بعد اختتام مؤتمر دافوس العالمي اعماله التي استمرت ثلاثة ايام في منطقة البحر الميت في الاردن ، لابد لنا من طرح بعض التساؤلات حول الدروس التي استقيناها من هذه الاجتماعات، وما الأفكار الرئيسية التي ناقشها المجتمعون، وما الخطوات التي سيتم اتخاذها مستقبلا لتنفيذ بنود الاتفاقيات؟
• المحاور الرئيسية
لقد كان القلق من الأزمات السياسية والأمنية الناتجة من الحروب والتطرف في المنطقة و خلق فرص الاستثمار والخروج من حالة الاضطراب في المنطقة و الازمة السورية و معاناة اللاجئين جميعها اهم المحاور التي تم التطرق لها خلال جلسات المنتدى حيث سعى المجتمعون إلى التوصل إلى رؤى مشتركة لوضع أسس تحد من تأثير هذه التحديات التي تشهدها المنطقة .
– مواجهة العنف والتطرف
اجمع المشاركون في اعمال المنتدى ان خطر تنظيم الدولة”داعش” ، على رأس الطروحات الأمنية والسياسية والمخاطر الأمنية المحدقة بالمنطقة والعالم محذرين من مخاطر «داعش» و الإرهاب الدولي بشكل عام .
ويرى العديد من المشاركين ان جهود مكافحة الإرهاب كانت مهمة ولكنها غير كافية لأن المشكلة ما زالت تكبر.
وناقشوا التصدي لمختلف القضايا التي تسبب وتضخم التطرف والعنف مثل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين العرب، ودور الإعلام الاجتماعي، والمعاناة المأساوية لملايين اللاجئين والنازحين في المنطقة.
وفي دعوة لتضافر الجهود بين الدول لمواجهة العنف والارهاب قال نائب الرئيس العراقي، إياد علاوي ضمن تعقيبه على ظاهرة تنظيم الدولة:” إن عنوان النصر السياسي مقترن بالنصر العسكري، ولا يتم تحقيق النصر العسكري دون التنسيق بين الدول”.
واكد علاوي ان: ” التطرف لن يختفي، والسؤال كيف نحد منه؟ لان المرحلة الحساسة تتطلب أن نحقق الانتصار ضد الخطر الأولي.. وهو التخلص من (داعش).. والسبب لما نراه في العراق هو تفكيك الدولة العراقية ووضع العراق في إطار الطائفية التي باتت تأكل الشعب ولا يمكن أن نحل الموضوع من دون وضع العراق على مسار حقيقي للمصالحة».
وتابع: «علينا أن نضع الاستراتيجية المفصلة لمواجهة داعش».
ووصف رئيس منتدى الاقتصاد العالمي كلاوس شواب التطرف « بإنه سرطان إذا لم يتم استئصاله فسينتشر في العالم». لكنه نبه إلى أن «هذه الاجتماعات يجب ألا تسيطر عليها الصورة القاتمة.. علينا أن نرى المستقبل». ولفت إلى أن «الواقع أن أكثر من ألف مشارك من 60 دولة هنا يظهرون الثقة في مستقبل هذه المنطقة».
اما المدير التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي إيسبن بارثه فقد أكد أن «هذه ظاهرة دولية تحتاج حلولا عالمية»، وأن المنتدى سيبذل المزيد من الجهود بهذا المسعى.
– الازمة السورية و معاناة اللاجئين
وفي جلسة حول «أزمة اللاجئين» في المنطقة، كشف المفوض السامي للاجئين أنتونيو غوتيريس أنه «لا توجد أموال كافية للتعامل مع التحديات التي نواجهها»، مضيفًا ان «40 بالمائة من احتياجات الناس المطلوبة لم تغط». وأكد أن «هذه أسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية.. هناك 4 ملايين لاجئ سوري مسجلون وأعداد من السوريين غير المسجلين، ينما يعاني 15 مليون نازح في العراق وسوريا».
وأشار غوتيريس الى الدول التي تعاني من أزمات اللاجئين، لافتا إلى أن ثلث الشعب اللبناني لاجئون، إما سوريون أو فلسطينيون، وأن تركيا صرفت 6 مليارات دولار من المساعدات المباشرة للاجئين. وأضاف ان تقديم المساعدة للأردن ليس عملا خيريا، بل مصلحة شخصية للدول التي تقوم بذلك لحماية المنطقة».
وطالب المدير الإقليمي للجنة الصليب والهلال الأحمر الدولية روبير مارديني المجتمع الدولي برفع معاناة كل السوريين، بغض النظر عن دينهم أو عرقهم. وقال: «هناك حاجة لاحترام قوانين الحروب الدولية»، موضحا: «رسالتي: هذه الأزمة تتعمق، وأي حل قد يحتاج إلى وقت طويل وانتظار حل سياسي، ولكن يجب احترام قوانين الحرب والمدنيين.. المجتمع الدولي، بالإضافة إلى البحث عن حل سياسي، عليه مسؤولية في الضغط على جميع الأطراف لاحترام حقوق المدنيين».
وشدد مارديني على العمل لمعالجة الأزمة الإنسانية من دون النظر إلى الأزمة السياسية فقط على أمل التوصل إلى حل بعيد الأمد. وكان هناك تصور بين الكثير من المجتمعين أن «الحل السوري بات خارج سوريا».
وقال رئيس الوزراء البريطاني السابق غوردن براون:” إن هناك مليوني طفل بين اللاجئين من دون رعاية صحية وتعليم، ومن الممكن أن يتم استغلالهم في عمالة الأطفال وغيرها من مشكلات». وأضاف انه «لا يمكن حل المشكلة من خلال المساعدات الإنسانية فقط.. بل يجب أن توجه ميزانيات المساعدات الإنسانية لهذه المشكلة»، متابعا: «نحتاج أن نقنع الدول التي تتمتع بالثروة أن تحول الأموال إلى الدول التي تحتاجها».
– الملف الاقتصاد
أما الملف الاقتصادي فقد تم تناوله من خلال ابراز دور الاقتصاد في تعزيز الاستقرار العالمي وتم تناول مواضيع الإصلاح القضائي والاقتصادي في العالم وبناء القدرات المؤسسية والقطاعات الاقتصادية المهمة التي تشمل الطاقة والسياحة وصناعة الدواء وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وقال ميروسلاف دوسيك كبير المديرين ورئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنتدى : إن الحوارات والنقاشات التي شهدها المنتدى تركزت على التحولات على مختلف الصعد التي تشهدها المنطقة منذ أربع سنوات وما نتج عنها من أسئلة حول كيفية ضمان “كرامة” جيل الشباب في ظل هذه الظروف.
وكان المشاركون في المنتدى ناقشوا على مدى ثلاثة أيام قضايا التنمية السياسية والاقتصادية والأوضاع في المنطقة خاصة في فلسطين والعراق وسورية والإصلاح في العالم العربي.
• ما جدوى الاجتماعات ؟
وحول الاوضاع المتأزمة التي تعيشها المنطقة العربية تم طرح الأسئلة التقليدية حول جدوى عقد مثل هذه المؤتمرات. وقد جاء الرد على التساؤل من الشريك في شركة «بين أند كمباني» يسار جرار الذي قال ان «هذه الاجتماعات لا تزال ضرورية لأنه في ظل المتغيرات المتسارعة في المنطقة وردود الفعل السريعة، لا بد من الحلول الاستراتيجية». وأضاف لصحيفة “الشرق الأوسط”: استثمار يومين لبحث الحلول الاستراتيجية أمر مهم جدا، خصوصا أن أهم تحديات المنطقة تحتاج إلى رؤى متحدة»، موضحا أن «توحيد الرؤى من أهم عوامل النجاح خلال هذه المرحلة، ومن المهم الرؤية الاستراتيجية لإقناع المنطقة بالشراكة بين القطاعين العام والخاص في وسط التطورات السلبية في المنطقة».
• خلاصة
حوالي الف شخصية من 50 دولة ناقشوا العديد من القضايا خلال ايام المنتدى ، وفي الوقت الذي اكدوا فيه ان تنظيم الدولة “داعش”على رأس الطروحات الأمنية والسياسية والمخاطر الأمنية المحدقة بالمنطقة والعالم غابت بعض القضايا العربية عن الطرح؛ ما دعا مؤسس المنتدى كلاوس شواب الى القول بأنه ستتم مناقشة العديد من القضايا ضمن أعمال المنتدى العام المقبل في شرم الشيخ بمصر.
عامر العمران
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية