تركيا ترد على تهميشها في باليرمو بمحاولة إشعال حرب في طرابلس

تركيا ترد على تهميشها في باليرمو بمحاولة إشعال حرب في طرابلس

لم تنتظر أنقرة كثيرا لترد على التهميش الذي تعرضت له خلال مؤتمر باليرمو، عن طريق لواء الصمود الذي يقوده صلاح بادي المحسوب على الإسلاميين المتطرفين أحد أبرز أذرعها في المنطقة الغربية.

القاهرة- شهدت طرابلس مساء الأربعاء اشتباكات مسلحة بين ميليشيا “لواء الصمود” ويقودها صلاح بادي، مدعومة من تركيا، وميليشيا تتبع حكومة الوفاق الوطني تدعى “غنيوة”، في طريق المطار وعدة مناطق في العاصمة الليبية.

وقال مصدر ليبي لـ”العرب” إن تحركات ميليشيا صلاح بادي تهدف للتشويش على نتائج مؤتمر باليرمو الذي اختتم الثلاثاء، برعاية الحكومة الإيطالية، وزيادة حدة التوتر، وأن المسألة لا تزال صعبة، والتهميش الذي تعرضت له الكتائب المسلحة والدول التي ترعاها سوف تكون له عواقب وخيمة على أي جهة ترمي إلى توفير الأمن
والاستقرار.

وأكدت ميليشيا صلاح بادي في تصريح مقتضب لها عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” مساء الأربعاء، سيطرتها على عدة مناطق قرب مطار طرابلس الدولي.

ويرى البعض من المراقبين أن التحركات العسكرية في طرابلس، تعد أول ردة فعل سلبي من جانب تركيا على طريقة التعامل معها في مؤتمر باليرمو ما أدى إلى انسحاب ممثلها، وتهدف إلى إبلاغ الأطراف الإقليمية والدولية التي لعبت دورا في تهميش أنقرة، بأنها قادرة على خلط الأوراق في طرابلس، بل وإفشال اتفاق وقف إطلاق النار. ووقعت الأطراف المتحاربة بمدينة الزاوية في سبتمبر الماضي اتفاقا برعاية الأمم المتحدة، بعد أكثر من شهر من الاشتباكات.

وسبقت التحركات العسكرية التي قامت بها ميليشيا صلاح بادي في طرابلس، حملة إعلامية موجهة قادتها قنوات فضائية ليبية تبث من تركيا ضد مؤتمر باليرمو ومخرجاته، وشنت هجوما شرسا على المشير خليفة حفتر ومصر، والدول التي شاركت في القمة الأمنية المصغرة واستبعدت منها تركيا.

أنقرة تسعى إلى الحفاظ على الاستثمارات الليبية ومنع المطالبة بنحو 21 مليار دولار من الأموال الليبية المودعة في بنوكها

وقامت أنقرة بتحركات حثيثة قبيل مؤتمر باليرمو، تمثلت في عقد اجتماع بين رئيس حكومة الوفاق فايز السراج ووفد تركي في طرابلس، ثم استقبال الرئيس رجب طيب أردوغان للسراج في أنقرة.

وتدل تلك التحركات على رغبة تركية في حضور طاغ خلال المؤتمر، والعمل على سحب ملف توحيد المؤسسة العسكرية الليبية من القاهرة وتسليمه لها، لكنها أخفقت وبدت وكأنها غير مؤثرة في مفاصل الأزمة الليبية.

وأشار خالد الترجمان رئيس مجموعة العمل الوطني الليبية إلى أن التحركات العسكرية التي تقوم بها ميليشيا صلاح بادي تأتي ردا على ما حدث في باليرمو، والشعور بالغضب مما يجري في العاصمة الليبية، وارتباط بعض الميليشيات المسلحة بكتائب مسلحة في مصراتة.

وأكد لـ”العرب” أن الجانب التركي يقف وراء تحركات صلاح بادي، لإرسال إشارة إلى بعض الأطراف تقول إن “أنقرة متواجدة على المستوى السياسي والعسكري في طرابلس، والتلويح بإمكانية إشعال الأوضاع مرة أخرى”.

ولفت الترجمان، الذي سبق أن شغل منصب أمين سر المجلس الانتقالي الليبي سابقا، إلى حجم الأسلحة التركية التي كانت ترسل إلى ميليشيا صلاح بادي وكتائب مصراتة خلال أحداث 17 فبراير 2011، والطائرات القطرية والتركية التي حملت ذخائر ومعدات وسلم جزء كبير منها إلى الكتائب المسلحة.

وشدد على مغزى الزيارات المتكررة التي قام بها بادي إلى تركيا ولقاء قادة إسلاميين يقيمون في إسطنبول، لتنسيق المواقف المشتركة بين الطرفين وخدمة المشروع التركي في الهيمنة على مفاتيح الحل والعقد في ليبيا.

وعلمت “العرب” من مصادر قريبة من الملف الليبي في القاهرة، أن الولايات المتحدة وقوى إقليمية ودولية عديدة ترفض أي تحرك عسكري من جانب الميليشيات لخلط الأوراق، ووصلت رسائل صريحة ومبطنة بأهمية دعم الحل السياسي في ليبيا وفقا لخطة الأمم المتحدة.

التحركات العسكرية في طرابلس، تعد أول ردة فعل سلبي من جانب تركيا على طريقة التعامل معها في مؤتمر باليرمو ما أدى إلى انسحاب ممثلها

وأضافت أن محاولات تركيا سكب المزيد من الزيت على النار في ليبيا لن تمر بسهولة هذه المرة، ويمكن أن تتسبب لها في متاعب كثيرة مع قوى تستنكر توجهاتها في دعم الميليشيات.

وعقد المشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية اجتماعا مهما مع مستشاريه الخميس، لبحث إطلاق عملية عسكرية موسعة في الجنوب الليبي، ووضع خطة التحرك التي ستقوم بها القوات لتأمين الحدود الجنوبية ومنع تسرب الأسلحة إلى الميليشيات الناشطة في مناطق متفرقة، في مقدمتها طرابلس.

وأكد مصدر ليبي لـ”العرب” أن الجيش الليبي يسعى لوقف تدفقات الأسلحة التركية التي تدخل عبر الحدود الجنوبية إلى الميليشيات المسلحة في طرابلس ومصراتة، بعد النجاح الذي تحقق مؤخرا في قطع خطوط تمويل الجماعات المسلحة عبر البحر المتوسط، وفرض رقابة جوية وبحرية، وإجراء مسح متواصل للسواحل الليبية لمنع وصول شحنات من الأسلحة للميليشيات التي تتخذ من مصراتة مقرا رئيسيا لها.

وكشف المصدر أن تركيا من أهم الجهات التي قامت بتهريب أسلحة ومعدات للميليشيات في غرب ليبيا، ولديها شبكة تقوم بهذه المهمة، مستندة إلى علاقاتها القوية بجماعة الإخوان المسلمين، التي يقيم عدد من كبار قادتها في إسطنبول.

وتسعى أنقرة إلى توظيف هذا التيار وميليشياته لزيادة نفوذها والحفاظ على الاستثمارات الليبية في أراضيها ومنع أي حكومة مستقبلا من المطالبة بنحو 21 مليار دولار من الأموال الليبية المودعة في البنوك التركية.

العرب