موسكو ترد على إسقاط الطائرة بتزويد دمشق منظومة «إس 300»

موسكو ترد على إسقاط الطائرة بتزويد دمشق منظومة «إس 300»

في رد روسي قوي هدف إلى «تبريد الرؤوس الحامية» في إسرائيل بعد نحو أسبوع على إسقاط طائرة «إيل 20» قرب السواحل السورية، تعهدت موسكو تسليم النظام السوري منظومات صاروخية متقدمة، وتجهيز المراكز القيادية لقوات الدفاع الجوي السورية بنظام آلي للتحكم لا يملكه إلا الجيش الروسي، وإطلاق تشويش كهرومغناطيسي أثناء أي هجوم مستقبلي من السواحل السورية، الأمر الذي اعتبرته واشنطن «تصعيداً خطيراً»، وربطت بقاء قواتها في سورية ببقاء القوات الإيرانية، فيما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو قوله إن تسليم «إس-300» إلى «أيد غير مسؤولة يهدد أمن المنطقة».

وأعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغ نتانياهو رفضه الرواية الإسرائيلية عن حادث إسقاط الطائرة الروسية. وشدد على أن قرار موسكو بتعزيز منظومة الدفاع الجوية السورية «في محله بالنظر إلى الوضع، ويهدف إلى تجنب أي تهديد محتمل لحياة الجنود الروس». وأوضح الكرملين: «المعلومات التي قدمها عسكريون إسرائيليون عن العملية التي نفذها طيرانهم فوق سورية، لا تتوافق مع استنتاجات وزارة الدفاع الروسية، والجانب الروسي ينطلق من أن أعمال سلاح الجو الإسرائيلي كانت السبب الرئيس للكارثة».

وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو لوّح بالرد انطلاقاً من «مقتضيات الوضع» في حال عدم الامتناع عن خطوات متهورة تُعرّض عسكريينا للخطر». وبعد تجديده تحميل إسرائيل المسؤولية عن إسقاط الطائرة الروسية الإثنين الماضي، لفت إلى إن «الحادث أجبر روسيا على اتخاذ خطوات رد مناسبة بهدف تعزيز أمن عسكرييها في سورية»، موضحاً أن موسكو قررت تسليم دمشق منظومات «إس 300» القادرة على اعتراض الأهداف الجوية على مسافة تتجاوز 250 كيلومتراً. وشدد على «أننا في العام 2013، جمّدنا، بطلب من إسرائيل، خطة تسليم إس-300 إلى سورية كانت جاهزة للتصدير. الوضع تغير اليوم، وليس ذنبنا». ولفت إلى أن «العسكريين السوريين تلقوا التدريب المطلوب لتشغيلها».

وكشف شويغو أن بلاده «ستجهز المراكز القيادية لقوات الدفاع الجوي السورية بنظام آلي للتحكم موجود حصرياً لدى الجيش الروسي، ما سيضمن الإدارة المركزية للدفاعات الجوية السورية، والتعرف على الطائرات الروسية في الأجواء ورصدها». وقال إن الجيش الروسي سيطلق موجات تشويش كهرومغناطيسية في مناطق البحر المتوسط المحاذية لسواحل سورية، لمنع عمل رادارات واتصالات الأقمار الاصطناعية والطائرات أثناء أي هجوم مستقبلي على سورية. وأعرب عن أمل موسكو بأن «تبرد هذه الخطوات الرؤوس الحامية، وتدفعها إلى الامتناع عن خطوات متهورة تُعرّض عسكريينا للخطر».

وأفاد الكرملين في بيان بأن «الرئيس الروسي أبلغ نظيره السوري بشار الأسد بقرار تنفيذ عدد من التدابير بهدف توفير الأمن للعسكريين الروس في سورية وتعزيز منظومات الدفاع الجوي، بما في ذلك تسليم دمشق منظومات إس-300». كما أكد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن الخطوة «ليست موجهة ضد دول ثالثة».

ومع إشارتها إلى أن الرد الروسي كان أقوى من المتوقع، أوضحت أوساط روسية أن موسكو «لا ترغب في خصام دائم مع إسرائيل، لكنها تسعى إلى الحد من تصرفاتها وفرض قواعد ملزمة وواضحة». وربط مصدر روسي «الإجراءات بتوقعات بأن تقدم واشنطن وحلفاؤها على ضرب أهداف سورية».

وفي تل أبيب، اعتبرت أوساط إسرائيلية تزويد سورية بمنظومة «إس 300»، «رسالة شديدة اللهجة إلى إسرائيل». وكتب المراسل العسكري لموقع «يديعوت أحرونوت» رون بن يشاي أن إسرائيل تخشى أن تقيّد منظومة الصواريخ الجديدة حركة الطيران الحربي الإسرائيلي في الأجواء السوريّة. ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية إسرائيلية أن روسيا مررت في الأيام الأخيرة رسالة قاطعة الوضوح لإسرائيل تفيد بأن مهاجمة الأهداف السورية تتعارض ومصلحتها بتوطيد نظام الأسد. وتوقعت أوساط إسرائيلية بأن تطالب روسيا بتعديل التفاهمات مع إسرائيل من العام 2015 في شأن تحليق طيران الأخيرة في الأجواء السورية، مضيفة أن الرئيس الروسي قد يستغل إسقاط الطائرة لفرض «قواعد جديدة».

وتفاعلت واشنطن سريعاً مع التطور، وأبدى وزير خارجيتها مايك بومبيو قلقه من قرار موسكو تسليم منظومات «إس-300» إلى الجيش السوري. وأعرب خلال مؤتمر صحافي في نيويورك مع المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي ومستشار الأمن القومي جون بولتون، نيته عقد اجتماع مع نظيره الروسي سيرغي لافروف لبحث الموضوع، فيما حذر بولتون من تداعيات القرار الروسي الذي وصفه بـ «الخطأ الفادح» واعتبره «تصعيداً خطيراً» في المنطقة.

وفي نيويورك، حذر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان من أن المنطقة المحيطة بسورية يمكن أن تشهد «حرباً دائمة» ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي في هذا البلد.

الحياة