وكأن التاريخ يكرر مآسيه على اللاجئين الفلسطينيين في سوريا؛ فبعد أن حطوا الرحال في مخيم اليرموك (جنوب العاصمة دمشق)، تكررت اليوم رحلة نزوحهم وشتاتهم جراء الحملة العسكرية لقوات النظام وروسيا، فمنهم من لجأ إلى العاصمة دمشق وريفها، ومنهم من هُجر إلى الشمال الخاضع لسيطرة المعارضة المسلحة.
وأعلن النظام على لسان نائب وزير خارجيته فيصل المقداد أن الحكومة لا تمانع عودة الفلسطينيين لمخيم اليرموك، وأن هناك خطة لتنظيم عودتهم جميعا، وأنه لا مانع أن يكون هناك دور للسلطة الفلسطينية أو وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في إعادة إعمار مخيم اليرموك.
وبينما لم يحدد النظام سقفا زمنيا للانتهاء من عمليات إزالة الأنقاض وتفعيل الخدمات وعودة الأهالي، قالت لجنة الإشراف على إزالة الأنقاض من مخيم اليرموك إن حجم الأبنية المدمرة بشكل كامل بلغ نحو 20%، أما البقية إما صالحة للسكن أو بحاجة لإصلاحات وترميم.
ورحبت “أونروا” بقرار النظام السماح بعودة اللاجئين إلى مخيم اليرموك، مشيرة إلى أن 32 منشأة مدمرة بالكامل في المخيم، من بينها 16 مدرسة.
وقال المتحدث الرسمي لأونروا سامي مشعشع في تصريح خاصللجزيرة نت إن قرار النظام مهم جدا للاجئين الفلسطينيين في سوريا، ومرحب به، وسبقته إشارات واضحة إيجابية”.
وأضاف مشعشع أن “أونروا لم تدخل مخيم اليرموك بعد، لأن ذلك يحتاج موافقة من الحكومة، ولأن عمليات إزالة الأنقاض ما زالت جارية، ومن الممكن أن تكون هناك مواد متفجرة، والجهات المختصة تجري عمليات المسح”.
طوق حول المخيم
من جهتها، أكدت مصادر محلية من أهالي مخيم اليرموك أن قوات النظام والفروع الأمنية ما زالت تفرض طوقا حول مخيم اليرموك، وتمنع الأهالي من الدخول والعودة إلى منازلهم، وترميم ما تضرر منها، وتمنعهم حتى من الدخول لتفقدها إلا بموجب الحصول على موافقة أمنية بموجب أوراق ثبوتية تؤكد أن مقدمها من سكان المخيم، وأن لديه ممتلكات داخله ليتمكنوا من الدخول وتفقدها لساعات فقط.
ويقول محمد شعبان -وهو أحد اللاجئين الفلسطينيين في المخيم- “حاولت مرات عديدة الدخول إلى المخيم، ولكن حواجز النظام منعتنا لعدم حصولنا على موافقة أمنية من الصعب الحصول عليها، لأن كل أوراقي الثبوتية لمنزلي وأملاكي لم أتمكن من إخراجها معي سابقا”.
وأضاف شعبان أن “حواجز النظام في كل مرة كانت تطردنا بطريقة مهينة، والحجة أن الأوضاع الأمنية بالداخل لم تستقر، وأن أعمال الصيانة ما زالت جارية”.
يذكر أن مخيم اليرموك -الذي تأسس عام 1957 للفلسطينيين الذين تركوا أراضيهم بعيد إعلان إسرائيل دولتها عام 1948 وتحول على مدار سنوات إلى حي سكني في دمشق- يقطنه فلسطينيون وسوريون أيضا.
وشهد المخيم عمليات عسكرية واسعة، وحصارا مطبقا من قبل النظام وحلفائه؛ مما أودى بحياة المئات من أهله جراء القصف والمعارك والجوع ونقص الخدمات الطبية.