ترامب: حلّ الدولتين الأفضل… وعلى إسرائيل أن تبادر

ترامب: حلّ الدولتين الأفضل… وعلى إسرائيل أن تبادر

U.S. President Donald Trump looks over at Britain’s Prime Minister Theresa May while chairing a UN Security Council meeting during the 73rd session of the United Nations General Assembly at U.N. headquarters in New York, U.S., September 26, 2018. REUTERS/Carlos Barria

في تطور لافت، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تأييده حلّ الدولتين للنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، مبدياً ثقته بأن السلطة ستعود إلى طاولة المفاوضات، ومتحدثاً عن «حلمه» بالتوصل الى تسوية قبل انتهاء ولايته الأولى. لكن السلطة اعتبرت أن سياسات الولايات المتحدة «تدمّر احتمال حلّ الدولتين».

ورأس ترامب أمس جلسة لمجلس الأمن، خُصصت لمناقشة ملف منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، جدّد خلالها وصفه النظام الإيراني بأنه الراعي الأول للإرهاب في العالم، ملوّحاً بفرض عقوبات «أشدّ من أي وقت» لكبح سلوكه. لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رفض «اختزال الأزمة الإيرانية بسياسة عقوبات»، داعياً الى انتهاج «استراتيجيا بعيدة المدى لإدارتها».

واتهم الرئيس الأميركي طهران وموسكو بـ «إتاحة وحشية النظام السوري»، لكنه شكر الأطراف الثلاثة على تأجيل الهجوم على إدلب. وكان لافتاً أن ترامب انتهز الجلسة لاتهام الصين بمحاولة التدخل في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، المرتقبة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وتقويض فرص الجمهوريين.

والتقى ترامب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، وناقشا عملية السلام المجمّدة منذ قطعت السلطة الفلسطينية اتصالاتها مع إدارة الرئيس الأميركي العام الماضي، احتجاجاً على اعترافها بالقدس عاصمة للدولة العبرية، ثم نقلها السفارة الأميركية إليها.

لكن ترامب أعرب عن ثقته «بنسبة 100 في المئة»، بأن الفلسطينيين سيعودون إلى طاولة المفاوضات، مشيراً الى أنه يريد كشف خطة سلام في غضون الأشهر الاربعة المقبلة. وأعلن دعمه حلّ الدولتين، قائلاً: «أعتقد بأنه الحلّ الأنجح، هذا ما أشعر به. أعتقد بأن شيئاً ما سيحدث. يقولون إنه أصعب اتفاق. إنه حلمي بأن أتمكن من فعل ذلك قبل انتهاء ولايتي الأولى» في كانون الثاني (يناير) 2021. وأضاف: «لا أريد فعل ذلك أثناء ولايتي الثانية. سنفعل أشياء أخرى خلالها. أعتقد بتحقّق تقدّم ضخم، وبأن إسرائيل والفلسطينيين يريدون فعل شيء».

وسُئل ماذا على إسرائيل أن تتخلّى عنه، في مقابل نقل السفارة الأميركية الى القدس، فأجاب: «سحبت على الأرجح أكبر ورقة من على الطاولة، بالتالي واضح أن علينا التوصل إلى اتفاق عادل. الاتفاقات يجب أن تكون جيدة للطرفين. إسرائيل سحبت الورقة الأولى، وهي مهمة».

أما نتانياهو، فأعلن بعد لقائه ترامب أنه «لم يُفاجأ» بتفضيل الأخير حلّ، مستدركاً أن على الدولة الفلسطينية المستقبلية أن تكون منزوعة السلاح، وأن تعترف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن نتانياهو إن اسرائيل يجب أن تحتفظ بـ «السيطرة الأمنية» من غرب الاردن حتى البحر المتوسط، وهذا يشمل الضفة الغربية. واضاف: «انا مستعد لأن يكون للفلسطينيين سلطة لحكم أنفسهم، من دون أن تكون لديهم السلطة لإيذائنا».

في المقابل، شكّك السفير حسام زملط، رئيس البعثة الفلسطينية التي أغلقتها ادارة ترامب في واشنطن أخيراً، في تصريحات ترامب، قائلاً في اشارة الى المسؤولين الأميركيين: «أقوالهم تعاكس أفعالهم الواضحة تماماً والتي تدمّر احتمال حلّ الدولتين». وأضاف أن تصريحات ترامب ليست كافية لإعادة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات، لافتاً إلى اغلاق البعثة الفلسطينية في واشنطن، ووقف مئات ملايين الدولارات من المساعدات للفلسطينيين، والاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، بوصفها أدلة على أن إدارة ترامب ليست جدية في تحقيق السلام. وزاد: «كل تحرك اتخذه ترامب هو في الاتجاه المعاكس لحلّ الدولتين».

وأبدى ترامب خلال لقائه نتانياهو، اقتناعه بأن الاتحاد الاوروبي «سيحسن التصرّف» حول ايران، رغم إعداده آلية للمقايضة معها من أجل الالتفاف على العقوبات الاميركية. واستهلّ الرئيس الأميركي جلسة مجلس الأمن أمس، بالتنديد بـ «عدائية» طهران، معتبراً انها زادت «في السنوات التي تلت إبرام الاتفاق» النووي عام 2015.

وشدد على أن العقوبات الأميركية على إيران ستُطبق «في شكل كامل»، وستليها «عقوبات جديدة أكثر شدة من أي وقت، لاحتواء مجمل سلوكها السيء». ونبّه الى أن أي فرد أو كيان لا يمتثل للعقوبات «سيواجه عواقب وخيمة»، معتبراً أن «النظام الإيراني هو الراعي الأول للإرهاب في العالم، ويغذي الصراعات في المنطقة وخارجها». وتابع: «ستضمن أميركا ألا تمتلك إيران قنبلة نووية».

لكن ماكرون أكد وجوب «أن نبني معاً استراتيجيا بعيدة المدى لادارة أزمة لا يمكن ان تُختصر بسياسة عقوبات واحتواء» لإيران، مضيفاً: «لا يزال لدينا جميعاً حول هذه الطاولة هدف واحد: منع ايران من امتلاك سلاح نووي».

وجدّد دعوته الى اجراء «مفاوضات جديدة حول ايجاد اطار للاتفاق النووي، لما بعد 2025-2030، وحول تطوير ايران لدقة ترسانتها الصاروخية ومداها، والاستقرار الإقليمي»، لافتاً الى أن «دعمها الباليستي لحزب الله وللحوثيين هو تطوّر جديد ومقلق، ويجب ان يتوقف قبل ان تعمد هذه الكيانات الى زعزعة أكبر للاستقرار في منطقة متوترة».

أما رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، فرأت أن الاتفاق النووي «لا يزال افضل طريقة لمنع ايران من تطوير سلاح نووي»، وتابعت: «نحن ملتزمون الحفاظ عليه، ما دامت ايران تواصل احترام التزاماته».

وحذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من ان «انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق (النووي) يشكّل تهديداً لمعاهدة حظر الانتشار» النووي، منبّهاً الى ان عدم إنقاذه «قد يجعلنا نواجه تصعيداً للتوتر في الشرق الاوسط». اما وزير الخارجية الصيني وانغ يي، فذكّر بأن «أي اتفاق دولي ليس مثالياً».

واعتبر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن طهران مكّنت تنظيم «داعش» من الاستيلاء على أراض واسعة في سورية، واتهمها بقتل ديبلوماسيين، خصوصاً في أوروبا، ومهاجمة سفارات وتفجير باصات ومعابد. واضاف: «مشاركة إيران في مكافحة الإرهاب أمر غريب. الإيرانيون لا يحاربون الإرهاب، بل إنهم أبرز مموّل له في العالم». وسخر من اتهام طهران للرياض بالتورط بهجوم الأهواز، متحدثاً عن «تهمة سخيفة ومضحكة».

في المقابل، رجّح الرئيس الايراني حسن روحاني أن تعود الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، «عاجلاً أم آجلاً»، وزاد: «لا يمكن ان يستمر هذا الوضع». وشدد على أن بلاده ستبقى ملتزمة الاتفاق ما دام يخدم مصالحها. وتابع: «لا نرغب في خوض حرب ضد القوات الأميركية في أي مكان في المنطقة».

اما وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، فشكا من أن الولايات المتحدة «أساءت استغلال» مجلس الأمن، معتبراً أن «عزلتها تزداد». وسأل: «متى تستوعب الدرس»؟، علماً أن العملية الإيرانية سجّلت تراجعاً قياسياً جديداً في مقابل الدولار الذي بيع بـ 170 ألف ريال.

وتطرّق ترامب الى ملف كوريا الشمالية، مطالباً بتطبيق صارم للعقوبات المفروضة عليها، الى حين «نزع سلاحها النووي». واستدرك أن واشنطن وبيونغيانغ ترتبطان بـ «علاقة رائعة تتطوّر»، مؤكداً أن زعيم الدولة الستالينية كيم جونغ أون «يريد السلام والازدهار» لبلاده، ومشيراً الى انه «سيلتقيه قريباً جداً».

واتهم الرئيس الأميركي بكين بـ «محاولة التدخل» في انتخابات الكونغرس «ضد مصالح إدارتي». وزاد في اشارة الى الصينيين: «لا يريدوننا أن نفوز، لأنني أول رئيس يتحداهم في شأن التجارة». لكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي سخر من اتهامات «بلا أساس».

وأعلن ترامب أنه مستعد للقاء الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، مستدركاً أن «كل الخيارات مطروح على الطاولة بالنسبة الى فنزويلا»، بما فيها الاكثر «قوة».

على صعيد آخر، هدد ناطق باسم تنظيم «داعش» بأن هجوم الأهواز في ايران «لن يكون الأخير»، وقال في تسجيل مصوّر: «القادم أدهى وأمرّ».

الحياة