في خطوة غير مسبوقة لمسؤول أوروبي بارز، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس ترشحه لانتخابات بلدية برشلونة الإسبانية المقررة ربيع العام المقبل.
وبهذا الترشح يطوي الرجل الذي يحمل الجنسيتين الفرنسية والإسبانية أكثر من ثلاثين سنة من السياسة بفرنسا، شغل فيها مناصب كبيرة، غير أنه تعرض لهزيمة مدوية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وقد قرر فالس تقديم استقالته الأسبوع المقبل من منصبه نائبا في البرلمان الفرنسي وعضوية المجلس البلدي لمدينة إيفري بضاحية باريس.
قرار ترشح فالس في مسقط رأسه عاصمة إقليم كتالونيا أثار استنكار الطبقة السياسية خصوصا تيار اليسار، إذ وصفت منافسة فالس في الانتخابات التشريعية السابقة فريدة العمراني ترشحه لرئاسة برشلونة بأنه “خيانة لبلده فرنسا”، و”احتقار للمواطنين” الذين صوتوا له في الانتخابات البرلمانية.
وقال القيادي اليساري والمرشح السابق لانتخابات الرئاسة بونوا هامون إن “فالس من الشخصيات التي عمقت الانقسامات بين الفرنسيين، وهو يعي جيدا أن صفحته قد طويت نهائيا في فرنسا”، في حين وصف زعيم جبهة اليسار جان لوك ميلونشون رئيس الوزراء الفرنسي السابق بأنه “خصم عنيد وشخصية ألحقت الكثير من الضرر بالفرنسيين أثناء توليه زمام الحكم في البلاد”.
أحلام محطمة
ويأتي قرار رئيس فالس بعدما تحطمت أحلامه بالوصول إلى قصر الإليزيه على صخرة إيمانويل ماكرون في الانتخابات الرئاسية، كما تبخرت آماله في العودة إلى الحياة السياسية الفرنسية بعدما لفظته الطبقة السياسية اليسارية وحمّلته وزر هزيمتها التاريخية.
وشهد الحزب الاشتراكي الذي ينتمي إليه فالس انقسامات داخلية عميقة نتيجة الهزيمة النكراء التي مني بها في الانتخابات الرئاسية والتشريعية. وكان الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند قد وصف فالس “بالخائن” بعد قراره الاستقالة من رئاسة الوزراء نهاية 2016 من أجل خوض سباق الانتخابات الرئاسية.
وبعد فشل فالس في الجولة الأولى من الانتخابات التمهيدية للحزب الاشتراكي، أعلن استقالته من الحزب وحاول الالتحاق بحزب ماكرون “الجمهورية إلى الأمام”، لكنه تلقى صفعة قاسية بعدما رفض الحزب منحه التزكية لخوض غمار الانتخابات التشريعية.
شخصية منبوذة
وكشف استطلاع للرأي نشرت نتائجه يوم 30 مايو/أيار 2017 أن 54% من الفرنسيين ينبذون فالس، وحلت زعيمة الجبهة الوطنية جون ماري لوبان في المرتبة الثانية بنسبة 53%.
وشغل مانويل فالس منصب عمدة مدينة إيفري، ثم نائبا برلمانيا عن المدينة نفسها لولايتين نيابيتين. كما تولى منصب وزير الداخلية في مايو/أيار 2012 إلى أن عينه الرئيس هولاند رئيسا للوزراء في مارس/آذار 2014 بسبب شخصيته الكاريزمية ودفاعه المستميت عن إصلاحات الحكومة، وعن العلمانية الفرنسية بمفهومها المتشدد.
وعقب الهجمات الإرهابية التي هزت فرنسا عام 2015، هاجم فالس الدين الإسلامي وحمله مسؤولية الفكر المتطرف. كما كان من الشخصيات اليسارية النادرة التي دعت إلى حظر الحجاب في الجامعات الفرنسية، الأمر الذي استهجنته الجالية المسلمة بشدة.
كما أثار فالس انقساما داخل الحكومة وضمن تيار اليسار بسبب اعتماده على المقاربة الأمنية في التصدي للتهديدات الإرهابية، معتمدا على تمديد حالة الطوارئ دون العودة للبرلمان، إضافة إلى دعوته لتجريد مزدوجي الجنسية من جنسيتهم الفرنسية في حال إدانتهم بقضايا إرهاب أو أولئك العائدين من الحرب السورية.
المصدر : الجزيرة