حشود إيرانية تنافس النفوذ التركي شمال حلب

حشود إيرانية تنافس النفوذ التركي شمال حلب

بدا أمس أن مؤشرات الصراع على الشمال السوري بما فيه الضفة الشرقية لنهر الفرات تتعزز، تمهيداً لترتيبات جديدة لهذه المنطقة التي تتقاسم السيطرة عليها فصائل معارضة والكرد.

وفيما اختار الكرد في سورية اتجاهات متباينة لتثبيت نفوذهم شرق الفرات، عبر إنهاء وجود تنظيم «داعش»، والتوصل إلى تفاهمات مع الولايات المتحدة تلجم التصعيد التركي في الشمال، باشروا محاولات لزيادة تمثيلهم في اللجنة الدستورية السورية، وهي خطوة لقيت أخيراً قبولاً روسياً. في المقابل سُجلت أمس محاولة طهران استغلال التوتر بين الأكراد وأنقرة لزيادة نفوذها في الشمال السوري، في ظل معلومات عن حشود إيرانية في ريف حلب الشمالي. وتأتي هذه التطورات قبل قمة تجمع الإثنين المقبل الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في إسطنبول، وقبل أيام من مغادرة الموفد الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا منصبه، كما تتزامن مع ترتيبات لقمة الدول الضامنة لـ «آستانة» والتي تستضيفها روسيا نهاية الشهر.

وكان «المرصد السوري لحقوق الانسان» كشف أمس حشوداً إيرانية وأخرى لقوات نظامية وصلت إلى خط التماس مع فصائل المعارضة الموالية لأنقرة في منطقة تل رفعت في ريف حلب الشمالي، ما اعتبره معارضون «رسالة إلى أنقرة أكثر منه تحضيراً لعمل عسكري». وقال لـ «الحياة» مصدر قيادي في «الجيش الحر»، إن «الشريط الشمالي في سورية بات ساحة لتوجيه الرسائل بين الأطراف المؤثرة، خصوصاً روسيا وتركيا». وقلل من «أهمية الحشود وتداعياتها على الوضع في إدلب»، لكنه لم يستبعد أن تكون التحركات الإيرانية في شمال حلب «رسالة إلى الجانب التركي مع ازدياد الحديث عن عملية عسكرية ضد الأكراد». وزاد: «لا يمكن أن نسقط من حساباتنا أن روسيا غير مرتاحة من التقارب التركي- الأميركي في ملف مدينة منبج، وترغب في اتفاقات مع الأتراك تشمل كل المناطق الحدودية وشرق الفرات». ورأى أن «إيران تواصل حشودها في المناطق الجنوبية الشرقية والجنوبية الغربية من حلب لتؤكد أنها باقية كقوة أساسية في سورية، وهو ما تفعله أيضاً على الضفة الغربية للفرات».

ومن دمشق، ورغم استمرار عدم السماح لأهالي بلدة داريا (جنوب غربي العاصمة) بالعودة إلى منازلهم بعد أكثر من عامين من اتفاق مصالحة أفضى إلى خروج المسلحين من المدينة، نشرت وكالة «فارس» الإيرانية صوراً تظهر زواراً إيرانيين في رحلة إلى موقع ديني برفقة مقاتلين من النظام السوري. وأظهرت الصور دماراً واسعاً في المكان الذي شهد حتى آب (أغسطس) 2016 حصاراً استمر أربع سنوات.

وفي سياق آخر، رفض أكراد سورية تصريحات لنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف على هامش مؤتمر باليرمو حول ليبيا، قال فيها إن «المنطق الصحيح هو تضمين الأكراد في تشكيل لجنة الدستور وليس إبعادهم، وبالتالي تغذية المشاعر الانفصالية». لكنه لفت إلى أن «لدى الأكراد للأسف اتجاهات كثيرة. بعضهم موجود في هيئة التفاوض السورية، وهناك حزب الاتحاد الديموقراطي وقوات سورية الديموقراطية (قسد) التي تسيطر على أجزاء كبيرة بدعم من الولايات المتحدة».

وقال مستشار الرئاسة المشتركة في حزب الاتحاد الديموقراطي سيهانوك ديبو: «كان الأجدى ببوغدانوف القول إن فريقاً سياسياً كردياً يضم مجموعة أحزاب استُبعد من حضور الاجتماعات حول سورية لسبع سنوات بتواطؤ من الجميع». وطالب موسكو بـ «تصحيح الخطايا المرتكبة في حق شعب سورية، والكرد منهم خصوصاً».

واستغرب عضو الهيئة السياسية في الائتلاف السوري، عن المجلس الوطني الكردي المعارض حواس خليل، التصريحات الروسية وقال لـ «الحياة»: «إذا تتبعنا مسيرة الحركة الكردية في سورية منذ نشأتها لن نرى أي مطلب انفصالي». ورأى أن «حجج الانفصال وغيرها كلها مبررات للتهرب من المطالب المحقة لهذا الشعب المغبون منذ عشرات السنين، ونتطلع إلى حل هذه القضية سياسياً ودستورياً كجزء لا يتجزأ من القضية السورية».

إلى ذلك، حذر رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي من أن مئات من عناصر تنظيم «داعش» في دير الزور (شرق سورية) يحاولون دخول العراق عبر الحدود. وقال إن هؤلاء يسعون إلى استعادة السيطرة على الأراضي التي كانوا يحكمون قبضتهم عليها على الجانب العراقي أثناء سيطرة «داعش» التي امتدت من شرق سورية إلى شمال العراق. وأضاف خلال مؤتمر صحافي: «القوات العراقية تنفذ واجباتها لإفشال محاولات داعش لاختراق الحدود».