في حادث لافت ترك الباب موارباً أمام تأويلات شتى، أعلن الجيش الإسرائيلي أمس، أن فلسطينياً يعمل في منطقة بركان الصناعية التابعة لمستوطنة في الضفة الغربية المحتلة، قَتل إسرائيلييْن وأصاب امرأة في الموقع، قبل أن يلوذ بالفرار ويبدأ الجيش بمطاردته.
وأثار الهجوم تساؤلات كثيرة عن الدوافع. فالجيش الإسرائيلي اعتبر الحادث «إرهابياً» نفذه «ذئب منفرد»، ورئيس الحكومة بنيامين نتانياهو وساسة إسرائيليون وصفوه بـ «الهجوم الإرهابي البالغ الخطورة»، والإعلام الإسرائيلي اعتبره حادث انتقام شخصي لعامل طرد من عمله أخيراً، لكن الجيش أكد أن العامل ما زال يعمل في المصنع، وإن كان متغيباً أخيراً. أما حركة «الجهاد الإسلامي»، فاعتبرته «رداً طبيعياً على جرائم الاحتلال في غزة والقدس والخان الأحمر». وفي كل الأحوال، فالهجوم جاء غداة توقيع الرئيس دونالد ترامب على قانون قد يؤدي إلى إنهاء المساعدة المالية لقوات الأمن الفلسطينية ابتداءً من العام المقبل، وبالتالي يؤثر في التنسيق الأمني مع إسرائيل.
وتقع المنطقة الصناعية في جوار مستوطنتي «بركان» و «آرئيل» قرب سلفيت شمال الضفة المحتلة. ويعمل فلسطينيون وإسرائيليون في هذه المنطقة الصناعية التي تأسست مطلع الثمانينات.
وانتشرت على الإنترنت صور من كاميرات مراقبة تظهر فلسطينياً يفر من الموقع وبيده مسدس. وصرّح مسعف كان من أول من وصلوا إلى الموقع: «عثرنا على امرأة مصابة في الجزء الأعلى من جسدها، مختبئة تحت طاولة». ونقلت المرأة (54 عاماً) إلى المستشفى وحالتها مستقرة.
وقال مدير الموقع إيران بودانيكن للقناة العاشرة في التلفزيون، إن المشتبه به دخل إلى المكاتب ليصلح مشكلة كهربائية، وأطلق النار على السكرتيرة والمدير الأول الذي كان يجلس في الجوار.
وكشف رئيس المجلس الإقليمي لمستوطنات «شمرون» يوسي داغان، أن «المستوطِنة القتيلة عُثر عليها مكبلة اليدين». وأشارت صحيفة «إسرائيل هيوم» إلى أن المستوطنة المكبلة اليدين هي المسؤولة عن الشاب في عمله. كما ذكرت القناة العبرية العاشرة أن المنفذ يعرف المنطقة جيداً وكل منافذها، وصعد إلى الطبقة الثانية حيث الإداريين، وكان هرّب السلاح عبر حقيبة كان يحملها على ظهره، ولم تفتشه قوات الأمن على رغم غيابه خلال الأسبوعين الأخيرين عن العمل.
ووصف الناطق باسم الجيش جوناثان كونريكوس، الحادث بأنه «إرهابي»، عازياً إياه الى عوامل أخرى من دون أن يخوض في تفاصيلها، وقال: «هذا ما نسميه هجوماً نفذه ذئب منفرد»، موضحاً أن المهاجم شاب فلسطيني في الثالثة والعشرين من العمر، ويسكن في ضاحية شويكة بطولكرم، واستخدم مسدساً مصنعاً يدوياً يعرف محلياً باسم «كارلو». وقالت وسائل إعلام إن اسم مطلق النار هو أشرف نعالوة.
وشهدت الأراضي المحتلة موجة هجمات في تشرين الأول (أكتوبر) 2015، لكن وتيرتها تراجعت لتتحوّل الى هجمات متفرقة يشنها أفراد فلسطينيون مستخدمين غالباً سلاحاً أبيض. ووقع الهجوم الأخير قبل أقل من شهر حين قتل فلسطيني إسرائيلياً طعناً عند تقاطع مجمع «غوش عتصيون» الاستيطاني جنوب الضفة. وبموجب القانون الدولي، تُعتبر المستوطنات غير قانونية، كما أنها عقبة كبيرة أمام السلام لأنها بنيت على أراض هي جزء من الدولة الفلسطينية المستقبلية.
ودان وزراء ومسؤولون إسرائيليون من اليمن والوسط واليسار، «الهجوم الخطير». وقال الناطق باسم الجيش أفيخاي أدرعي، إن البحث مستمر عن المهاجم، مضيفاً: «كل واحد بيجي يومو». ودعا وزير الجيش السابق موشيه يعالون، الى عدم السماح لـ «الإرهاب» بأن يرفع رأسه في الضفة. أما وزير التربية والتعليم نفتالي بينيت، فطالب باستعادة الردع، داعياً إلى عدم التسامح على الجبهات كافة أمام التوغلات اليومية الحدودية مع قطاع غزة، وأمام الطائرات الورقية المتفجرة والحارقة. وعقَّب وزير الطاقة يوفال شتاينتس بأن العملية جاءت في أعقاب التحريض على اليهود من الرئيس محمود عباس، وقال: «عباس يحاول جلب جولة أخرى من الصراع وخلق أزمة إنسانية عمداً، وأنا أرى بقلق أن ينجح عباس في وصولنا إلى حافة المواجهة العسكرية التي بالنسبة إلينا لا لزوم لها». ودعا رئيس حزب المعسكر الصهيوني آفي غاباي وقوات الأمن الى اعتقال المهاجم، فيما دعت وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني الى الاتحاد ضد «الإرهاب”.