يشهد قطاع غزة تصعيدا خطيرا بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل على خلفية العملية التي قامت بها وحدة خاصة إسرائيلية داخل القطاع وتحديدا في منطقة خان يونس، ليلة الأحد والتي انتهت باشتباكات تسبّبت في مقتل 7 فلسطينيين بينهم 6 من كتائب عزالدين القسام، وعنصر من ألوية الناصر صلاح الدين.
كما أسفر الاشتباك عن مقتل ضابط إسرائيلي برتبة مقدم وإصابة آخر بجراح متوسطة.
وصعّدت الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها حركة حماس من ردها على العملية بشن هجمات صاروخية، منذ عصر الاثنين استهدفت المستوطنات المحاذية لغلاف غزة ما تسبب في إصابات مباشرة في صفوف المستوطنين، بلغت سبعة، وفق تقارير إخبارية.
وأكد متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إطلاق حوالي 200 قذيفة صاروخية من قطاع غزة باتجاه المستوطنات، مشيرا إلى أن “القبة الحديدية” اعترضت 60 منها.
وذكر المتحدث أن صاروخا أُطلق من غزة أصاب بناية سكنية في عسقلان، فيما تعرضت حافلة لإصابة مباشرة جراء قذيفة ما أسفر عن إصابة أحد الإسرائيليين بجروح خطيرة.
وفي رد على الهجمات الصاروخية للفصائل قامت إسرائيل بشن العديد من الضربات الجوية في القطاع، ما أدى إلى مقتل ثلاثة فلسطينيين وإصابة آخرين.
ويهدد هذا التصعيد الجاري في القطاع بنسف جهود التهدئة التي ترعاها مصر بدعم من الأمم المتحدة والتي قطعت أشواطا متقدمة بين حماس وإسرائيل. ويلفّ الغموض طبيعة العملية التي قامت بها وحدة إسرائيلية خاصة في عمق قطاع غزة، حيث رفض الجيش الإسرائيلي الإفصاح عن تفاصيلها، واقتصر تصريح رئيس الأركان غادي أيزنكوت، الاثنين، على أن الوحدة الخاصة “نفذت عملية ذات أهمية كبيرة لأمن إسرائيل”، فيما ذكر المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي أن العملية “لم تكن تهدف لتنفيذ عملية اختطاف أو اغتيال”.
ويرى محللون أن العملية على ما يبدو كانت تكتسي أهمية كبرى وكان يراد أن تتم بصمت شديد وربما كان الهدف الأساس منها خلق بلبلة داخل الجبهة الفلسطينية.
وقالت كتائب القسام، في وقت سابق الاثنين، إن عملية التوغل الإسرائيلية لم تكن تستهدف اغتيال القيادي العسكري نورالدين بركة (أحد قتلى الاشتباكات)، كما راج، بل تنفيذ “مخطط عدواني كبير استهدف خلط الأوراق”، دون الكشف عن ماهيته.
واضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى قطع زيارته إلى فرنسا والعودة إلى إسرائيل، لمتابعة تداعيات فشل هذه العملية.
واعتبر المحلل السياسي حسام الدجني أن “سيناريو الاغتيال ربما يكون مستبعدا في هذه العملية”. ورجّح الدجني السيناريو الأمني، قائلا “ربما تكون قوة دخلت لتفحص طبيعة جهوزية المقاومة في حال تم تنفيذ عمليات إسرائيلية داخل القطاع”.
وأوضح الدجني أن نقص المعلومات يجعل من الصعب الجزم بطبيعة أي من السيناريوهات، مشيرا إلى أن حادث الاشتباك “قد يكون وقع جرّاء حدث ميداني غير مخطط له وقد يكون مخططا له”.
ويلفت إلى أن إسرائيل في كافة السيناريوهات كانت تهدف إلى تنفيذ عملية صامتة في غزة من خلال عدم ترك أي أثر يشير إليها، من أجل إرباك وحدة الصف الفلسطيني الداخلي.
وتثير العملية قلقا دوليا من انهيار جهود تثبيت التهدئة بين الفصائل في غزة وإسرائيل. والتي كان من ثمارها إدخال قطر 15 مليون دولار عبر إسرائيل لدفع رواتب موظفي القطاع. وقالت حماس إن أفعال إسرائيل توجه صفعة للجهود المصرية والقطرية وجهود الأمم المتحدة للوساطة في وقف لإطلاق نار طويل الأمد بين الحركة وإسرائيل وتخفيف الحصار الإسرائيلي الذي عمّق المصاعب الاقتصادية في غزة.
وأعربت وزارة الخارجية الروسية عن قلق موسكو العميق إزاء تصعيد التوتر بين قطاع غزة وإسرائيل، داعية الطرفين إلى العودة على الفور إلى نظام وقف إطلاق النار.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد أبدى اهتماما كبيرا بهذه التهدئة وترسيخا في وقت أصرّ فيه وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان على موقفه بتوجيه ضربة قوية لحركة حماس.
وقال روني شاكيد، المحلل في صحيفة “يديعوت أحرونوت” واسعة النطاق “إن التحليلات التي تروّج إلى أن ليبرمان استغل وجود نتنياهو خارج البلاد لتوجيه ضربة لحماس هو كلام فارغ، نتنياهو قوي جدا وقرارات توجيه الضربات لا تتخذ من وزير الدفاع لوحده”.