هل تفقد الأزمة الاقتصادية أردوغان ثقة أصحاب الأجور المتوسطة والمنخفضة

هل تفقد الأزمة الاقتصادية أردوغان ثقة أصحاب الأجور المتوسطة والمنخفضة

أنقرة – كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على حق عندما قرر تقديم موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية إلى يونيو الماضي، إذ توقع تفاقم الأزمة الاقتصادية التي بدأت بوادرها تظهر بشكل متسارع، وهو ما كان يمكن أن يؤثر على حكمه بشكل مباشر وعلى أصوات ناخبيه خاصة من أصحاب الدخول المتوسطة والمنخفضة.

وإذا وصلت الأزمة إلى حدودها الحالية، لم يكن أردوغان قادرا على ضمان نصف مجمل الأصوات التي صوتت لصالحه في صناديق الانتخاب.

وتكمن المشكلة بالنسبة للرئيس التركي في أول ما ضربته الأزمة الاقتصادية وهو قلب الطبقة المؤيدة له. وتتشكل هذه الطبقة من العمال والموظفين من أصحاب الدخول المتوسطة والمنخفضة.

وبعد مرور عام ونصف العام على حفاظ الاقتصاد التركي على معدلات نموّ مرتفعة، يتجه الاقتصاد اليوم بخطى ثابتة باتجاه الركود والتقلص، إذ تظهر كل المؤشرات الرئيسية انخفاض معدلات النمو بنمط ثابت.

وطوال عقود عانى الأتراك من عدم التوزيع العادل للثروة، وعادة ما كانت الطبقات العاملة هي الخاسر الأول في الأزمات الاقتصادية، وهو ما كان يظهر بشكل سريع في الانتخابات التالية، التي عادة ما كان الحزب الحاكم يخسرها بشكل حاسم.

ومنذ الانتخابات الماضية تصاعد الغضب بشكل أسرع مما كان يتوقع حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم، في وقت يعاني فيه الأتراك من ارتفاع معدلات التضخم وإعلان عدد كبير من الشركات إفلاسها، وعدم قدرة الموظفين والعمال على سداد ديونهم المستحقة لدى البنوك، وغياب أي يقين بشأن مستقبل الاقتصاد بشكل عام.

ويقول محللون أتراك إن الغضب الشعبي لا يبدو ظاهرا للعيان، على غرار احتجاجات تقسيم عام 2013، إذ أدت سيطرة أردوغان المتزايدة على النظام القضائي ووسائل الإعلام إلى قمع التحركات الشعبية من المنبع قبل أن تتحول إلى تهديد، كما لم يعتد الأتراك منذ زمن على “اليد الثقيلة” للنظام الرئاسي، الذي خلق مركزية غير مسبوقة في عملية صنع القرار، جعلت النظام أكثر مرونة في التحرك واحتواء أي حراك مبكرا.

لكن يبدو أن نار الغضب مستعرة تحت الرماد.

ويتركز الغضب بشكل أساسي بين العمال من أصحاب الأجور المنخفضة والمتوسطة. وينصب هذا الغضب على الارتفاع المفاجئ في الأسعار، في وقت لا يقابله على الجانب الآخر زيادة موازية في الأجور تمكنهم من تحمل مستويات التضخم العالية لفترات طويلة.

وكسرت معدلات التضخم في شهر أغسطس الماضي حاجز 18 بالمئة على أساس سنوي. ومن المتوقع أن يجتاز التضخم حاجز 20 بالمئة مع نهاية العام الحالي.

ومع ارتفاع الأسعار، لا يستطيع الأتراك مجاراة الواقع الصعب. فمن بين 19 مليونا، يمثلون حوالي 70 بالمئة من إجمالي القوة العاملة في البلد، ثمة 3 ملايين فقط يتمتعون بنظام رواتب يتناسب طرديا مع حجم التضخم، بالإضافة إلى 10 ملايين آخرين يحصلون على رواتب تقاعد. ولا ينطبق النظام نفسه على الـ16 مليونا المتبقين، رغم انتماء مليون منهم إلى نقابات واتحادات عمالية تحاول توفير موارد لمساعدتهم على مواجهة الأعباء الاقتصادية غير المسبوقة التي تسببت بها الأزمة.

وإضافة إلى ذلك، ما زال أكثر من 60 بالمئة من القوة العاملة يحصلون على الحدّ الأدنى للأجور، وهو 1600 ليرة تركية، وفقا للمعهد التركي للإحصاء (حكومي). ويعادل هذا الراتب 246 دولارا وفق متوسط سعر الليرة الحالي مقابل الدولار وهو 6.5، وهو ما يعني انخفاضا بنسبة 42 بالمئة في الراتب عن 426 دولارا مع مطلع العام الحالي.

ويخشى الرئيس التركي من أن يؤثر هذا الواقع بشكل جذري على قواعده الشعبية التي يعتمد عليها بشكل كبير في دعمه لإثبات أن النظام الرئاسي الجديد، الذي دخل حيز التطبيق منذ أشهر، كان خيارا سليما لتركيا.

العرب