يشهد الكنيست الإسرائيلي طفرة في ولادة القوانين المعادية للفلسطينيين، مع مصادقته أول من أمس، على مشروعَي قانونين يستهدفان الأسرى و»الثقافة غير الموالية»، وعزمه على إقرار ثالث ينزل عقوبة الإعدام في حق منفّذي عمليات ضد إسرائيليين.
وصادق الكنيست أول من أمس، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون «الولاء في الثقافة» الذي بادرت إلى طرحه وزيرة الرياضة والثقافة ميري ريغيف، بدعم من وزير المال موشي كحلون، ويهدف إلى منع الميزانيات عن هيئات ومؤسسات ثقافية «ترفض الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية وديموقراطية، أو تحرّض على العنصرية والعنف والإرهاب، أو تدعم الكفاح المسلح، أو تعتبر يوم الاستقلال يوم حداد، أو تحقّر العلم الإسرائيلي ورموز الدولة». وسيُحال المشروع على لجنة التربية والثقافة التابعة للكنيست، لمواصلة الدفع به لإقراره بالقراءتين الثانية والثالثة كي يصبح من «القوانين الأساس» ويدخل حيز التنفيذ.
وفي الجلسة نفسها، أقر البرلمان الإسرائيلي بالقراءتين الثانية والثالثة، قانون الإفراج المبكر عن مساجين، بهدف خفض الاكتظاظ في السجون بعد قرار المحكمة العليا في هذا الشأن، لكن القانون يستثني الأسرى «الأمنيين» الفلسطينيين الذين أُدينوا في محاكم عسكرية في الضفة الغربية أو بمخالفات أمنية، بل يلغي أيضاً إمكان حصولهم على إفراج إداري قبل بضعة أسابيع من انتهاء محكوميتهم، أسوة بباقي السجناء.
ومن المتوقع أن يدخل القانون الذي صُدق عليه بغالبية 53 صوتاً مقابل تسعة من أصل 120، حيز التنفيذ في 20 كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
في السياق، يناقش الكنيست الأسبوع المقبل مشروع قانون يسهّل الحكم بإعدام فلسطينيين نفّذوا هجمات ضد إسرائيليين، وفق ما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني القومي المتطرف، الذي تقدّم بالمشروع.
وكتب ليبرمان في تغريدة على موقع «تويتر» أمس: «بعد ثلاث سنوات من الصراع الحاد، ستتم في النهاية إحالة مشروع قانون عقوبة الإعدام على إرهابيين إلى لجنة القانون والتشريع لدرسه الأربعاء» المقبل، ثم «سيتم طرحه للقراءة الأولى في الكنيست بكامل هيئتها». وتابع: «بعد ذلك، لن نتراجع أو نتوقف حتى ننتهي من المهمة».
وينص مشروع القانون الذي يدعمه رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، ونددت به السلطة الفلسطينية بوصفه «دعوة إلى الإبادة»، على أن في إمكان المحاكم العسكرية فرض عقوبة الإعدام على «الجرائم الإرهابية» في حال وافقت عليها غالبية القضاة، وليس بإجماع القضاة الثلاثة كما كان ينص عليه سابقاً.
لكن وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتز الذي يعتبر مقرباً من نتانياهو، حذّر من أن المشروع «مدمّر لصورة إسرائيل». وكتب على «تويتر»: «لن تكون هناك يوماً عقوبة إعدام للإرهابيين، هذه مجرد سياسة»، مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية كافة، بدءاً بالجيش وجهاز الأمن الداخلي «شين بيت»، تعتبر أنها لن تخدم مكافحة الإرهاب، بل ستعطي نتائج عكسية.
واعتبرت الحكومة الفلسطينية موافقة نتانياهو على مشروع القانون «بمثابة دعوة علنية إلى التحريض على القتل والإعدام، وتنفيذ المذابح في حق أبناء شعبنا الفلسطيني». وحمّلت الحكومة الإسرائيلية تبعات القرار، مشيرة إلى أنه يتضمن «مخالفة واضحة وخرقاً للقوانين والشرائع الدولية والإنسانية كافة».
وأعلنت مؤسسة فلسطينية حقوقية أنها ستبدأ حملة ضغط خصوصاً في أوروبا من أجل منع إقرار هذا القانون. وقال مدير «الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان» عمار الدويك لوكالة «فرانس برس» إن «المشروع المذكور يُطرح مع كل دورة انتخابية في إسرائيل، يطرحونه ولا يقرّونه»، لكن ما يختلف هذه المرة هو «أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يؤيد المشروع بقوة، ما يدعو إلى التخوف من أن يتم إقراره بالفعل». وأكد أن «الهيئة بدأت الإعداد لتحرك مع ائتلافات دولية تعارض عقوبة الإعدام، وتحديداً في دول الاتحاد الأوروبي التي تعارض هذه العقوبة أصلاً».
محاولة طعن
ميدانياً، شهدت الضفة الغربية المحتلة في اليومين الماضيين، «محاولتيْ طعن» أقدم عليهما فلسطينيان ضد جنود إسرائيليين، وفق ما أفاد جيش الاحتلال، في وقت حذّر رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي «شاباك» نداف أرغمان، من أن الوضع «قد ينفجر في أي لحظة».
وقالت ناطقة باسم شرطة الاحتلال أمس، إن «عناصر شرطة الحدود الإسرائيلية قاموا بإطلاق النار على إرهابية وشل حركتها بعدما حاولت طعن أحد العناصر قرب محطة وقود (مستوطنة) كفار أدوميم» الواقعة شرق القدس، ما أدى إلى جرح الفلسطينية البالغة من العمر 37 سنة، وهي من سكان مدينة يطا جنوب مدينة الخليل.
وتأتي هذه العملية غداة محاولة فلسطيني طعن جندي ومدنيين إسرائيليين عند مدخل مستوطنة «كريات أربع»، وبعد أسبوعين من مقتل آخر برصاص الاحتلال إثر مهاجمته جندياً قرب الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل.
واعتبر أرغمان أمس، أن الوضع في الضفة الغربية «قد ينفجر في أي لحظة». وقال في حديث أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست لاستعراض الوضع الأمني، إن «الهدوء الحالي في الضفة الغربية وقطاع غزة مضلل ومخادع، خصوصاً في الضفة الغربية التي تشهد هدوءاً نسبياً، لكن الوضع قد ينفجر في أي لحظة».
واتهم أرغمان حركة «حماس» بأنها «تحاول بكل قوة تنفيذ هجمات من الضفة الغربية بهدف زعزعة الاستقرار». وقال: «فوق السطح يمكننا أن نرى الهدوء النسبي، لكن تحت السطح هناك محاولات لتنفيذ هجمات من حماس بتوجيه من قياداتها في غزة ولبنان وتركيا».
الحياة