مكغورك وسليماني يستخدمان الإقناع والإخضاع في تشكيل حكومة بغداد

مكغورك وسليماني يستخدمان الإقناع والإخضاع في تشكيل حكومة بغداد

بغداد – بينما كانت أنظار العراقيين تتابع أخبار وصور مفاوضات تشكيل الكتلة الأكبر، كان هناك لاعبان أجنبيان في خلفية المشهد، يقودان حملتين متضادتين، لترجيح كفة فريق عراقي على آخر في سباق الفوز بمنصب الرئيس الجديد لحكومة البلاد.

ولم يحتج اللاعبان الأجنبيان، وهما بريت مكغورك المبعوث الخاص للرئيس الأميركي لدى التحالف الدولي، وقاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، إلى تغطية كل تحركاتهما، بل إنهما في الأيام القليلة التي سبقت عقد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، رفعا السرية عن حراكهما، ما حول المنافسة بينهما إلى مجال مفتوح أمام الجمهور.

ولم يعد، خلال هذه الأيام، حديث تبني الأميركيين دعم رئيس الوزراء حيدر العبادي لولاية ثانية، أو وقوف الإيرانيين خلف نوري المالكي، كي يعود إلى منصب رئيس الحكومة، سرا، بل بات شأنا تداولته وسائل الإعلام بوصفه جزءا طبيعيا من مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

ووفقا لشخصيات عراقية التقت الرجلين، أو تلقت اتصالات منهما كليهما أو من أحدهما، فإن التكتيكات المعتمدة من قبلهما بدت متشابهة إلى درجة كبيرة، بالرغم من أن مكغورك يسعى لتشكيل حكومة موالية لبلاده، فيما يحاول سليماني ضمان استمرار الخضوع العراقي لإيران.

فالمبعوث الأميركي والجنرال الإيراني كانا يدشنان اتصالاتهما مع الشخصيات العراقية المستهدفة، في العادة، ملوحين بالجزرة، لكنهما لن ينتظرا كثيرا قبل التلويح بالعصا.

ولكن الفارق هو في طبيعة الجزرة وشكل العصا، اللتين تستخدمان في “مفاوضات الإقناع أو الإخضاع″. فبينما يمثل “الدعم السياسي” عاملا مشتركا بين الجزرة والعصا الأميركيتين، بتوفيره أو قطعه، تكون الجزرة الإيرانية عبارة عن مناصب حكومية يدر إشغالها مالا وفيرا أو يوفر نفوذا سياسيا كبيرا، فيما تمثل العصا في بعض الأحيان موتا محتما.

وفي حالات عدة اشتكت شخصيات عراقية بارزة من طريقة مكغورك “الجافة” في التعامل معها، بينما لم تسجل مثل هذه الشكاوى في حالة سليماني.

وعقب لقاء في أربيل بين زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني والمبعوث الأميركي، نقلت وسائل إعلام كردية تفاصيل حوار دار بين الرجلين، كشفت عن تذمر الزعيم الكردي البارز من “غلاظة” مكغورك.

وقالت وسائل الإعلام الكردية إن البارزاني حاول إيصال شكواه من مكغورك إلى الخارجية الأميركية أو مكتب الرئيس ترامب، لكنه فوجئ بدعم هذين المركزين القويين لـ”جهود المبعوث في مساعدة العراق على تشكيل حكومة قوية”.

وقد يبدو أن هذه الصورة تشير إلى “لطف” سليماني، في مواجهة “شدة” مكغورك. لكن الحقيقة هي أن الساسة العراقيين الذين يتعاملون مع سليماني، لا يجرأون على انتقاده في العلن، لأن عقاب ذلك، وفقا لتعبير مسؤولين عراقيين مطلعين على كواليس هذا النوع من اللقاءات، قد يصل إلى تصفيتهم جسديا.

وعلى مستوى الظهور العلني يفضل مكغورك أن يكشف عن لحظة وصوله إلى بغداد، ملمحا إلى ما يمكن أن يقوم به من مشاورات من دون الخوض في تفاصيلها، بينما يفضل سليماني أن تتسرب أنباء لقاءاته بالساسة العراقيين عقب انتهاء جلسة مفاوضاته معهم، وربما عقب مغادرته البلاد.

ويقول مراقبون إن سلوك مبعوث ترامب لا ينقطع عن سياق الغطرسة الذي يغلف أداء المسؤولين الأميركيين، كلما تعلق الأمر بالتعامل مع دول العالم الثالث، فيما يشير سلوك قائد فيلق القدس إلى البراغماتية التي تنتهجها السياسة الإيرانية وهي تخوض مواجهة محفوفة بالمخاطر مع الولايات المتحدة.

ويقول مراقبون إن المرحلة الحالية التي تشهد مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة في العراق، تمثل ذروة التنافس بين الولايات المتحدة وإيران في المنطقة، مع سعي كل من الطرفين لبسط نفوذه على أهم عواصمها، وبغداد في مقدمتها.

ولذلك يرجح المراقبون استمرار التنافس الشرس بين مكغورك وسليماني، إلى حين إغلاق ملف الحكومة العراقية الجديدة، التي سيعلن شكلها عن الفائز في المعركة بين واشنطن وطهران.

العرب