أعلن بيان رسمي لـ«الحرس الثوري» الإيراني، أمس، إطلاق 6 صواريخ باليستية على مواقع مسلحين شرق سوريا، حمّلتهم إيران مسؤولية الهجوم على العرض العسكري في الأحواز قبل 10 أيام.
وذكر «الحرس» في بيان نشره موقعه الإلكتروني الرسمي «سباه نيوز» أن الصواريخ استهدفت قواعد «لإرهابيين» تدعمهم الولايات المتحدة شرق سوريا. وأضاف أنها أسفرت عن مقتل عدد من قادة المسلحين وتدمير إمدادات وبنية تحتية تابعة لهم، بحسب ما نقلت «رويترز».
بحسب الرواية الرسمية الإيرانية، الصواريخ الستة «المسيّرة» أصابت مواقع ومراكز استقرار «الإرهابيين» في شرق سوريا و«قتلت كثيرا منهم». وقال «الحرس» إن الهجوم الصاروخي يأتي «انتقاما» لمقتل 25 شخصا وجرح 69 آخرين في الهجوم على عرض عسكري في الأحواز بمناسبة ذكرى الحرب بين العراق وإيران.
ونشرت وكالة «فارس» المحسوبة على «الحرس الثوري» لقطات لانطلاق عدد من الصواريخ في السماء تحت جنح الظلام. ونشرت الوكالة صورا لسحب من الدخان ونقاط مضيئة في السماء ليلا فوق تضاريس جبلية مقفرة. وذكر بيان «الحرس» أن الصواريخ في عملية «ضربة محرم» كانت إيرانية الصنع من طرازي «ذو الفقار» و«قيام» ويبلغ مداهما بين 750 كيلومترا و800 كيلومتر. وقالت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس» إن 7 طائرات درون حلقت فوق أهداف الهجوم. وبحسب وكالات «الحرس»، فإن الدرون من طراز «سيمرغ»، وهي نموذج لدرون أميركية من طراز «RQ170» ومزودة بأربعة صواريخ مسيّرة.
ولم يذكر «الحرس الثوري» بالتحديد الموقع الذي قصفه ولا من أين قصفه. لكن وكالات الأنباء التابعة لهذا الجهاز العسكري قالت إن الصواريخ أصابت محيط مدينة البوكمال الحدودية في محافظة دير الزور، وأن الصواريخ أطلقت من محافظة كرمانشاه الإيرانية وهي الطريقة نفسها التي اعتمدها التلفزيون الرسمي الإيراني.
وقال بيان «الحرس»، القوة العسكرية الموازية للجيش في إيران: «قبضتنا الحديدية جاهزة لتوجيه رد ساحق وحاسم لأي شر ومكر من الأعداء».
وقال محسن رضائي، وهو قائد سابق لـ«الحرس»، في تغريدة على «تويتر» أمس إن هناك هجمات أخرى آتية.
وأضاف رضائي، وهو سكرتير مجلس تشخيص مصلحة النظام الذي لا يتم انتخاب أعضائه ويفض النزاعات بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور: «العقاب الرئيسي في الطريق».
ولم يشأ المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي التعليق لدى سؤاله خلال مؤتمر صحافي عن وجود أي تنسيق مع موسكو ودمشق بشأن الضربة في سوريا. وأعلن تنظيم «داعش»، رسميا مسؤوليته عن الهجوم بعد نشر تسجيل يظهر 3 مهاجمين.
وأثار الهجوم قبل يوم من توجه الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة، شكوكا حول التوقيت، وفسر ناشطون الحادث بحسب اتجاهاتهم السياسية من دون تقديم وثائق تستند لمعلومات.
وكانت وسائل إعلام نسبت إلى متحدث باسم «حركة النضال العربي لتحرير الأحواز» قوله إن «المقاومة الوطنية تقف وراء الهجوم» لكنه لم ينشر دليل يثبت ذلك. وتطلق الأحزاب المناوئة لإيران على العمليات المسلحة ضد المنشآت الحكومية والعسكرية تسمية «المقاومة الوطنية» في إشارة إلى ما تعدها «مقاومة ضد الاحتلال الإيراني».
وإيران وروسيا هما الداعمتان الرئيسيتان لنظام الرئيس السوري بشار الأسد سياسيا وعسكريا. ويوجد عناصر «حرس الثورة» على الأراضي السورية بوصفهم «مستشارين عسكريين» لقوات النظام السوري.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، وجه قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري»، قاسم سليماني برقية تهنئة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي بنهاية سيطرة «داعش» بعد القضاء عليه في البوكمال آخر محطة له في سوريا.
أول من أمس وقبل إطلاق الصواريخ بساعات، نفى «الحرس الثوري» أي مواجهات بين قواته وعناصر وصفها بـ«الشريرة» في شمال غربي البلاد. وجاء بيان «قاعدة حمزة» المسؤولة عن حماية حدود كردستان رداً على بيان قال فيه «الحزب الديمقراطي الكردستاني» الإيراني المعارض بتعرض مقاره لهجوم بطائرات من دون طيار.
وقبل ساعة من أول تأكيد رسمي إيراني في قناة «خبر» الإيرانية، تداولت شبكات التواصل الاجتماعي تسجيلات تظهر إطلاق صواريخ من قاعدة «الشهداء» على بعد 15 كيلومترا في ضواحي مدينة كرمانشاه. وتظهر تسجيلات وصور لحظة تحطم صاروخ في السماء، كما نشر ناشطون تسجيلات تظهر تجمهر الإيرانيين قرب اندلاع نيران الصاروخ. وأفاد شهود عيان أيضا بأن صاروخين على الأقل تحطما بعد لحظات من تحليقهما في السماء.
ونفى محافظ كرمانشاه، هوشنك بازوند، في تصريح لوكالة «إرنا»، صحة ما تم تداوله عن تحطم صاروخين في كرمانشاه.
وهذه المرة الثانية التي تطلق فيها الوحدة الصاروخية التابعة لـ«الحرس» صواريخ باتجاه أهداف خارج الحدود الإيرانية. وفي 8 سبتمبر (أيلول) الماضي، استهدف «الحرس» مقار «الحزب الديمقراطي الكردستاني» الإيراني المعارض في قضاء كويسنجق بالقرب من أربيل، بستة صواريخ من طراز «فاتح 110» البالغ مداها 300 كيلومتر، بعدما حلقت طائرة من دون طيار فوق مقر الحزب الكردي.
وهو ثالث هجوم صاروخي لـ«الحرس الثوري» بعد إطلاق 6 صواريخ على مواقع تنظيم داعش في دير الزور عقب الهجوم على مرقد الخميني والبرلمان في 19 یونیو 2017. حینها وزع «الحرس» تسجیلا لإطلاق صاروخ «ذو الفقار» الباليستي من كرمانشاه، إضافة إلى لقطات من طائرات «درون» وثقت إصابة الصواريخ، كما نفى «الحرس» الشكوك حول مصير الصواريخ وتحطمها قبل إصابة الأهداف.
الشهر الماضي وبعد يومين من الهجوم على إقليم كردستان قال أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني: «رد فعل إيران الأخير في كردستان العراق ما هو إلا مثال على رد طهران على أي تهديد»، مشيراً إلى أن الأجهزة الإيرانية في مختلف المجالات «ستعمل على الارتقاء بقدراتها بالتناسب مع الاستراتيجية (الأميركية)».
وقال شمخاني إن «زمن الإفلات من الرد قد ولّى في الساحة الدولية، وأي إجراء عدواني ضد بلادنا سترد عليه طهران بعشرة أمثاله؛ نحن قادرون على حماية أنفسنا في كل مجال». وفسرت صحف إيرانية تحت تأثير تصريحات شمخاني بأن الهجوم رسالة للولايات المتحدة الأميركية.
وسبق الهجوم بـ24 ساعة تأكيد الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال القمة الثلاثية مع نظيريه الروسي والتركي بطهران، على ضرورة خروج القوات الأميركية من سوريا. في 11 سبتمبر الماضي، دعا رئيس الأركان الإيراني محمد باقري، إقليم كردستان العراق إلى تسليم معارضين كرد إلى بلاده أو طرد تلك الجماعات، ولوح في الوقت نفسه بمزيد من الهجمات «إذا ما هددت الأمن الإيراني». فی 13 سبتمبر، قال قائد «الحرس الثوري» محمد علي جعفري إن «ثأر (الحرس الثوري) رسالة ذات مغزى للأعداء، خصوصا الدول الكبرى المعادية التي تعتقد أنه يمكنها فرض أهدافها علينا»، مشيرا إلى أن قواته بحوزتها كمية كبيرة من الصواريخ الباليستية التي يتجاوز مداها ألفي كيلومتر وتمكنها «من مواجهة الهيمنة العالمية».
وجاء إطلاق الصواريخ على مقر «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بعد تهديد سليمانی لترمب في نهاية يوليو (تموز) الماضي، بشن حروب غير متكافئة ضد الولايات المتحدة.
الشرق الأوسط