بيروت – يلتقي كل من رؤساء الدول الثلاث الراعية لمحادثات أستانا، روسيا وإيران وتركيا، الجمعة في طهران في قمة من المفترض أن يحددوا فيها مصير محافظة إدلب السورية التي وضعتها دمشق أولوية لآخر أكبر معاركها.
ومنذ العام 2017، بدأ تنسيق واسع بين موسكو وطهران، أبرز حلفاء دمشق، وأنقرة الداعمة للمعارضة حول الملف السوري انطلاقاً من جولات محادثات تجري منذ عام ونصف العام في العاصمة أستانا. وباتت تمر عبرها أبرز المبادرات المتعلقة بشأن النزاع المستمر منذ العام 2011.
وتأتي القمة الثلاثية التي ستجمع الرئيس الإيراني، حسن روحاني، والروسي، فلاديمير بوتين، والتركي، رجب طيب أردوغان، في وقت تستعد فيه قوات النظام السوري لشن هجوم ضد محافظة إدلب، آخر أبرز معاقل الفصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) في سوريا، وسط خشية من كارثة إنسانية غير مسبوقة في النزاع.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الثلاثاء “نعلم أن القوات المسلحة السورية تستعد لحل هذه المشكلة” واصفا إدلب بأنها “جيب إرهاب”.
وتُعد محافظة إدلب مع أجزاء من المحافظات المحاذية لها آخر مناطق اتفاقات خفض التوتر التي ترعاها روسيا وإيران وتركيا بموجب محادثات أستانا. ولإدلب خصوصيتها كونها المعقل الأخير لهيئة تحرير الشام. كما تُعد منطقة نفوذ تركي كون أنقرة تدعم الفصائل المعارضة المتواجدة فيها أيضاً، وتنشر فيها 12 نقطة مراقبة تطبيقاً لاتفاق خفض التوتر.
وبرغم التعزيزات العسكرية الضخمة التي ترسلها قوات النظام منذ أكثر من شهر إلى إدلب ومحيطها، لم يهدأ النشاط الديبلوماسي والمباحثات بين الدول الثلاث الراعية لأستانا.
وكتبت صحيفة الوطن السورية المقربة من الحكومة، الإثنين أن نتائج تلك المباحثات ستعرض في القمة “لإقرارها وتحديد ساعة صفر العملية العسكرية للجيش السوري التي يتوقع أن تعقب القمة مباشرة”.
قال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو الإثنين إن “المباحثات مع إيران وروسيا مستمرة (…) ما هي الإجراءات التي من الممكن اتخاذها ( في إدلب)، ما يجدر علينا القيام به سوياً ضد المنظمات الإرهابية”.
وأضاف أوغلو “نحن نصر دائماً على أمر واحد هو أن (…) من شأن هجوم للنظام أن يكون كارثياً على سوريا والمنطقة”، مشيراً إلى أن الرئيس التركي رجب أردوغان سيطرح كافة هذه الأسئلة في طهران مع الرئيسين الإيراني حسن روحاني والروسي فلاديمير بوتين.
وتتعهد دمشق دائماً باستعادة كافة الأراضي السورية، كما تشدد حليفتها موسكو على نيتها التخلص من هيئة تحرير الشام التي تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، والمصنفة “إرهابية”، وتطالب تركيا بإيجاد حل لها.
وطالما شكل تحالف هيئة تحرير الشام مع الفصائل المعارضة عائقاً أمام وقف إطلاق النار أو تخفيض التوتر، إذ إنه كان يتم استثناؤها من كافة تلك الاتفاقيات إلى جانب تنظيم الدولة الإسلامية كونها تُعد مجموعة جهادية برغم محاولاتها فصل نفسها عن تنظيم القاعدة.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الإثنين “نعمل سوياً مع زملائنا الأتراك والحكومة السورية والإيرانيين (…) للتفريق بين معارضين مسلحين وإرهابيين”.
وأضاف ريابكوف خلال مؤتمر صحفي “أعتقد أن الوضع سيصبح أوضح من وجهة نظر عسكرية وغيرها بعدما يجري زعماء الدول الثلاث الضامنة (روسيا وإيران وتركيا) محادثات يوم الجمعة (السابع من سبتمبر)”.
كما قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الثلاثاء “نبذل جهدنا لتم (حل) الوضع في إدلب عبر خروج الإرهابين من هذه المنطقة بأقل نسبة من التكلفة البشرة”.
ودعت مجموعة الأزمات الدولية في تقرير لها إلى تفادي هجوم عسكري على إدلب، مشددة على أنه يجدر بالدول الثلاث، تركيا وروسيا وإيران، وضع خطة تلبّي بعض مطالب موسكو من بينها “جهود مكثفة لتركيا للتخلص من الجهاديين في المنطقة، ووقف الهجمات بالطائرات المسيرة على القاعدة الجوية الروسية (حميميم) واستعادة النظام للطرقات الدولية المهمة”.
ويرجح محللون أن تقتصر العمليات العسكرية على مناطق محدودة ولكن أيضاً إستراتيجية بالنسبة للنظام، بعد الاتفاق مع تركيا التي تخشى موجة جديدة من اللاجئين إليها وهي التي تستضيف أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري.
وحذرت الأمم المتحدة ومنظمات دولية من كارثة إنسانية غير مسبوقة في النزاع الذي أسفر عن مقتل أكثر من 350 ألف شخص وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
وتخشى الأمم المتحدة أن تدفع أعمال العنف بنحو 800 ألف شخص للنزوح من المحافظة، التي يعيش فيها بالإضافة إلى مناطق سيطرة المعارضة المحدودة في محافظات حلب وحماة واللاذقية المحاذية لها نحو ثلاثة مليون شخص، نصفهم من النازحين.
ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الثلاثاء إلى إبقاء الباب مفتوحا أمام التوصل إلى حل سياسي في إدلب. وقال “من المهم أن تكون الدعوات موجهة نحو التفاوض وليس المواجهة، وإلا فإننا سنتجه نحو وضع مأسوي”.
وتُعد معركة إدلب آخر أكبر معارك النزاع السوري، بعدما مُنيت الفصائل المعارضة بالهزيمة تلو الأخرى، ولم يعد يقتصر تواجدها سوى على محافظة إدلب ومناطق محدودة محاذية لها، وعلى ريف حلب الشمالي حيث تنتشر قوات تركية.
العرب