صراع مرير يواكب قانوناً إيرانياً لمكافحة تمويل الإرهاب

صراع مرير يواكب قانوناً إيرانياً لمكافحة تمويل الإرهاب

اعتبرت طهران أن إقرار مجلس الشورى (البرلمان) مشروع قانون «تاريخياً» تنضمّ إيران بموجبه إلى معاهدة دولية لمكافحة تمويل الإرهاب، سيمكّنها من نزع «ذرائع أساسية» لرفض التعاون المالي معها، بعدما أعادت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض عقوبات عليها، إثر الانسحاب من الاتفاق النووي المُبرم عام 2015.

ويحتاج تطبيق مشروع القانون الذي عكس التصويت عليه صراعاً مريراً، مصادقة مجلس صيانة الدستور، علماً أنه أُقرّ بغالبية ضئيلة جداً، وأثار اعتراضات من محافظين رأوا فيه «خيانة»، منبّهين إلى أن المعاهدة ستقوّض قدرة إيران على دعم تنظيمات مسلحة في المنطقة، مثل «حزب الله» وحركة «حماس» وجماعة الحوثيين في اليمن.

وبعد انضمام إيران إلى معاهدة «مكافحة تمويل الإرهاب»، سيُطلب منها الامتثال لمعايير دولية حدّدتها «مجموعة العمل المالي الدولية» (فاتف)، وهي منظمة حكومية دولية تكافح غسل الأموال في العالم، وقدّمت بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 أفكاراً حول كيفية محاربة تمويل الإرهاب.

ومشروع القانون هو واحد من أربعة قدّمتها حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني، لتلبية شروط المجموعة، بعدما أمهلت طهران حتى أواخر الشهر الجاري لاستكمال إصلاحات وتشديد قوانينها لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، حضّت الدول الأربع الأخرى إيران على الانتساب إلى المجموعة، من أجل إنقاذ الاتفاق، علماً أن طهران وبيونغيانغ مدرجتان على اللائحة السوداء للمجموعة التي تتخذ باريس مقراً.

وأعلن رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني أن 143 نائباً أيّدوا مشروع القانون، فيما عارضه 120 وامتنع 5 عن التصويت، من 268 نائباً حضروا الجلسة. وأُجري التصويت في شكل سري، بطلب من معظم النواب.

وسبق التصويت نقاش محتدم، إذ حذر النائب المتشدد محمد دهقان من أن القانون يعني «تزويد العدوّ معلومات استخباراتية خلال حرب اقتصادية»، وتمريره يرقى إلى «خيانة». لكن النائب الإصلاحي محمد فيضي اعتبر أن إيران لا تملك «رفاه الاختيار»، وقد تواجه نتائج سلبية إذا رفضت الانضمام إلى المجموعة. أما النائب علي نجفي، فلفت إلى أن طهران احتفظت بحقها في الانسحاب من المعاهدة «عندما تكون ضد الدستور الإيراني»، مؤكداً أنها لا تفرض على إيران الاعتراف بإسرائيل.

واستشهد المحافظون بتصريح أدلى به المرشد علي خامنئي في حزيران (يونيو) الماضي، ورد فيه أن «لا حاجة لإيران للانضمام» إلى المعاهدة، كما أمر البرلمان بتبنّي قوانين خاصة في هذا الصدد. لكن لاريجاني أعلن انه تلقى رسالة من خامنئي، توضح أن تعليقاته كانت حول «مبدأ الاتفاقات، لا على اتفاق محدد»، وزاد: «لا أعارض فحص هذه القوانين في البرلمان لتأخذ مسارها القانوني».

وقال وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف أثناء المناقشات التي سبقت التصويت: «لا الرئيس ولا أنا يمكننا ضمان أن كل المشاكل ستُحلّ إذا انضممنا» إلى مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة تمويل الإرهاب. وأضاف: «لكن يمكنني أن أؤكد أن عدم الانضمام سيعطي الولايات المتحدة مزيداً من الذرائع لزيادة مشاكلنا».

وأشاد لاحقاً بـ «قرار تاريخي» اعتبر انه اتُخذ «بناءً على مصالح الأمّة وسيقضي على ذرائع أميركا»، كما سيمكّن موسكو وبكين من مواصلة التعامل تجارياً مع طهران.

أما رئيس مكتب الرئيس محمود واعظي، فرأى أن المصادقة على مشروع القانون «تلغي إحدى الذرائع الرئيسة لعدم التعاون المالي مع إيران في العالم»، معرباً عن أمله بأن يساهم في «استقرار السوق وخفض سعر صرف» العملات الأجنبية.

وتجمع متشددون أمام مبنى البرلمان، وهتفوا «الموت للخونة». كما رفعوا لافتات كُتب على إحداها: «يجب ألا نجرّب مرة أخرى ما آل إليه مصير الاتفاق النووي».

الحياة