واشنطن تلقي بثقلها لدفع التسوية السورية

واشنطن تلقي بثقلها لدفع التسوية السورية

بدا أمس أن اتفاقاً ضمنياً جرى بين موسكو وأنقرة لتمديد مهلة تطبيق المرحلة الثانية من اتفاق إدلب، والتي تشمل انسحاب التنظيمات «الإرهابية» من المنطقة المنزوعة السلاح وتسيير دوريات مشتركة، في وقت ألقت واشنطن بثقلها من أجل تحريك العملية السياسية المجمدة في سورية. تزامن ذلك مع إعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف توجيه دعوة إلى الرئيس بشار الأسد لزيارة روسيا والقرم.

وعشية الإحاطة التي سيقدمها الموفد الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا أمام مجلس الأمن في شأن ما وصلت اليه مفاوضات تشكيل اللجنة الدستورية السورية، وصل الموفد الأميركي إلى سورية جيمس جيفري الى تركيا ضمن جوله تقوده إلى السعودية وقطر.

واجتمع جيفري أمس مع قيادات المعارضة السورية في تركيا، وكشف مصدر مشارك في الاجتماع لـ «الحياة» أن جيفري شدد على أهداف الاستراتيجيا الأميركية في سورية، معلناً تمسك بلاده بـ «إنهاء الوجود الإيراني، إذ أن طهران تعمل ضد العملية السياسية، وتشجع الجماعات المتطرفة، وتمثل خطراً على المنطقة وليس فقط على سورية». وأضاف: «أعتقد ان هناك رؤية أميركية واضحة للعملية السياسية في سورية»، مرجحاً «وجود حوار أكثر جدية وعمقاً عن فترات سابقة بين واشنطن وموسكو في شأن الأولويات في سورية، وهناك انسجام أميركي – تركي في شأن ترتيبات المرحلة المقبلة».

وأوضح الناطق باسم الائتلاف السوري المعارض أنس العبدة لـ «الحياة»: «جرت خلال اللقاء نقاشات حول أربع نقاط رئيسة، أولاً العملية السياسية ومستجدات الوضع في إدلب، بالإضافة إلى اللجنة الدستورية، وقضية المعتقلين، ومخيم الركبان». وأضاف: «واشنطن تعتبر ان اللجنة الدستورية جزء من العملية السياسية، التي لا تتعلق فقط بصوغ دستور وإجراء انتخابات». وقال: «من الواضح ان هناك تركيزاً أميركياً أكبر في شأن الدفع بالتسوية». وأكد «أهمية أول لقاء بين جيفري والمعارضة».

وتُعقد مجلس الأمن اليوم جلسة مفتوحة تخصص لمناقشة ما وصل إليه تشكيل لجنة الدستور السوري. وأعلن الناطق باسم الخارجية الكازاخية ايبيك سمادياروف إن دي ميستورا سيقدم إحاطة أمام المجلس، بعد اجتماعاته مع ممثلي الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) ومجموعة العمل المصغرة التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والسعودية والأردن ومصر.

واستبق مرشحو المعارضة الى لجنة الدستور جلسة مجلس الأمن، بعقد اجتماع في جنيف هو الأول. وقال عضو اللجنة الدستورية فراس الخالدي إن الاجتماع عُقد لإخراج رؤية موحدة تحقق مطالب الشعب وتطلعاته في مستقبل سورية، وتكون أساساً للاتفاق السياسي. وأضاف أن آخر مهلة حُددت لتشكيل اللجنة نهاية الشهر الجاري.

وتوقع الناطق باسم هيئة التفاوض السورية يحيى العريضي ألا تكون إحاطة دي ميستورا «نهائية، وسيقدم تقريراً أعمق في وقت لاحق بعد لقاءات جديدة مع ضامني آستانة، والمجموعة المصغرة في شأن سورية المعروفة بـ 5 + 1، يخلص منها الى قرار بالاستمرار في هذه العملية من عدمه». وكشف ان هيئة التفاوض «وافقت على تلبية دعوة موسكو لزيارتها في 26 الشهر الجاري»، وقال: «نضع في عين الاعتبار اليد الطولى لموسكو في سورية، فهي التي تتحكم بمصير النظام. سنذكّرها بالتزامتها في خصوص العملية السياسية، وبالقرارات الدولية، إضافة الى ملف إدلب». وزاد: «العملية الدستورية مهمة، ونلاحظ شيئاً من الرخاوه، نريد ان نقف على حقيقة ما إن كانت روسيا جادة في العملية السياسية».

وتأتي تلك التطورات غداة انقضاء مهلة انسحاب الفصائل المصنفة «إرهابية» من المنطقة المنزوعة السلاح، من دون رصد أي انسحابات منها، فيما بدا ان الأطراف المعنية بالاتفاق الروسي – التركي مدركة أن تطبيقه يحتاج الى المزيد من الوقت.

وعلمت «الحياة» ان عدداً من التنظيمات المتشددة شكّل غرفة عمليات موحدة. وأفاد مصدر أمني معارض ان تنظيم «حراس الدين» الموالي لتنظيم «القاعدة»، استقطب عناصر الجناح الرافض لاتفاق إدلب داخل «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، وشكلوا غرفة عمليات مشتركة. ومن بين التنظيمات المنضوية في غرفة العمليات «جبهة أنصار الدين»، و»أنصار التوحيد» و»جماعة أنصار الإسلام»، و»تنظيم حراس الدين». لكن المصدر أشار لـ «الحياة» الى ان عدد عناصر تلك الجماعات لا يتجاوز المئات.

وفيما أعلن الكرملين أن اتفاق إدلب «قيد التنفيذ»، قال وزير الخارجية التركي مولودح تشاوش أوغلو: «لا يوجد أي مشكلة في سحب السلاح الثقيل، ولا يبدو أن ثمة مشكلة في انسحاب بعض المجموعات المتطرفة من هذه المنطقة». وأضاف: «بالتأكيد، إنها عملية مستمرة».

الحياة