة عمِلوا في مصنع الزعفرانية الذي أنتج رؤوساً حربية ومادة السيراميك المُستخدمة في صنع قوالب الصواريخ، خلال عهد صدّام حسين، لتشغيل المصنع. وأعلن اختبار الصواريخ قرب جرف الصخر.
ويأتي ذلك في وقت يسعى الاتحاد الأوروبي إلى إنقاذ الاتفاق النووي المُبرم مع إيران عام 2015، بعدما أعادت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض عقوبات على طهران، اثر انسحاب الإدارة من الاتفاق.
وفي هذا الإطار، وصل إلى طهران امس أليستر بيرت، وزير الدولة في الخارجية البريطانية، لمناقشة مصير الاتفاق ودور إيران في حربَي سورية واليمن. وقال بيرت: «ما دامت إيران تلتزم تعهداتها بموجب الاتفاق، سنظل ملتزمين به، إذ نعتقد بأنه أفضل سبيل لضمان مستقبل يسوده السلم والأمن في المنطقة».
زيارة بيرت أتت بعد ساعات على رفض طهران قول وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إنها «لا تستطيع أن تتفادى مفاوضات حول ثلاثة ملفات كبرى أخرى تقلقنا، هي مستقبل الالتزامات النووية بعد عام 2025، ومسألة البرنامج الصاروخي وحقيقة أن هناك نوعاً من الانتشار الباليستي من إيران، والدور الذي تؤديه في المنطقة».
وقال الناطق باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي: «في ظروف تُبطَل فيها كل الجهود الإيرانية مع القوى العالمية الأخرى، من خلال العنجهية والمطالب المبالغ فيها لبعض شركاء وزير الخارجية الفرنسي، ليس أمام الأوروبيين سوى التزام تعهداتهم في ما يتعلّق بالاتفاق النووي. لا نرى ضرورة أو حاجة بل حتى ثقة للتفاوض معهم، حول ملفات غير قابلة للتفاوض».
واعتبر أن «القادة الفرنسيين يعلمون جيداً أن السياسة الإقليمية لإيران تسعى إلى السلم والأمن الإقليمي والدولي ومكافحة الإرهاب والتطرف»، مندداً بـ «عجز» الأوروبيين و»عدم قدرتهم على تقديم ضمانات كافية لصون اتفاق دولي يُعتبر أهم إنجاز ديبلوماسي في العصر الحديث».
في إسلام آباد، التقى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان ونظيره شاه محمود قريشي الذي أعلن دعم بلاده طهران في الاتفاق النووي.
الحياة