بيروت – قالت مصادر دبلوماسية في العاصمة اللبنانية إن أمر عمليات صدر من طهران منذ أسبوع هو الذي يقف وراء العرقلة التي يفرضها حزب الله والتي تمنع تشكيل الحكومة الجديدة. وأضافت المصادر أن إيران، وقبل أيام على بدء سريان العقوبات الأميركية الجديدة، تود بعث رسائل متعددة الوجهات لتأكيد أنها تملك قرار الحل والربط في لبنان، وأن رفع الفيتو عن مسألة تأليف حكومة بيروت يجب أن يأخذ بعين الاعتبار مصالحها وأجندتها في المنطقة.
وكشفت المصادر أن معلومات متقاطعة أكدت أن الموقف الإيراني المستجد ظهر حين أعلن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في 19 أكتوبر الماضي، أن “من الواضح أن هناك تفاؤلا كبيرا وإيجابيات مهمة وتقدما مهما حصل على مستوى تشكيل الحكومة، ولكن لا ننصح أحدا بأن يضع مهلا زمنية، وهناك أمور ما زالت عالقة”.
وفيما استغرب المراقبون تحفظ نصرالله على مسألة قرب تشكيل الحكومة بعد تذليل العقدتين المسيحية والدرزية، رأت المصادر أن موقف نصرالله المستجد كشف أجندة إيرانية لم تمنح ضوءا أخضر لولادة الحكومة الجديدة.
وتجمع الأوساط السياسية اللبنانية على أن مسألة فرض مشاركة من يطلق عليهم اسم “السنة المستقلين” هي تفصيل فرضه حزب الله لتأخير تشكيل الحكومة، على الرغم من أن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري كان رفض الخوض في هذه الفكرة سابقا، والحزب لم يعد لإثارة الموضوع خلال الأشهر الأخيرة.
وتعتبر أوساط تيار المستقبل أن هؤلاء النواب قد استفادوا من مفاعيل قانون الانتخابات النسبي الذي دعمه حزب الله، وأنه تم جمعهم داخل كتلة مفتعلة في سبيل إظهارهم قوة مستقلة تنافس تيار المستقبل على تمثيل السنة في لبنان، فيما أنهم يشكلون امتدادا لحزب الله ومعروفون بموالاتهم لنظام دمشق.
ورأت مصادر نيابية لبنانية أن قرار طهران واضح في مسألة التعطيل، وأن رئيس حركة أمل نبيه بري اضطر، وفق أمر العمليات الإيراني، إلى الانضمام إلى حملة المطالبين بتوزير “سنّة 8 آذار” فاستقبل، الثلاثاء، وفدا منهم كما استقبلهم المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين خليل.
وتحدثت بعض الأنباء، الأربعاء، عن احتمال انتقال الخلاف حول هذه المسألة إلى الشارع، وتخوفت من دعوات إلى التظاهر وقطع الطرقات في بيروت وطرابلس وبعض مناطق البقاع احتجاجا على سعي حزب الله لفرض هذا الأمر وفرض هيمنته على شكل وهوية الحكومة المقبلة.
وقالت مصادر مقربة من الحريري إن رفض الأمر محسوم من قبل الرئيس المكلف وقد أبلغ رئيس الجهورية ميشال عون بذلك أثناء اجتماعهما الثلاثاء، وإن من يطالب بتمثيل السنة المتحالفين مع حزب الله بإمكانه أن يقوم بالأمر من حصة الحزب وحلفائه.
وأضافت المصادر أن تيار المستقبل مثل الشيعة المعارضين لحزب الله من حصته ولم يطالب الثنائية الشيعية بأن تقوم بذلك.
ويقول مراقبون إن طهران وحزب الله يشعران بقدوم مرحلة ينكفئ فيها حضورهما في المنطقة، وإن ما يتم تداوله بشأن سوريا يستهدف النفوذ الإيراني كما يستشرف جلاء كاملا لقوات حزب الله.
ويضيف هؤلاء أن طهران تبلغت بتحرك إيراني في اليمن لعزل التسوية اليمنية عن أي أجندة إيرانية. ويخلص هؤلاء إلى أن الساحة اللبنانية باتت الوحيدة المستباحة التي تسعى طهران لتأكيد حضورها داخل نظامها السياسي.
ويرجح المراقبون أن تكون للحزب رهانات تتعلق بالانتخابات النصفية الأميركية وبتطورات قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وأنه يسعى لشراء الوقت على أمل أن تتوفر مستجدات تحسّن وضعه الإقليمي واللبناني معا.
ونقل عن مقربين من قصر بعبدا أن الرئيس عون، الذي يحتفل بالعام الثاني من عهده، قد فوجئ بموقف حزب الله وأن أوساطه تشعر أن الأمر لا يستهدف الحريري وحده، بل إن الضغوط التي تمارس على عون لاجتراح مخارج من حصته في الحكومة، تستهدف النيل من الحصة الإجمالية لتياره التي يتخوف حزب الله من أن يصبح حجمها خارج سيطرته.
العرب