الطريق إلى الخان الأحمر

الطريق إلى الخان الأحمر

المستوطنات تطبق على قرية الخان الأحمر الفلسطينية الصغيرة. وتقوم كفار إدوميم، وميشور إدوميم، ومعاليه إدوميم، والعديد من المستعمرات والبؤر الاستيطانية الأخرى بخنق القرية المتهدمة. وحول المستعمرات، ثمة ضواحٍ ومسطحات خضراء، مع طريق سريع، ومدرسة أنيقة، وعيادات طبية متطورة، وجميع وسائل الراحة الحديثة التي يمكن أن يتخيلها المرء. وهي تنمو بسرعة أيضاً. وقد أصبحت منطقة بلدية مستعمرة معاليه إدوميم مسبقاً أكبر من تل أبيب.
*   *   *
منذ يومين الآن، كانت إسرائيل تستثمر في البنية التحتية لقرية الخان الأحمر. بالأمس، قامت معدات وآليات ثقيلة بتجفيف مستنقع كبير من مياه الصرف الصحي التي تتدفق من المستوطنات المجاورة، معالجة في نهاية المطاف خطراً صحياً كان قد أثر على المجتمع طوال سنوات. واليوم، كانت جرارات ومداحل عملاقة تقوم بتسوية أحمال شاحنات من الرمال وتعبيد الأرض التي ما تزال رطبة. وتقوم إسرائيل ببناء طريق إلى قرية خان الأحمر، الآن بعد أن قررت تدميرها.
تبدو الحقائق على الأرض في عرض واضح تحت الشمس الصحراوية الحارقة. والبيوت في خان الأحمر إما خيام أو أكواخ من الصفيح. وليس في القرية مياه جارية، ولا كهرباء، ولا صرف صحي ولا عيادة طبية، ولا جمع للقمامة، وإلى أن ساعد الأوروبية في بناء هيكل من الإطارات المعاد تدويرها، لم تكن للأطفال مدرسة هنا. وعلى الرغم من أنها تقع على بعد ياردات قليلة من الطريق الرئيسي المفضي إلى القدس والشرق الأوسط، ليس هناك أي تقاطع هنا، ولا طريق تقود إلى المجتمع المحلي في خان الأحمر. ومنذ الاحتلال الإسرائيلي في العام 1967، بقيت قرية الخان الأحمر غير متصلة بشبكة الطرق.
يصبح المنطق الذي يرشد الأعمال الإسرائيلية واضحا منذ اللحظة التي ينظر بها المرء إلى الأفق: المستوطنات تطبق على قرية الخان الأحمر. وتقوم كفار إدوميم، وميشور إدوميم، ومعاليه إدوميم، والعديد من المستعمرات والبؤر الاستيطانية الأخرى بخنق القرية المتهدمة. وحول المستعمرات، هناك ضواح ومسطحات خضراء، مع طريق سريع، ومدرسة أنيقة، وعيادات طبية متطورة، وجميع وسائل الراحة الحديثة التي يمكن أن يتخيلها المرء. وهي تنمو بسرعة أيضاً. وقد أصبحت منطقة بلدية مستوطنة معاليه إدوميم مسبقا أكبر من منطقة تل أبيب.
وهكذا، يقف هذا المجتمع الفلسطيني، الذي قام الجيش الإسرائيلي بإخلاء أفراده في العام 1952 من أراضيهم في النقب إلى الضفة الغربية التي كانت في ذلك الوقت جزءاً من الأردن، يقف على حافة الطرد والتشريد مرة أخرى –هذه المرة إلى مكب قمامة. نعم، فقطعة الأرض التي خصصتها إسرائيل لهؤلاء الذين على وشك أن يصبحوا قريباً لاجئين مرة أخرى، تتاخم مكب نفايات ضخم، حرفياً. وتقوم الدولة أخيرا بتعبيد طريق يصل خان الآحمر بالطريق السريع، حتى تستطيع الجرافات أن تسوي المنازل، ثم تقوم الحكومة بتسليم هذه القطعة الصغيرة من الأرض إلى المستوطنين.
يبدو أن المفارقة التي يتطوي عليها المشهد تغيب عن بال الجميع: العاملون الذين يقومون بتحضير البنية التحتية للبناء، والشرطة الذين يصاحبونهم، المتلهفون لممارسة العنف، وقضاة المحكمة العليا الذين وافقوا بالإجماع وبطريقة شائنة على هذا العمل البربري، وبيروقراطيو الاحتلال الذين طالبوا في البداية بأن يقوم القرويون بتدمير منازلهم الخاصة بأيديهم، وأخيراً، السكان الفلسطينيون الذين بلا دولة ولا سبل للدفاع، ليسوا كلهم في مزاج لملاحظة المفارقة الإسرائيلية. لقد أصبحت الشاحنات والجرارات تعمل بثبات ودأب من الصباح إلى الليل. اليوم، لم تعد قرية خان الأحمر معزولة. وفي الغد، ستكون قد اختفت من الوجود.

الغد