• سوف تدعم روسيا شبكة الدفاع الجوي السورية في أعقاب فقدانها العرضي واحدة من طائراتها الاستطلاعية من طراز IL-20 في سورية.
• لن تمنع إجراءات تعزيز الدفاعات الجوية السورية إسرائيل من شن مزيد من الضربات الجوية في البلد.
• إصرار إسرائيل على الاستمرار في شن هجمات في سورية، بالإضافة إلى جهود روسيا المتصاعدة لمنعها من ذلك، ستزيد من فرص تصعيد الحرب الأهلية السورية إلى صراع أكبر.
* * *
تحاول روسيا تجنب حدوث كارثة في سورية. فبعد أن أسقطت بطارية صواريخ أرض-جو سورية بطريق الخطأ طائرة استطلاع روسية في 17 أيلول (سبتمبر) أثناء تصديها لهجوم إسرائيلي، تتحرك موسكو الآن لتأمين المجال الجوي السوري، كما هو متوقع. وقد أعلن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، يوم 24 أيلول (سبتمبر) أن بلاده ستزيد من دعمها لشبكة الدفاع الجوي السورية، على أمل منع وقوع حوادث مستقبلية و”أعمال غير مدروسة” يقوم بها “متهورين” -أي إسرائيل. لكن تصرفات روسيا لن تمنع إسرائيل من تنفيذ ضربات جوية ضد الأصول الإيرانية في سورية. وفي واقع الأمر، قد تزيد هذه التصرفات من خطر التصعيد بين إيران وإسرائيل.
في تصريحه، أوجز شويغو خطة من ثلاثة أجزاء لتعزيز الدفاعات الجوية السورية. أولاً، ستقوم روسيا بتسليم أنظمة صواريخ أرض-جو بعيدة المدى من طراز S-300 إلى القوات السورية، التي تعتمد حالياً على نظام S-200 عتيق الطراز للدفاع الجوي طويل المدى. وبعد ذلك، ستعمل على تحسين وظائف القيادة والتحكم في شبكة الدفاع الجوي السورية من أجل اكتشاف الأهداف بشكل أفضل -وتمييز الطائرات الروسية بشكل صحيح. وأخيراً، ستقوم روسيا بتكثيف استخدامها للتدابير الألكترونية المضادة، مثل أجهزة التشويش، لاعتراض عمل الطائرات المقاتلة الإسرائيلية التي تلاحق أهدافاً في سورية. ولا شك في أن هذه الخطوات ستجعل من الصعب على إسرائيل شن غارات جوية مستقبلية في سورية، لكنها لن توقف الهجمات. فباستخدام تكتيكات مثل الهجمات الصاروخية المواجهة، ونشر طائراتها المقاتلة الجديدة من طراز الشبح “ف-35″، يمكن لإسرائيل التخفيف من المخاطر المتزايدة على طياريها. وفي الواقع، أعلنت إسرائيل مسبقاً عن خططها لمواصلة ضرب الأهداف الإيرانية وحزب الله في سورية.
بينما تتمسك إسرائيل بموقفها، يكمن الخطر الآن في التهديد المتزايد من وقوع مواجهة بين قواتها والقوات الروسية في سورية. وسوف توفر زيادة المشاركة في شبكة الدفاع الجوي السورية لموسكو مزيداً من السيطرة على عمليات الدفاع الجوي السورية، للمساعدة في تقليل مخاطر استهداف الطائرات الصديقة أو المحايدة أو المدنية عن طريق الخطأ. لكنها ستضع المزيد من الجنود الروس على خط النار بين إسرائيل وسورية. وقد أوضحت إسرائيل أنها لن تتردد في إطلاق نيرانها على بطاريات صواريخ أرض-جو التي تشتبك مع طائراتها. واعتماداً على المدى الذي سينخرط به الأفراد الروس مع شبكة الدفاع الجوي السورية، فإن هذا التهديد يمكن أن يمتد إليهم.
حتى لو تمكنت روسيا من تجنب وقوع إصابات بين أفرادها في المواجهات المستقبلية بين شبكة الدفاع الجوي السورية والطائرات الإسرائيلية، فإنها يمكن أن تعاني من إحراج خطير. ويمكن أن تطلق إسرائيل وابلاً من صواريخ كروز أو الصواريخ المضادة للإشعاع لضرب بطاريات الدفاع الجوي S-300 التي تخطط روسيا لإعطائها إلى سورية. وسوف ينعكس ذلك بشكل سيء على موسكو التي لطالما روجت لقدرات أنظمة دفاعها الجوي، والتي تشكل جزءاً بارزاً من العديد من صفقات تصدير الأسلحة الروسية المربحة. وبعيداً عن استهداف بطاريات S-300 مباشرة، فإن إسرائيل قد تقوض سمعتها بمجرد مواصلة غاراتها الجوية على الرغم من وجود نظام الدفاع الجوي الروسي في سورية. (وبالطريقة نفسها، قد تفقد طائرات الشبح “ف-35” الجديدة بريقها إذا تم إسقاطها؛ (ولا يوجد سلاح منيع على التعرض للإصابة). وهناك شيء أقل احتمالاً، على الرغم من أنه خطر، هو أن تقرر روسيا ضمان نجاح إجراءات الردع التي أعلنت عنها من خلال تشغيل نظام دفاعها الجوي الخاص ضد إسرائيل.
وهكذا، قد يكون لمحاولات روسيا منع نشوب صراع أكبر في سوريا تأثير معاكس. وبالتهديد بإحباط الغارات الجوية الإسرائيلية، ستزيد موسكو فقط من خطر تحول الحرب الأهلية في سورية إلى حرب إقليمية.
الصورة الكبيرة
كانت توقعات “ستراتفور” للربع الرابع من العام 2018 قد أشارت إلى أن روسيا سوف تسعى جاهدة إلى احتواء الإجراءات الإسرائيلية ضد إيران في سورية لتجنب نشوب صراع أكبر. ومنذ أن أسقطت القوات السورية بطريق الخطأ طائرة روسية في 17 أيلول (سبتمبر) -وهو الحادث الذي ألقت دمشق باللوم فيه على إسرائيل- تعمل روسيا بجد من أجل الحد من مخاطر التصعيد الإقليمي من خلال بذل جهود مثل تحسين شبكة الدفاع الجوي السورية. غير أن محاولاتها لردع مزيد من الضربات الجوية الإسرائيلية ستفشل، كما أن تعزيزاتها لشبكة الدفاع الجوي السورية يمكن أن تؤدي إلى تفاقم النزاع بسهولة.