شهدت منطقة شرق نهر الفرات أمس تأهباً لمعركة واسعة لدحر تنظيم «داعش» الإرهابي من آخر جيوبه، بعد انتكاسة تعرّض لها حلفاء واشنطن الأكراد قبل أيام. وفيما عقدت المجموعة المصغرة في شأن سورية اجتماعاً أمس في لندن حضره الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا ووفد من المعارضة السورية، تُجري موسكو ترتيبات لاستئناف اجتماعات «آستانة 11» بعد شهر. في الوقت ذاته، أعدت المعارضة السورية أمس «خريطة طريق» لتحقيق السلام تتضمن خطوات يجب اتخاذها قبل الانتخابات، وخطوط عريضة لخطة صوغ دستور جديد بعد الحرب.
وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن الجولة المقبلة من مفاوضات التسوية السورية في «آستانة» قد تنعقد أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) ومطلع كانون الأول (ديسمبر) المقبلين. كما أوضح الناطق باسم وزارة الخارجية الكازاخية أيبيك سمادياروف، أن محادثات «آستانة11» «ستستمر بصيغتها السابقة بهدف وقف الأعمال القتالية»، وقال للصحافيين: «محادثات آستانة لا تعالج القضايا السياسية بل تهدف إلى وقف الأعمال القتالية»، مشيراً إلى بدء الاستعدادات لاستضافة الجولة المقبلة من المحادثات بالتنسيق مع الدول الضامنة. وتوقع «مشاركة المعارضة في الجولة المقبلة».
واعتبر بوغدانوف أن من المبكر الحديث عن عقد مؤتمر جديد للحوار الوطني السوري، وقال: «الأمر يعتمد على استعداد الأطراف السورية ورغبتها… لذلك من المبكر الحديث عن ذلك».
وفيما قال الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، إن موسكو ستُطلع الحكومة السورية على نتائج القمة الروسية- التركية- الفرنسية- الألمانية التي استضافتها إسطنبول السبت، وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً بتعيين رئيس البعثة الديبلوماسية الروسية في الإمارات ألكسندر يفيموف سفيراً جديداً لدى سورية، خلفاً لألكسندر كينشاك.
في غضون ذلك، قال قائد في «قوات سورية الديموقراطية» (قسد)، إن قوات خاصة كردية انضمت إلى عملية هجومية ضد تنظيم «داعش» شرق الفرات، بعد استعادة التنظيم أراضي من القوات المدعومة من الولايات المتحدة في هجوم مضاد شرس.
وكان «داعش» شنّ هجوماً على «قسد» في محافظة دير الزور قرب الحدود مع العراق الجمعة الماضية، أسفر عن مقتل نحو 70 من مقاتلي «قسد». وعزا القائد في «قسد» الانتكاسة جزئياً إلى «قلة خبرة المقاتلين العرب في صفوف قواته»، موضحاً أن «المقاتلين العرب من قوات مجلس دير الزور العسكري استطاعوا التقدم في الحملة حتى مستوى محدد، لكن التنظيم يقاوم بشراسة أكبر مع اقتراب الهجوم من جيوبه الأخيرة». وأضاف أن هذا تطلّب نشر قوات خاصة من قوات حماية الشعب الكردية، و «اضطررنا إلى الاستعانة بمقاتلين محترفين من وحدات حماية الشعب والمرأة… وسيتم الاعتماد عليهم في استكمال الحملة».
وقال الناطق باسم التحالف الدولي الكولونيل شون رايان في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى وكالة «رويترز»: «هذه المعركة أخذ وعطاء في بعض الأحيان، مثل غالبية المعارك العسكرية، وقلنا منذ البداية إن هذا سيكون صراعاً صعباً». وأضاف: «داعش يستخدم مقاتلين أجانب متمرسين، وليس لديهم ما يخسرونه، وستعود قسد بدعم من التحالف، وستواصل دحر وتدمير التنظيم».
وقالت قوات «الحشد الشعبي» العراقية السبت إنها عززت صفوفها على الحدود السورية، بما في ذلك نشر بطاريات صواريخ. ونقل موقع القوات ذات الغالبية الشيعية، عن قائد بارز قوله: «الشريط السوري- العراقي كان غير مؤمن، وعندما تم تأمين جزء منه، كانت هناك جيوب، لكن العمليات النوعية قضت عليها بشكل كامل وآمن». وأكد الناطق باسم الجيش العراقي العميد يحيى رسول، أن قوات «الحشد الشعبي» التي تم دمجها بشكل رسمي في قوات الأمن في وقت سابق من العام الحالي، «عززت صفوفها على الحدود». وأضاف أن الجيش «مستعد لمواجهة أي محاولة من المتشددين لعبور الحدود».
وقال المركز الإعلامي لوزارة الداخلية العراقية، إن طائرات هليكوبتر أسقطت منشورات على القوات العراقية والقبائل تحذرهم من محاولات عناصر «داعش» عبور الحدود انسحاباً من المواجهة مع «قسد».
بموازاة ذلك، أعدت الهيئة العليا للمفاوضات، القوة المعارضة الرئيسة في سورية، إضافة إلى العديد من الجماعات الأصغر خلال دعوة من جمعية سانت ايجيديو الكاثوليكية، «خريطة طريق» لتحقيق السلام، تتضمن خطوات يجب اتخاذها قبل الانتخابات، فضلاً عن خطوط عريضة لخطة صياغة دستور جديد للبلاد بعد الحرب. وسيتم تقديم الخريطة إلى لاعبين رئيسيين في النزاع، بينهم روسيا وتركيا والاتحاد الأوروبي، خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وتدعو الوثيقة إلى تشكيل لجنة لصوغ الدستور السوري في فترة ما بعد الحرب قبل نهاية العام، «بما يمهد الطريق لانتخابات حرة ونزيهة». كما تشمل تفاصيل عن شكل الحكومة والبرلمان الجديدين، وتدعو إلى تشكيل لجنة «تعكس تركيبة البلاد»، ويتعين عليها خلال فترة تسعة أشهر إعداد الدستور، وصوغ قانون للأحزاب والانتخابات.
وتدعو «خريطة الطريق» إلى إلغاء أي «ترتيبات أو قواعد أو قانون يهدف إلى حل أو عرقلة النشاطات السياسية للمعارضة». كما تنص على أن تقوم حكومة انتقالية بتنظيم انتخابات عامة ورئاسية من خلال هيئة انتخابية تشكلها اللجنة بإشراف من الأمم المتحدة. وتدعو الوثيقة إلى «عفو عام» و «إلغاء القوانين والتشريعات والإجراءات التي تهدف إلى اضطهاد ومعاقبة المشاركين في الأحداث في سورية» منذ العام 2011، وكذلك العودة الآمنة والطوعية للاجئين.